منتديات دواوين الثقافية و الفنية منتديات تعنى بالأدب والثقافة والفن.
 

 

 تحريم كشف المرأة وجهها ويديها . .

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ناجي فرحات
مشرف الشعر
مشرف الشعر
ناجي فرحات


المدينة : سوريا - دمشق
عدد المساهمات : 370
معدل النشاط : 442
تاريخ التسجيل : 21/09/2010
العمر : 59
الموقع : emmigrant.modawanati.com

تحريم كشف المرأة وجهها ويديها . . Empty
مُساهمةموضوع: تحريم كشف المرأة وجهها ويديها . .   تحريم كشف المرأة وجهها ويديها . . I_icon_minitimeالسبت 25 سبتمبر - 9:08

تحريم كشف المرأة وجهها ويديها . .

لقد قرأت هذه الصفحات مرارا.. وأحببت أن اشارككم بهذا الموضوع.
يروى عن عائشة قولها إن نساء الأنصار لما نزلت سورة النور عمدن إلى حجور أو حجوز فشققنهن فاتخذنه خمرا ( 2 ) .

ويروى عن أم سلمة قالت : لما نزلت يدنين عليهن من جلابيبهنز خرج نساء الأنصار كان على رؤوسهن الغربان من الأكسية ( 3 ) . .
ويروى عن عائشة قولها : يرحم الله نساء المهاجرات الأول . لما أنزل الله ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) شققن أكنف مروطهن فاختمرن بها ( 4 ) . .
* ( هامش ) *
( 1 ) البخاري كتاب فضائل الصحابة باب فضل أبو بكر . .
( 2 ) أبو داود . كتاب اللباس . ( 3 ) المرجع السابق . ( 4 ) المرجع السابق . ( * )



ص 181

ويروى عن عائشة أيضا : لا تلثم المرأة ولا تتبرقع ولا تلبس ثوبا بورس ولا زعفران ( 1 ) .

وروي أن فاطمة بنت قيس لما طلقت . أمرها الرسول أن تعتد في بيت ابن عمها ابن أم مكتوم لكونه ضرير البصر وإذا وضعت خمارها لا يراها ( 2 ) . .

وروي أن الرسول ( ص ) قال : " لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين " ( 3 ) . .

هذه الروايات التي اعتمد عليها الفقهاء في حرمة وجه المرأة ويديها وأن جسدها بكامله عورة . . وأمام هذه الروايات لنا هذه الملاحظات :

أولا : هل النساء قبل نزول آية الحجاب كن متبرجات في المدينة ؟

ثانيا : ما هو نوع اللباس الذي كانت ترتديه نسوة المدينة آنذاك ؟

ثالثا : هل هذه الروايات تنطق بحرمة كشف وجه المرأة ويديها . . ؟

يقول الفقهاء إن النساء كن يخرجن في المدينة بالجلباب أو بلا جلباب يرى الرجل وجهها ويديها وذلك قبل نزول آية الحجاب . . فلما نزلت آية الحجاب سترت وجهها وكفيها ( 4 ) . .

وحسب هذا القول فإن التبرج الذي كان سائدا في المدينة هو كشف الوجه والكفين فقط . . لنترك الروايات تكشف لنا الحقيقة


* ( هامش ) *
( 1 ) البخاري باب ما يلبس المحرم من الثياب . . ( 2 ) مسلم كتاب الطلاق . .
( 3 ) البخاري . وانظر موطأ مالك . ( 4 ) فتاوى ابن تيمية ج 22 / 109 وما بعدها . ( * )



ص 182

يروى أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله ( ص ) وعليها ثياب رقاق . فأعرض عنها الرسول وقال " يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا " . وأشار إلى وجهه وكفيه ( 1 ) . .

ويروى : أن النبي ( ص ) أردف الفضل بن العباس خلفه يوم النحر . فجاءت امرأة تسأل الرسول . فطفق الفضل ينظر إليها ويطيل الالتفات إليها . فجعل النبي يصرف وجهه إلى الشق الآخر ( 2 ) . .

ويروى : أن الرسول ( ص ) قال : " لا تتبع النظرة النظرة . فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة " ( 3 ) . .

ويروى عن الرسول ( ص ) قوله : " إياكم والجلوس على الطرقات " . فقالوا : ما لنا بد . إنما هي مجالسنا نتحدث فيها . قال : " فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها " قالوا : وما حق الطريق ؟ قال : " غض البصر . وكف الذي ورد السلام " ( 4 ) . .

ويروى أن الرسول قال : " لعن الله الواشمات والموتشمات والمتنمصات . والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله " ( 5 ) . .

ويروى أن رسول الله ( ص ) رأى امرأة فأتى امرأته زينب وهي تمعس منيئة لها فقضى حاجته ثم خرج إلى أصحابه فقال
" إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله . فإن ذلك يرد ما في نفسه " ( 6 ) . .

