مناقشة : من اجل أرضية للاتحاد المغربي للزجل بصيغة الجمع
التغطية بقلم علي مفتاح
تحت شعار " أية أرضية لاي إطار " نظم المكتب التنفيذي للاتحاد المغربي للزجل مائدة مستديرة استدعي إليها خيرة النقاد و الباحثين في الحقل الزجلي المغربي محمد الراشق ،عبد الإله الرابحي ،عبد الجليل لعميري ،مصطفى لمباشري ،هذا بالاضافة الى محمد رمصيص و كذا جمال بو طيب اللذان تعذرا عنهما الحضور و المشاركة المباشرة لكن حضرت تصوراتهم لمشروع ارضية الاتحاد و ذلك من خلال أوراقهم التي ساهمت في إغناء النقاش ،و قد حضر من جانب المكتب التنفيذي للاتحاد كلا من السيد الرئيس محمد مومر و الكاتب العام علي مفتاح و أمين المال السيد عبد العزيز غالي و نائبه السيد نجيب أمين و المستشار ادريس بن العطار ،هذا بالاضافة الى الفاعل الجمعوي حسن حمي و الزجال عبد الرحيم لقلع ،و قد ترأس الاجتماع مستشار الاتحاد السيد ادريس بن العطار الذي رحب في البداية بالحضور و خاصة النقاد ضيوف الاتحاد ،و قد استهل مداخلته بتقديم مجموعة من التصورات تهم بالأساس ما يمكن أن نخرج به في اجتماعنا هذا من رؤية موحدة يلخصها وضع أرضية بشقيها التنظيمي و الأدبي،كما تطرق و هو يحاول الإجابة عن سؤال محوري : عن أي قصيدة لأي إطار ؟ موضحا على أن القصيدة الزجلية الحديثة عرفت تحولات عميقة إن على مستوى الرؤيا أو البناء العام ،لذا فقد ركز في تدخله على ضرورة أن نراعي في صياغتنا لهذه الأرضية كل هذه التحولات ،و من هنا تأتي أهمية النقد ،الذي نراهن عليه لتلمس كل هذه الأسئلة التي تطرحها القصيدة الزجلية الحديثة ،و قد أعطى الكلمة بعد ذلك للناقد عبد الإله الرابحي ،الذي اقترح بداية ان نقسم هذه الجلسة إلى محورين اثنين ،أولهما تنظيمي و الآخر إبداعي ،و بما أن الاتحاد في مرحلة التأسيس فقد ارتأى تغييب معايير اختيار القصيدة الزجلية ،و ذلك لأن التأسيس يعني ضمنيا التركيز على كل ما هو تنظيمي و الذي عبره نرتقي إلى المستوى التنظيري الإبداعي ،و لهذا فقد ركز في تدخله على الجانب التنظيمي من خلال تصور أجمله في عدة اقتراحات تهم أولا ماهية الانخراط ؟أي ماذا يمكن أن يمنحه هذا الإطار للزجال المنخرط ؟ تحديد نوعية العلاقة التي تجمع الاتحاد بمنخرطيه ؟هل يعني الانخراط الانتفاع المشترك بين المنخرط و الإطار ؟ كل هذه الأسئلة أفضت إلى الحديث عن ميزانية الانخراط و ما يمكن أن تخلقه هذه الميزانية من دينامية جمعوية ،أجملها الأستاذ الرابحي في مجموعة من الأعمال التي بإمكانها أن تعمق رؤية الاشتغال داخل الاتحاد و من ضمنها استثمار هذه الميزانية التي أحدثت من خلال الانخراط في طبع الدواوين الفردية و كذا الجماعية ،ثم إصدار مجلة فصلية توكل مهمتها للجنة مختصة ،هذا بالإضافة إلى إمكانية إصدار جريدة تهتم بالزجل المغربي و بكل قضاياه .و من جهة ثانية و في إطار حديثه و تلمسه للسؤال الذي فرض نفسه على المتحاورين عن أي قصيدة نتحدث؟ اقترح الأستاذ الرابحي أن نذهب إلى الأيام الدراسية محملين بأبحاث و دراسات نقدية على تجارب الرواد،أي الذين لهم حضور وازن،و ذلك لمناقشتها و إبراز أبعادها الجمالية و الفنية ،حتى نتلمس الطريق الموصل إلى تحديد نوعية القصيدة الزجلية التي سيمثلها هذا الإطار ،و لهذا فإنه أكد على ضرورة أن يميل الاتحاد إلى الاختيار النوعي في علاقته بطلب العضوية ،كما يجب علينا كفاعلين أن نؤمن بضرورة الإقصاء،سيما و أن الاتحاد لا يزال في مرحلة التأسيس .
