حين يصل الطفل الطبيعي سن الثالثة، تقل حدة نوبات الغضب، و معدلات تكرارها لديه ،ليصبح أكثر قدرة في التعبير عن نفسه، و أكثر اشتغالا بأمور حياتية تشغله عن هذه التصرفات.
إلا أن الأمر لا ينطبق على الأطفال ذوي الإعاقة الذهنية، حيث يبقى الجانب اللغوي عندهم أقل تطورا ،و بالتالي فهم أقل قدرة على التعبير اللفظي عن الذات و عن ما يخالج العقل و المشاعر ،مما يبعث على القلق و ضيق الصدر و ظهور نوبات الغضب كوسيلة بديلة للتعبير عن الانفعالات و الأحاسيس.
لذلك كان من الضروري على الآباء و المعلمين و كل من يتدخل في تلقين و تعليم و تأهيل ذوي الإعاقات الذهنية، الإلمام بالطرق الصحية السليمة لمواجهة نوبات الغضب ،و كيفية التعامل معها و السيطرة عليها.
و من بين أهم الإجراءات التلقينية المتبعة في هذا المجال نذكر ما يلي:::
1---التوجيه بالرسائل الإيجابية:
و يتم بمنح الطفل رسائل إيجابية واضحة تتمحور حول السلوكات الصحيحة التي يتوقع أن تصدر من طفل طبيعي في سنه.و يجب مراعات أن لا تكون هذه الرسائل مركبة و معقدة تفوق قدراته و طاقاته الذهنية بكثير،كما يستحسن أن تتمحور حول سلوك واحد كالقول مثلا ( أنتظر منك عزيزي أن تتصرف بهدوء و لياقة عند زيارتنا لعمتك ،و أنا متيقن أنك تقدر على فعل ذلك ).
2---تخفيف الضغط النفسي بأسلوب إيجابي:
للأطفال عموما و حتى ذوي الحاجات الخاصة منهم ،قدرات عالية في تقليد الكبار و كيفية تدبيرهم لنوبات الغضب،و من هنا فإن أي سلوك عنيف للكبار أثناء لحظات الغضب قد يكون له الأثر السيئ على تصرف الأطفال ،و لذلك يحبذ تدبير لحظات الغضب للتخفيف منها بسلوك إيجابي كالقيام بنزهة أو سماع موسيقى هادئة أو الاسترخاء مثلا
3---عدم الرضوخ لغضب الطفل:
هناك اعتقاد سائد عند الأسر و في الوسط التعليمي الخاص بذوي الإعاقة الذهنية،و الذي يتمثل في تلبية فورية لنزوات الطفل قصد إسكاته و تهدئته،و هذا السلوك يعتبر سلوكا مضرا و مُجانبا للتربية السليمة،لأن الطفل سيلجأ إليه في تحقيق كل رغباته بعد ذلك و بالتالي ستصبح حياته تتمحور حول نوبات من الغضب يجني منها منفعة، كما يساهم في دوامها و ترسيخها.
4---اللجوء إلى التجاهل:
أثبتت التجارب الميدانية الكثيرة إيجابية هذا السلوك عند الأطفال الذين يعانون من الإعاقة الذهنية،و يتم ذلك بتجاهل غضب الطفل و عدم الاكتراث به مع التلميح له أنه سيحصل على ما يريد حينما يهدأ. و يجب التحلي بالصبر العظيم نظرا لحدوث ارتفاع في حدة الغضب في البداية لكن سرعان ما تظهر النتائج الحسنة.
5---التعامل مع نوبات الغضب خارج المنزل:
كثيرا ما تحدث نوبات غضب عند الأطفال ذوي الإعاقة الذهنية في الأماكن العمومية و الأسواق و المتاجر ، لما تحتويه من مؤثرات و أشياء قد يرغب فيها الطفل و تكون هذه النوبات غالبا سببا في تلبية جميع رغباته حتى الأكثر جنونا منها،و قد يدفع هذا الأمر بالآباء إلى عزل الطفل عن المجتمع و حبسه بالمنزل مخافة إزعاج الآخرين و هذا الإزعاج هو أمر وارد بشدة و على سبيل المثال فقد هبطت طائرة في الأيام الأخيرة بعد إقلاعها بدقائق و ثم إخلاء عائلة تضم فتاة تعاني من التوحد لأن الربان زعم أنها تمنعه من التركيز.
و لذلك يجب تحرير هؤلاء الأطفال و الإكثار من تدريبهم على مواجهة العالم الخارجي و على التحلي بالصبر و السكينة، فإن النتائج دائما تكون رائعة و مدهشة.