ويروى قول النبي في بيعة النساء : " إني لا أصافح النساء " ( 7 ) . .
* ( هامش ) *
( 1 ) أبو داود كتاب اللباس . . ( 2 ) مسلم . . ( 3 ) رواه أحمد والترمذي وأبو داود . . ( 4 ) مسلم . كتاب اللباس والزينة . .
( 5 ) المرجع السابق . . ( 6 ) مسلم كتاب النكاح . . ( 7 ) سنن ابن ماجة . باب بيعة النساء . . ( * )



ص 183

ويروى عن عائشة قولها : لا والله ما مست يد رسول الله ( ص ) يد امرأة قط ( 1 ) . .

ويروى عن عائشة أيضا قولها : إن هند بنت عتبة قالت : بايعني يا رسول الله ؟ قال : " لا أبايعك حتى تغيري كفيك . كأنهما كف سبع " ( 2 ) . .

وما يتضح لنا من خلال هذا الكم من الروايات أن المجتمع المدني كان يعايش المرأة سافرة الوجه ظاهرة الكفين وأن هذا هو العرف السائد الذي تعامل معه الرسول . . فإذا تبين لنا هذا فإنه يمكن القول إن آيات الحجاب نزلت لمواجهة حالة أخرى

ونمط آخر من سلوكيات النساء . ولم تنزل لتحريم الوجه والكفين . . وإذا كانت نسوة المدينة قد بالغن في التستر بعد نزول آيات الحجاب كما أشارت الروايات التي يستند إليها أنصار تحريم كشف الوجه واليدين فتلك مسألة سلوكية تعكس اهتمامهن

بأمر الله وتحوطهن في تطبيقه وليس هذا تشريعا للأمة . . وقوله تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون . وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين

زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن . . ) ( 3 )

وهذا النص الصريح الذي ينهى عن غض البصر يدل دلالة صريحة على أن هناك شئ ظاهر من المرأة يستدعي جذب بصر الرجل نحوها . ألا وهو الوجه والكفين . وهو ما دفع ببعض فقهاء المذاهب الإسلامية إلى القول بأن الوجه والكفين من

المرأة ليسا بعورة فلا يجب سترهما وحملوا الروايات التي تشير إلى خلاف ذلك على الندب دون الوجوب مؤكدين أن الوجه والكفين هما المقصودان من قوله تعالى ( إلا ما ظهر منها ) ( 4 ) . .

* ( هامش ) *
( 1 ) المرجع السابق . . ( 2 ) أبو داود كتاب الترجل . ( 3 ) سورة النور آية رقم 31 . .
( 4 ) أنظر كتب الفقه . وكتاب فقه السيرة للبوطي . والحلال والحرام للقرضاوي . . ( * )



ص 184

أما أصحاب الاتجاه المتشدد الذي يلصق بالرسول التحريم فيتجه إلى أن الزينة المقصودة هنا ليست هي الوجه والكفين وإنما هي زينة المرأة الخارجة عن أصل خلقتها والتي لا يؤدي النظر إليها رؤية شئ من بدنها مثل الثياب أو الحلي .

وقد اعترف إمام التشدد والذي تتعبد بأقواله التيارات الإسلامية والإتجاه الوهابي عموما بأن الزينة في هذه الآية تنقسم إلى قسمين :

زينة ظاهرة وقد تنازع فيها السلف على قولين : قال ابن مسعود ومن وافقه هي الثياب . . وقال ابن عباس ومن وافقه هي ما في الوجه والكفين مثل الكحل والخاتم . ثم علق على هذا الكلام بقوله : وحقيقة الأمر أن الله قد جعل الزينة زينتهن زينة ظاهرة .

وزينة غير ظاهرة . وجوز لها - أي المرأة - إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج وذوي المحارم . وأما الباطنة فلا تبديها إلا للزوج وذوي المحارم ( 1 ) . .


ويبدو من خلال الروايات التي عرضنا لها بخصوص كشف المرأة لوجهها وكفيها أن النساء كن يتجاوزن هذا الكشف ويكشفن المزيد من جسدهن مثل الصدر والرأس والسيقان والذراعين وهذه هي صورة التبرج التي نزلت الآيات بخصوصها . .


ويبدو أيضا أن لباس المرأة في تلك الفترة لم يكن مثيرا وشاذا كما هو الحال في صورة اللباس المعاصرة . فقد كانت المرأة ترتدي الجلاب وهو لباس طويل واسع يغطي معظم جسدها . ويطلق على الجلباب أيضا اسم الملاءة ويسميه البعض الرداء ويطلق عليه العامة اسم الإزار . .