ثم أعطيت الكلمة بعد ذلك إلى الباحث و الزجال محمد الراشق ،الذي ركز في مجمل تدخله على الجانب التنظيمي و الذي قد يكون حاسما في تثبيت دعائم الاتحاد كإطار وطني يمثل الزجل المغربي ،و قد ركز على ضرورة انفتاح الاتحاد على كل الفعاليات و كذا الفاعلين داخل الحقل الزجلي ،مع ضرورة منح العضوية لمستحقيها ،و ذلك عبر إحداث لجنة العضوية تتمتع بالمواصفات الأدبية الموضوعية ،و من هنا يرى الأستاذ محمد الراشق أنه على الاتحاد أن يكون مصفاة للقيمة الإبداعية للزجال ،كما ركز على الصورة الإيجابية التي بإمكان الاتحاد كإطار أن يحفرها بألوان من ذهب في علاقته بالتاريخ ،و ذلك عبر مجموعة من الأعمال التي تحفظ له خلوده و استمراريته عبر التاريخ ،و أن ترك هذه الآثار لا يأتي اعتباطيا ،لكن عبر مجموعة من التضحيات و الأعمال التي يكون وقعها و انعكاسها إيجابيا على الحقل الزجلي عامة ،و من ضمن هذا الأعمال طبع و نشر الكتب ،دواوين و أعمال نقدية ،و إحداث موقع رقمي له قيمته الأدبية .كما تحدث الأستاذ الراشق عن إمكانية إحداث " بنك للمعلومات " يكون بمثابة المرصد و الخزان ،الذي نجمع و نحفظ فيه كل ما تعلق بعمل هذا الاتحاد سواء أكان عملا تنظيميا أو أدبيا،و من شأن هذا البنك المعلوماتي أن يحفظ للزجل و لكل الفاعلين داخله ،زجالين و نقاد و فاعلين داخل هذا الإطار ، ما قدموه لهذا الجنس الأدبي ،فمهمة بنك المعلومات بالإضافة إلى ما تقدم ستكون له كذلك مهمة توثيقية ،و من جانب آخر و في مجمل إجابته عن السؤال المحوري :عن أي قصيدة زجلية لأي إطار ؟ تحدث الأستاذ الراشق عن المغزى من تحديد و حصر القصيدة الزجلية ،بحيث أننا عندما نحصر القصيدة الزجلية وفق رؤية و معايير جمالية معينة ،فإن ذلك لا يعني بالضرورة أننا نمارس الإقصاء إزاء الأشكال الكتابية الزجلية الأخرى ،هنا تأتي أهمية وجود هذا الإطار و ذلك من خلال تنظيمه لندوات و مناظرات يطرح فيها مجموع هذه الأسئلة التي تؤرق الباحث قبل الزجال في تحديد الأبعاد التصورية للقصيدة الزجلية الحديثة ،مع الوقوف على مكامن التطور ،أي التحول و الإبدالات التي عرفتها بعض التجارب الزجلية الحديثة ،كي تصل القصيدة الزجلية إلى ما وصلت إليه اليوم من رؤيا غاية في العمق ،متخذة من التأمل الفكري و الفلسفي بعدا يؤثث فضاء متخيلها الشعري ،و من هنا وجب الانتباه إلى مثل هذه الكتابات الزجلية ،و تحديدا إضافاتها النوعية ،أي تلك البصمة التي تطبع و تميز كل كتابة عن أخرى ،فالبصمة يلخصها الاختيار العميق و المتفرد للتيمة و آليات كتابتها ،و لكي يكون الإطار فاعلا في هذا الباب ،يجب الاهتمام بالشباب عن طريق تأطيرهم و توجيههم الوجهة الأدبية الصحيحة عن طريق تنظيم ورشات تنظيرية،حتى يعوا تلك الدهشة الجمالية التي لا يمكن أن يصلوا إليها دون تأطير و وعي شامل بفعل الكتابة الزجلية و ما يحمله هذا الوعي من انعكاس إيجابي على كل قادم للزجل .
