ــ 1 ــ
نفس الوجوه . . . والمسخ يتملى مستغربا حياد التجاعيد. . .
و خطوات المارين تتباطأ ، تسرقها آلات الغيبوبة المألوفة ، و فوق العتبة ، أراني داخلا في بعضي ، أرقب جنين الوقت الراقد بظلام الرحم المقفل ، تأخذ الكلمات شكل ثعابين ترقص على إيقاع الرعب والفناء ، و أبصر ، تزداد شجرة البوح عريا ، و وجوه تمحو بعضهها
تجر خطاها في تماثل عجيب يطلع بالرأس .
و الذين ابتدعوا نشيد القبر لا يدرون ، تمططت سنين العتبة ، و صرت فوق دربي أرسم أسماء الاندثار المشنوقة ، تتشابك الأوهام ، تتداخل الأوشام . . و هم يرون الذي يزحف ببطء الموتى و لا يرحلون .
فهل أضع رأسي في الحكاية و أمضي و بها وجوه منفوخة تقفز فوق حيطان" الطرشة " المتآكلة. . و إذا قلتها، من يضمن لي وقف النزيف؟ من يضمن؟ !!
أسألك و أعرف عدوانيتك في طرد السؤال ، و الشاهد . . أنا ، لم يبق لي إلا الحنين إلى ما كنت وما صرت وما لم أفعل ، أما أيامكم العاقر، فتلك غصة استفهامات تتناسل لرموز قديمة نبلعها رفقة خواء الحصار.
و الحاضر مشلول ساكن ، و دخان الحرقة يعمي الأعين ، يطارد شريط الذاكرة المقطوع ، يستل من سيولة الماضي الميت ما يعلق بجدران اللحظة المهترئــة ،
و سواد أبيض كبياض العدم المحايد ، و سجائر منسية يخفي تبغها المغشوش مقامات
الخوف و الامتناع عن رؤية قعر الحفرة المترب .
فها عيني تراكم و لا تراني ، مات الأب ، و تزوجت الأم " للا خديجة " الرجل المعلول ، و في زمن قياسي ، صرنا سبعة أفواه داخل قفص ضيق طوله ثلاثة أمتار ، أي غرفة أصغر بكثير من مراحيض البنايات المعطرة ، و وجه النحس أنت لا تريد إلا مثل هذه البدايات اللعينة .
تخرج الأم في نهاية الظلام ، و في أوله تعود ، باليد اليمنى كيس بلاستيكي أسود ، و باليسرى مقابل الأتعاب ، خليط من بقيا خبز بائت و وجبات نادرة الظهور بسوق الكلب المغبر ، نتحلق حول المائدة الواطئة ، ننتظر ظهور محمولات الكيس الفاضلة ، تبتسم " للا خديجة " ، تنسى هموم اليوم المتناسخة ، و تدعو الرب ليهبها القدرة على تحمل شقاء الدور الخانزة حتى ترى أبناءها أقوياء في هذا الزمن الأعور، تشرع في إخراج المحمولات ، تلتقي العيون في النظر إلى تفاحة معطوبة أو كسرة خبز على صدرها الأعلى شقوق تفضح رائحة اللحم و ما يذبحون .
و إن شئت أن تذهب مع هدنة الاحتمالات الفورية ، ألقي بقولي . . إذا كنت ترغب في تضاريس شهرزاد الساحرة لاقتناص متعة غيبية تحلق فيها أرواح الجنيات الراغبات في سحر الفقهاء و ثعابينهم الطويلة ، و إذا كنت المريد لدليل محايد يسلك بك دروب متوالية وهمية تزعم تراتبية تقودك نحو وقائع لها عمر الضحكة الزائلة ، فذاك شأني ولي يقيني . . .
خذ المحاكمات و الهزائم و فضائح الزمن الطائش !!
هل تزعم المعرفة بنقطة البداية ؟
و ما البداية ؟! !
و تلك أسئلة الجحيم نوزعها فوق الرؤوس ، نستنكر ، تسأل نفسك عن سر تواجدنا فوق هذه الرقعة البيضاء ، و بدوري أسألك : ما جدوى الحكاية إذا كان تواطؤ الجميع على تفريغ الخواء من استنكاره المزعوم ، ما نفع الحكاية ؟ ! ! ! و أما المساحات الضيقة ، و الكوابيس المزروعة ، فتلك شباك وهم أستطيع أنصبها كلما اقتربت من هيكل الثوابت المنخور..
مقطع من رواية قيد الطبع تحت عنوان : حارس النسيان .