يروى أن أم سلمة زوج النبي ( ص ) قالت له حين ذكر الإزار . فالمرأة يا رسول الله ؟ قال : ترخي شبرا . قالت أم سلمة : إذا ينكشف عنها . قال : فذراعا لا تزيد عليه ( 2 ) . .

* ( هامش ) *
( 1 ) ابن تيمية . الفتاوى الكبرى ج 22 . . ( 2 ) أبو داود كتاب اللباس . . ( * )



ص 185

ويروى أن رسول الله ( ص ) أتى بقباطي . فأعطى منها قبطية لأحد أصحابه وقال له : اصدعها صدعين فاقطع أحدهما قميصا وأعط الآخر امرأتك تختمر به . فلما أدبر قال له الرسول : " وأأمر امرأتك أن تجعل تحته ثوبا لا يصفها " ( 1 ) . .

ويروى : لعن رسول الله الرجل يلبس لبس المرأة . والمرأة تلبس لبسة الرجل ( 2 ) . .

ومن الرواية الأولى تتضح لنا الحقائق التالية :

- أن أم سلمة تستشير الرسول في أن تطيل ثوبها فيجيبها بأن تطيله شبرا . .

- أن أم سلمة استدركت على الرسول أن الشبر لا يكفي لستر الساقين . .

- أن الرسول تراجع عن رأيه وقال بذراعا بدلا من الشبر . .

ومن الحقيقة الأولى يتبين لنا أن اللباس الخاص بالمرأة مسألة اختيارية وليست محددة في هيئة خاصة .

كما يتبين لنا أن الرسول لا علم له بلباس النساء وما يحقق الستر لهن وما لا يحققه وهو ما يؤكده توجيه أم سلمة له .

كما يتبين لنا أيضا بالتأمل أن كشف جزء من الساق كان عادة سائدة من قبل النساء وهو ما يوحي به قولها : إذا ينكشف عنها

من الحقيقة الثانية يتبين لنا أن مسألة ستر الساقين ليست ذات أهمية شرعا ولو كانت كذلك ما قال الرسول : " ترخي شبرا "

من الحقيقة الثالثة يتبين لنا أن تراجع الرسول يفيد عدم التشدد في مسألة اللباس ومرونته تجاه هذه المسألة . .


وإذا كانت هذه الاستنتاجات لا ترضي القوم وتخالف المألوف فهذا يضعنا بين أمرين :

إما أن نرفض الرواية . .

وإما أن نقبلها على ما فيها من مساس بشخص الرسول واتهامه بالجهل والتهاون . .

أما الرواية الثانية فتكشف لنا الحقائق التالية :

- أن الرسول أهدى واحدا من أصحابه ثوبا شفافا ( القباطي ) . .
* ( هامش ) *
( 1 ) المرجع السابق . . ( 2 ) المرجع السابق . . ( * )



ص 186

- أن هذا الثوب يصلح للرجال والنساء . .

- أن الرسول أمر الصحابي أن تختمر زوجته بهذا الثوب الشفاف شريطة أن ترتدي تحته ما لا يصف جسدها . .

وهذا كله يشير إلى مرونة الرسول ( ص ) في مسألة اللباس وقبوله مشاركة النساء للرجال في نوع اللباس . كما أنه يشير إلى حقيقة هامة وهي أن مثل هذا الثوب الشفاف كان معروفا في المدينة وترتديه النساء ولعلهن أسرفن في لباسه مما اعتبر

صورة من صور التبرج الفاضحة التي استدعت نزول آيات الحجاب وارتداء النسوة الخمر وضربها على الجيوب ( أي الصدور ) من ثياب ثقيلة لا تشف ولا تجسم . .


والرواية الثالثة تكشف لنا أن هناك حالة من التنازع في الزينة بين المرأة والرجل في محيط اللباس . فكانت النسوة يرتدين السراويل والنعال ويضعن على رؤوسهن ما يشبه عمائم الرجال . . يروى أن رسول الله ( ص ) دخل على أم سلمة وهي تختمر فقال : " ليلة لا ليتين " ( 1 ) . . أي لا تلف الخمار حول رأسها إلا مرة واحدة لا مرتين كما يفعل الرجال . .


ويروى عن عائشة أنها سألت : المرأة تلبس النعل . فقالت : لن رسول الله الرجلة من النساء ( 2 ) . .