ثم بعد ذلك جاءت مقاربة الأستاذ الناقد عبد الجليل العميري،الذي استهل مداخلته بطرح مجموعة من الأسئلة المنهجية تهم في مجملها الجانب التنظيمي،لماذا هذا الإطار ؟ ما الذي نريده من هذا الإطار؟ ما علاقة هذا الإطار بالمتلقي؟ ماذا يمكن أن يقدمه هذا الإطار للمتلقي؟ ما هي معالم العلاقة التي يمكن أن تجمع الإطار و المنخرط ؟ ما حدود جدلية الأخذ و العطاء التي ستجمع المنخرط بالإطار؟ فكل مجموع هذه الأسئلة سيجيب عنها الأستاذ العميري و هو يتناول بالتحليل تصوراته المقترحة عبر ثلاثية الكائن و الممكن و ما سيكون،فكان المنطلق في تحليله يرتكز بالأساس على ذلك التراكم الذي يمكن أن يخلقه الاتحاد و المتمثل في الطبع و النشر ،المجلة و الأنشطة باختلافها و تنوعها،و أن مهمة الاتحاد تكمن في تنظيم هذا التراكم،كما يجب على هذا الإطار أن يلعب دور الوسيط في طبع و نشر الدواوين،و هنا إجابة ضمنية عن سؤاله المحوري الذي تم طرحه في البداية،أي ما طبيعة العلاقة التي من الممكن أن تجمع الإطار بالزجال | المنخرط؟ و نفس التصور اقترحه فيما يخص علاقة الاتحاد بالنقد و النقاد،و ذلك للأهمية القصوى التي يحتلها النقد باعتباره صمام الأمان بالنسبة للزجل حاضرا و مستقبلا ،إذ بالنقد و ليس غيره ترتقي الأجناس الأدبية ،و هنا يأتي دور الاتحاد كوسيط بين الناقد و المتلقي عبر دعمه للدراسات النقدية و احتضانها و ذلك من خلال نشرها محليا و عربيا ،بغية تصدير هذا المنتوج الأدبي الشعبي،و الذي يعتبر ديوان المغاربة الذي يرصد ثقافته و حضارته ،فالدراسات النقدية هي الضامن الأوحد لارتقاء الزجل و انتشاره و كذا اتساع رقعة متلقيه.و للنهوض تنظيميا بالخطاب الزجلي يجب مراعاة ثلاثة أسس علمية :
1 ـ يجب النظر إلى النقد باعتباره صمام الأمان،و من هنا تكمن أهمية تأسيس تجربة علمية نقدية يلعب فيها الاتحاد دور الوسيط المشجع للإصدارات النقدية و الأبحاث العلمية،و أن ينظم مسابقات تهم الحقل النقدي لتحفيز النقاد على العطاء الفاعل و المستمر .