ومثل مسألة ارتداء النساء نعال الرجال تكشف لنا أن المرأة كانت تكشف قدميها ومما سبق ذكر يمكن القول إن تلك الروايات التي استند إليها فقهاء التحريم لا تفيد بالضرورة هذا الحكم ولا تقطع به وذلك من وجوه عدة :

أولا : أن ما فعلته نساء الأنصار بنفسها بعد نزول آية الحجاب مجرد اجتهاد شخص وليس دليلا على وجوب ستر الوجه واليدين . .
* ( هامش ) *
( 1 ) أبو داود كتاب اللباس . ( 2 ) المرجع السابق . . ( * )



ص 187

ثانيا : أن نهي الرسول ( ص ) المرأة أن تتبرقع أو تلبس القفار أثناء الاحرام لا يفيد بالضرورة أن الحكم الشرعي السائد كان ستر الوجه واليدين فإنه يحتمل أن التبرقع ولبس القفاز كان عادة سائدة من قبل بعض النسوة اللاتي يبالغن في الامتثال لأحكام الشرع وكان الرسول ( ص ) ينهاهن عن ذلك أثناء الاحرام . .


ثالثا : أنه لو كان ستر الوجه واليدين حكما شرعيا لبينة الرسول وأشار إليه بما لا يوجب هذا الخلاف الواقع بين الفقهاء حول هذه المسألة . .


رابعا : أن التبرقع كان عادة سائدة في الجاهلية من قبل النساء وهي عادة كانت أكثر ما تلتزم بها الحرائر من النساء بينما الإماء ومحترفات الزنا كن متبرجات . .


خامسا : إن قصارى ما وصل إليه فقهاء التحريم حول هذه الروايات وحول آية الحجاب لا يخرج كونه مجرد الاستنتاجات واجتهادات وهي بهذا لا تلتزم أحدا إلا أتباعهم . .


سادسا : إن ما يقود إليه البحث والتأمل في نصوص الحجاب هو أن ستر الوجه واليدين حكم خاص بنساء النبي ( ص ) اللاتي أمرن بالاحتجاب عن الناس كلية وعدم الخروج من بيوتهن . ولا مانع من أن تتأسى بهن بقية النسوة لكن هذا يكون من باب الاقتداء لا من باب التطبيق لحكم شرعي خاص بهم . .


سابعا : إن رواية فاطمة بنت قيس التي أمرها الرسول ( ص ) أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم لكونه ضرير البصر غير مقبولة عقلا لكونها نصت على أنه لا يرى منها شيئا إذا وضعت خمارها . هل المقصود منها أنه لا يرى وجهها ؟ أم لا

يرى جسدها ؟ إن من العجب العجاب أن يستدل الفقهاء بمثل هذه الرواية على وجوب ستر وجه المرأة ويديها . فالرواية

لا تفيد شيئا يتعلق بالأمر . فابن أم مكتوم رجل ضرير لا يرى شيئا من الأصل ووجود فاطمة عنده من باب ستر نفسها والحصول على حرية الحركة في البيت دون حجاب لا الحصول على حريتها في كشف وجهها ويديها . .


ص 188

وهناك رواية أخرى حول هذه الحادثة تعطينا دلالة على أنها لا تصلح للاستدلال في هذا الأمر . يروى أن الرسول ( ص ) قال لفاطمة حين طلقت : " اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده " ( 1 ) . .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://emmigrant.modawanati.com
خديجة
عضو فعال
عضو فعال
خديجة


المدينة : الرباط
عدد المساهمات : 189
معدل النشاط : 382
تاريخ التسجيل : 26/08/2010
العمر : 44
الموقع : dawawin.forum.st

تحريم كشف المرأة وجهها ويديها . . Empty
مُساهمةموضوع: رد: تحريم كشف المرأة وجهها ويديها . .   تحريم كشف المرأة وجهها ويديها . . I_icon_minitimeالأحد 26 سبتمبر - 23:48

المرأة والحجاب

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ لَه، ومن يُضْلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بَلَّغَ الرِّسالة وأدَّى الأمانة ونصح الأمة وكشف اللهُ بِهِ الغُمَّة وجاهد بالله حق جهاده حتى أتاه اليقين، وجعلنا على المَحَجَّةِ البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلِّ اللَّهُم وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدِّين.

أما بعد:

فإنَّ أصدق الحديث كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.

قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا الَّلهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُون".

وقال سبحانه: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءاً وَاتَّقُوا الَّلهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ الَّلهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبَا".

وقال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا الَّلهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ الَّلهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً".

أما بعد:

فلقد بعث الله تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليُخْرِجَ الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، بعثه الله لتحقيق عبادة الله وحده لا شريك له، وذلك بتمام الذل والخضوع له تبارك وتعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وتقديم ذلك على هوى النفس وشهواتها، وبعثه الله متمماً لمكارم الأخلاق داعياً إليها بكل وسيلة، وهادماً لمساوئ الأخلاق محذراً عنها بكل وسيلة، ومما لا شك فيه أن من مكارم الأخلاق التي بُعِثَ بها محمد صلى الله عليه وسلم ذلك الخلق الكريم، خُلُق الحياء الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلم من الإيمان وَشُعبةً من شُعَبِه، ولا يُنْكر أحد أن من الحياء المأمور به شرعاً وَعُرْفاً احتشام المرأة وَتَخَلُّقَها بالأخلاق التي تُبْعِدُها عن مواقع الفِتَن ومواضع الرَّيب، ويكون احتشام المرأة في حجابها الحجاب الكامل الذي يحفظ حياءها، والحياء من أقوى البواعث على الفضائل، كما أنه يُناسب الغيرة، والغيرة من صميم أخلاق الإيمان، وفيه حماية الأعراض، وإغاظة شياطين الجن والإنس، والسلامة من الفِتَن، والنجاة من الوعيد، وهو على خلاف التبرج، فالتبرج معصية لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وهو كبيرة من الكبائر، يُجْلِب اللَّعنَ والطَّردَ من رحمة الله، وهو فاحشةٌ وَنِفاق، وَتَهَتُّكٌ وفضيحة، وهو من صفات أهل النار، وهو سوادٌ وظلمةٌ يوم القيامة، وهو سُنَّةٌ إبليسيةٌ جاهليةٌ مُنتنة من سنن اليهود والنصارى، وهو حيوانيةٌ وتخلفٌ وانحطاطٌ وتقليدٌ أعمى لأعداءِ الله، وهو سبب لانعدام الغيرة، واضمحلال الحياء، وكثرة الجرائم، وفساد أخلاق الرجال، وشيوع الفواحش، والإعراض عن الزواج، وبه تتحطَّم الروابط الأسرية، وتنعدم الثقة بين أفرادها، وهو إساءةٌ للمرأة، وإهدارٌ لكرامتها، وهو يُسهِّل معصية الزنا بالعين، وَيُسبِّب انتشار الأمراض، ويوجب نزول العقوبات، ولا شك أن فتنةَ النساءِ فتنةٌ عَظيمةٌ أخبرَ عنها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها من أكبر الفِتَن، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون؟ فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء"، وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر على الرجال من النساء"، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أخوف ما أخاف على أمتي: النساء والخمر"، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه قال: "لم يَكْفُر من كَفَرَ ممن مَضَى إلا من قِبَل النساء، وَكُفْرُ من بَقِيَ من قِبَل النساء"، وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه: أنه قال: "ابتليتم بفتنة الضَرَّاء فصبرتم، وَسَتُبْلَوْنَ بفتنة السرَّاء، وأخوف ما أخاف عليكم: فتنة النساء إذا تَسَوَّرْنَ الذهب والفضة، ولبسن رِيَاطَ الشام وعصب اليمن، فأتعبن الغني، وكلفن الفقير ما لا يجد"، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للنساء: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهبُ لَلُبِّ الرجل الحازم من إحداكن"، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنه قال لفاطمة رضي الله عنها: "ما خير للنساء؟ قالت: أن لا يرين الرجال ولا يرونهن، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إنما فاطمة بضعةٌ مني"، وهذا إقرار من النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ومن الفِتَن التي طغت أيضاً على هذا الزمان ظهور النساء الكاسيات العاريات اللائي يغطِّين بعض جسدهن ويكشفن بعضاً، أو يُغطِّين بالملابس الضيقة والشفافة وما هن بمغطيات، أو يلبسن الحجاب القصير الذي لا يستر الشعر ولا يستر الرقبة، وقد وصفهن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه حيث قال: "صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا"، وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرِّحال، ينزلون على أبواب المساجد، نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف، العَنُوهُنَّ فإنهن ملعونات، لو كان وراءكم أمة من الأمم، لخدمن نِساؤكُم نِسَاءَهُم كما يخدمنكم الأمم قبلكم"، وفي هذا الحديث دلالةٌ واضحةٌ على لعن المتبرجات، كما أن هناك أموراً حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم ونهى عنها لأنها تؤدي إلى الافتتان بالنساء، بل وقد تكون سبباً في فساد الأخلاق، نذكر منها على سبيل المثال:

1. الخلوة بالأجنبية:-

الشيطان حريص على فتنة الناس وإيقاعهم في الحرام، ولذلك حذرنا الله سبحانه بقولهِ: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ. وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ"، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ومن سبل الشيطان في الإيقاع في الفاحشة الخلوة بالأجنبية، ولذلك سدَّت الشريعة هذا الباب كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان"، فلا يجوز لرجل أن يختلي في بيت أو حجرة أو سيارة بامرأة أجنبية عنه، سواء كانت زوجة أخيه أو ابنة عمه أو ابنة خاله أو غير ذلك، ومما يدل على ذلك أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عقبة بن عامر رضي الله عنه: "إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت"، وكثير من الناس يتساهلون في هذا، إما ثِقَةً بنفسه أو بغيره، فيترتب على ذلك الوقوع في الفاحشة أو مقدماتها والعياذ بالله.

2. صافحة المرأة الأجنبية:-

وهذا مما طغت فيه بعض الأعراف الاجتماعية على شريعة الله في المجتمع، وَعَلاَ فيه باطل عادات الناس وتقاليدهم على حكم الله، حتى لو خاطبت أحدهم بحكم الشرع وَأَقَمْتَ الحجة وَبَيَّنت الدليل، اتَّهَمَكَ بالرجعية والتعقيد وقطع الرحم والتشكيك في النوايا الحسنة، فصارت مصافحة بنت العم وبنت العمة وبنت الخال وبنت الخالة وزوجة الأخ وزوجة العم وزوجة الخال أسهل في مجتمعنا من شرب الماء، ولو نظروا بعين البصيرة في خطورة الأمر شرعاً ما فعلوا ذلك، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لأَنْ يُطْعَن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له"، ولا شك أن هذا من زِنَا اليد كما قال صلى الله عليه وسلم: "العينان تزنيان واليدان تزنيان والرِّجْلاَن تزنيان والفرج يزني"، وهل هناك أطهر قلباً من محمدٍ صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك قال: "إني لا أصافح النساء"، وقال أيضاً: "إني لا أمسُّ أيدي النساء"، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "ولا والله ما مسَّت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط غير أنه يبايعهن بالكلام"، ألا فليتق الله من يترك زوجته أو أخته أو ابنته تصافح من لا يحل لها سواء كان قريباً أو بعيداً، وليتق الله أناس يُهَدِّدون زوجاتهم الصالحات بالطلاق إذا لم يُصافحن إخوانهم، كما ينبغي العلم بأن وَضع حائل والمصافحة من وراء ثوب لا تُغني شيئاً، فهو حرام في الحالين.

سفر المرأة بدون محرم:-

فَفِي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم"، وقال عليه الصلاة والسلام: "من كانت تؤمن بالله واليوم الآخر لا تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم"، وهذا يعم جميع الأسفار حتى سفر الحج، وسفرها بغير محرم يُغْرِي الفُسَّاق بها فيتعرضون لها وهي ضعيفة فقد تنجرف وأقل أحوالها أن تُؤْذَى في عِرْضِها أو شرفها، وكذلك ركوبها بالطائرة ولو بِمَحْرَمْ يُودِّع وَمَحْرَمْ يستقبل فإنه لا يجوز أيضاً، فمن الذي سيركب بجانبها في المقعد المجاور ولو حصل خلل فهبطت الطائرة في مطار آخر، أو حدث تأخير واختلاف موعد، فماذا يكون الحال؟!، والقصص كثيرة.

هذا ويشترط في المحرم أربعة شروط وهي أن يكون مسلماً بالغا عاقًلا ذكراً كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ".. أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو محرم منها".

3. عمد النظر إلى المرأة الأجنبية:-

قال الله تعالى: "قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ. ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ. إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ" وقال صلى الله عليه وسلم: "فزنا العين النظر" أي زنا العين النظر إلى ما حَرَّمَ الله، ويُستثنى من ذلك ما كان لحاجة شرعية كالخطبة وغيرها، ويحرم كذلك على المرأة أن تنظر إلى الرجل الأجنبي نظر فتنة، قال تعالى: "وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ"، ويحرم كذلك النظر إلى الأَمْرَد والحَسَنْ بشهوة، ويحرم نظر الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة، وكل عورة لا يجوز النظر إليها لا يجوز مسها ولو من وراء حائل، وَمِنْ تَلاعُب الشيطان ببعضهم ما يفعلون من النظر إلى الصور في المجلات ومشاهدة الأفلام بحجة أنها ليست حقيقية، وجانب المفسدة وإثارة الشهوات في هذا واضح كل الوضوح.

4. الدِّياثة:-

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر والعاقّ والديوث الذي يُقر في أهله الخبث"، ومن صور الدياثة في عصرنا الإغضاء عن البنت أو المرأة في البيت وهي تتصل بالرجل الأجنبي يحادثها وتحادثه بما يسمى بالمغازلات، وأن يرضى بخلوة إحدى نساء بيته مع رجل أجنبي، وكذا ترك إحدى النساء من أهل البيت تركب بمفردها مع أجنبي كالسائق ونحوه، وأن يرضى بخروجهن دون حجاب شرعي يتفرج عليهن الغادي والرائح، وكذا جلب الأفلام أو المجلات التي تنشر الفساد والمجون وإدخالها البيت.

5. وصل الشعر بشعر مستعار لآدمي أو لغيره للرجال والنساء:-

عن أسماء بنت أبي بكر قالت : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "فقالت يا رسول الله إن لي ابنة عريساً أصابتها حصبة فَتَمرَّقَ (أي تساقط) شعرها أَفَأَصِلَه فقال: "لعن الله الواصلة والمستوصلة" وعن جابر بن عبد الله قال: "زجر النبي صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة برأسها شيئاً" ومن أمثلة هذا ما يعرف في عصرنا بالباروكة أو الشعر المستعار كما يفعله بعض من لا خلاق لهم من الممثلين والممثلات في التمثيليات والمسرحيات.