2 ـ العمل على دعم النشر الورقي لتحقيق و تنظيم هذا التراكم و ذلك عبر :
ـ تشجيع الديوان الأول للشباب
ـ تشجيع النشر الجماعي
ـ التنويع في النشر
3 ـ و أما الأساس الثالث الذي بتحققه يمكن النهوض تنظيميا بالخطاب الزجلي ،هو الشرط التواصلي،فالتواصل له أهميته القصوى بالنظر لما يحققه من تداول ثقافي،أي الترويج للمنتوج الأدبي، فالعمل داخل هذا الإطار سواء كان فعلا تنظيميا أو فعلا إبداعيا،فإنه يبقى ناقصا إذا لم نوفر له المعطى التواصلي،هنا يرى الأستاذ العميري ضرورة الانفتاح على وسائل الإعلام، المرئية و المسموعة،المكتوبة الواقعية و الافتراضية،فالاتحاد ملزم بان يجد لنفسه نافدة تواصلية،بتحققها نكون قد روجنا للزجل و بكل ما يتعلق به. و في ختام تدخله هذا،خلص الأستاذ العميري إلى ضرورة العمل وفق استراتيجية يراعى فيها البعد الزمني حسب الأولويات،و جدولة كل هذه التصورات و الاقتراحات حسب المدى الموضوعي المتاح ( مدى قصير ،متوسط ،طويل ) ،كما اقترح من جهة أخرى أهمية المرور إلى العمل بقانون الجهة (إقليمي ،محلي )،مع الانفتاح على إطارات أخرى من أجل شراكات،و كذا التدبير المحكم و المعقلن لكل ما هو أدبي و مالي ،و قد ختم مداخلاته بملاحظات تهم ما جاء في بعض الأوراق التي استمع إليها الإخوان و خاصة ورقة الناقد محمد رمصيص و جمال بوطيب حيث عبر الأستاذ العميري على أن الأوراق مجتمعة تنطلق من ضرورة الاعتماد على النقد ،و من هذا المنطلق يرى ضرورة أن يكون محور النقد من المحاور الحاضرة في الصياغة النهائية للأرضية ،كما أثار مسألة بلاغة الزجل و اقترح البحث عن بلاغة جديدة للزجل المغربي .
ثم تناول الكلمة بعد ذلك الزجال عبد الرحيم لقلع الذي ركز على الجانب التنظيمي و القانوني للاتحاد في علاقته أولا بالهيئة الإدارية ثم تحديد المهام و توزيعها بشكل لا يتعارض مع القانون الداخلي و الأساسي ،الحرص على جعل القانون الداخلي مستمدا بنوده من القانون الأساسي ،كما أشار إلى ضرورة الحسم في قانون العضوية لأهميته البالغة في المسار المستقبلي للاتحاد سيما علاقته النوعية بمنخرطيه .
أما مداخلة الأستاذ المصطفى المباشري فقد كانت عبارة عن ملاحظات توجيهية لجلسة النقاش ،حيث يرى أن أغلب المقترحات التي جاءت في تدخلات الإخوة هي سابقة لأوانها ،و المفروض تحديد آليات الاشتغال و التركيز أكثر على ملامسة الأسئلة الجوهرية كتساؤلنا عن الهدف من هذا الإطار ؟ و بالنسبة للنقطة التي أشار إليها بعض الإخوة المتدخلون و التي تتعلق بالتراكم ،يرى الأستاذ لمباشري أنه تراكم غير منظم ،و في بحر رده عن المعطى الزمني المحدد للقصيدة الزجلية الحديثة ،يرى الأستاذ لمباشري انه لا يجب أن نربط القصيدة الزجلية الحديثة باللحظة ،و أن حداثتها لا تعني ضمنا انتسابها للحظة الآنية.
أما مداخلة الزجال نجيب أمين فقد كانت تتمحور في مجملها حول أهمية تحديد نوعية القصيدة التي سيمثلها هذا الإطار ،و اقترح أن تأخذ الأرضية بعين الاعتبار الإجابة عن السؤال المحدد لماهية هذه القصيدة .
أما مداخلة السيد الرئيس محمد مومر ،فقد كانت لإعطاء جرد شامل لكل ما تحقق لحد اليوم ،فتكلم عن التهييء للأيام الدراسية ،الإجراءات التي قام بها المكتب التنفيذي فيما يخص طلب العضوية و كذا بعض المشاريع المستقبلية و التي نجملها في المجلة و طبع الدواوين الفردية و الجماعية .