6- خروج المرأة من بيتها دون حاجة:-

من الملاحظ خروج المرأة من بيتها وهي غير محتشمة ولا ملتزمة بآداب الإسلام، وقد يكون خروجها من غير حاجة ملحة والله تعالى يقول: "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى"، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي رواه عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "المرأة عورة، فإذا خرجت استَشْرَفَهَا الشيطان، وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في قعر بيتها"، وفي رواية للطبراني، قال: "النساء عورة، وإن المرأة لتخرج من بيتها وما بها بأس، فَيَسْتَشْرِفَهَا الشيطان، فيقول إنَّكِ لا تمرين بأحد إلا أعجبتيه، وإن المرأة لتلبس ثيابها، فَيُقال: أين تريدين؟ فتقول: أعود مريضاً، أو أشهد جنازة، أو أصلي في مسجد، وماَ عَبَدَتْ امرأة ربها مثل أن تعبده في بيتها"، فعلى المسلمة أن تتجنب الخروج إلاَّ عند الضرورة الملحة سواء إلى الأسواق أو غيرها مع الإلتزام بالحجاب والآداب الشرعية، ومن المصائب التي تقع من كثير من النساء أنها تخرج متى شاءت وكيف شاءت وبأي لباس رغبت وإلى أي سوق أو مكان تريد دون قيد ولا مُرَاقَبَةِ وَلِيٍّ ولا خوف من الله عز وجل.

وكل ما ذكرناه وللأسف واقع في زماننا من المقلدات لنساء الإفرنج والمتشبهات بهن، فكان هؤلاء النسوة الضائعات على الحقيقة يمشين في الأسواق، ويحضرن في مجامع الرجال ومعارضهم ومؤسساتهم شبه عاريات، قد كشفن رؤوسهن، ورقابهن وأيديهن إلى المناكب أو قريب منها أو أكثر، وَكَشَفْنَ عن سوقهن وبعض أفخاذهن، وقد طَلَيْنَ وجوههن بالمساحيق، وصبغن شفاههن بالأصباغ، وتصنعن غاية التصنع للرجال، وَمَشَيْنَ بينهم متبخترات مائلات مميلات يَفْتِنَّ من أراد الله بهم الفتنة، وَنَسْينَ أو تناسين أن للرجال شعور كما قال الناظم في ذلك:

لِحَـدِّ الرُّكْبَتَيْنِ تُشَمِّرِينـا بِرَبِّكِ أَيُّ نَهْرٍ تَعْبُرِينـا


كأنَّ الثَّوبَ ظَلَّ في صَباح يَزيدُ تَقَلُّصاً حيناً فَحِينا


تَظُنينَ الرجال بِلا شُعور لأنَّكِ رُبَّما لا تَشْعُرينـا


وللحجاب شروط يجب توافرها وهي:

الشرط الأول:-

استيعاب جميع البدن إلا ما استثني:-

قال تعالى: "وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَاَرِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبَعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبَآئِهِنَّ أَوْ أَبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِيِ إِخْوَاَنِهِنَّ أَوْ بَنِيِ أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَاَ مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ اَلتَّاَبِعِيِنَ غَيْرِ أُوْلِي اَلإِرْبَةِ مِنَ اَلرِّجَاَلِ أَوِ اَلطِّفْلِ اَلَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىَ عَوْرَات اَلِنّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِيِنَ مِن زِيِنَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ".

ففي الآية التصريح بوجوب ستر الزينة كلها، وعدم إظهار شئ منها أمام الأجانب وهذا أمر من الله عز وجل للنساء المؤمنات وغَيْرَةً منه تعالى لأزواجِهِنَّ عِبادَهُ المؤمنين وتمييز لهن عن صفة نساء الجاهلية وَفِعال المشرِكات كما بيَّن ذلك ابن كثير في تفسيره، فلا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُبدي زينتها لمن لا يحل له النظر إليها، وفي الآية أيضاً التصريح بوجوب ستر العنق والصَّدر وذلك بقوله تعالى: "وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ"، وقد ذكر القرطبي: "أن النساء كن في ذلك الزمان إذا غطين رؤوسهن بالأخمرة، وهي المقانع، سدلنها من وراء الظهر كما يصنع النبط، فيبقى النحر والعنق والأذنان لا سِتْرَ على ذلك، فأمر الله تعالى بِلَىِّ الخمار على الجيوب"، وفي قوله سبحانه: "وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ" يدل على أن النساء يجب عليهن أن يسترن أرجلهن أيضاً، وهذا نص على أن الرجلين والساقين مما يُخفى ولا يحل إبداؤه، ويشهد لهذا من السنة حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جَرَّ ثوبه خُيَلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أم سلمة: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: يُرْخِينَ شِبراً، فقالت: إذن تنكشف أقدامهن، قال: فيرخينه ذراعاً ولا يزدن عليه"، وفي الحديث رخصة للنساء في جر الإزار لأنه يكون أستر لهن، وقال البيهقي: "وفي هذا دليل على وجوب ستر قدميها" اهـ، ومن خالف هذا فقال: إن القدمين ليسا من العورة، فإنه ليس معه دليل.

ثم إن الله تعالى بعد أن بَيَّن في الآية السابقة ما يجب على المرأة أن تخفي من زينتها أمام الأجانب، ومن يجوز أن تُظهرها أمامهم، أمرها في الآية الأخرى إذا خرجت من دارها أن تلتحف فوق ثيابها وخمارها بالجلباب أو الملاَّءة، لأنه أستر وأشرف لسيرتها، وهي قوله تعالى: "يَاَ أَيُّهَا اَلْنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاَجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاَء اَلْمُؤْمِنِيِنَ يُدْنِيِنَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيِبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَىَ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَاَنَ اَللهُ غَفُوراً رَّحِيِماً" والجلباب: هو الملاَّءة أو العباءة التي تلتحف بها المرأة فوق ثيابها على أصح الأقوال كما بيَّن ذلك الشيخ الألباني، لذلك ينبغي على المرأة إذا خرجت من دارها أن تستر بدنها كامِلاً وأن تلبس العباءة كما جاء ذلك في الآيَتَيْنِ السَّابِقَتَيْن، وذلك أستر لها وأبعد عن أن يصف حجم رأسها وأكتافها، وهذا أمرٌ يطلبه الشارع، وقد أبان الله تعالى عن حكمة الأمر بإدناء الجلباب بقوله: "ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ"، يعني أن المرأة إذا الْتَحَفَتْ بالجلباب، عُرِفت بأنها من العفائف المحصنات الطيبات، فلا يؤذيهن الفُسَّاق بما لا يليق من الكلام، بخلاف ما لو خرجت متبذلة غير مستترة، فإن هذا مما يُطمِعْ الفُسَّاق فيها كما هو مُشاهد في كل عصر. فأمر الله تعالى نِساءَ المؤمنين جميعاً بالحجاب سداً للذريعة.

مشروعية ستر الوجه:-

كثير من أهل العلم يرى أن وجه المرأة عورة لا يجوز كشفه، وهناك طائفة يَرَوْنَ أن ستر الوجه بدعة وتنطُّع في الدِّين، والشيخ الألباني بيَّن بالأدلة الكثيرة المُقْنِعَة أن ستر الوجه سنة ومستحب وليس بواجب ولا تنطع في الدين، وأن له أصل في السنة، وقد كان ذلك معهوداً في زمنه صلى الله عليه وسلم كما يشير إليه صلى الله عليه وسلم بقولــه: "لا تنتقب المرأة المُحْرِمَة ولا تَلْبَسْ القفازين"، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يَحْرِمْنَ، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن"اهـ، والأحاديث والآثار التي تؤيد ذلك كثيرة:

فعن عائشة رضى الله عنها قالت: "خرجت سودة بعدما ضرب الحجاب لحاجتها، وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر بن الخطاب، فقـال: يا سودة: أما والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تَخْرِجِين، قالت: فَانْكَفَأَتْ راجعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وإنه يَتَعَشَّى وفي يده عَرْق (هو العظم إذا أخذ منه معظم اللحم)، فَدَخَلَت عليه، فقالت: يا رسول الله: إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر: كذا وكذا، قالت: فأوحى الله إليه، ثم رفع عنه وإن العَرْق في يده ما وَضَعَه، فقال: إنه أُذِنَ لَكُنَّ أن تخرجن لحاجتكن"، وفي الحديث دلالة على أن عمر رضي الله عنه إنما عرف سودة بنت زمعة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم من جسمها، وذلك يدل على أنها كانت مستورة الوجه، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مُحْرِمات، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه"، وعن أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنهما قالت: "كنا نُغطِّي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام"، وعن عاصم الأحول قال: "كنا ندخل على حفصة بنت سيرين وقد جعلت الجلباب هكذا: وتنقبت به، فنقول لها: رَحِمَكِ الله: قال الله تعالى: "وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ" قال: فتقول لنا: أي شئ بعد ذلك؟ فنقول: "وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ" فتقول: هو إثبات الحجاب"، وهذه الأحاديث تدل على أن ستر الوجه سنة ومستحب وليس كما يقول البعض بأنه غير مشروع، ويكون غطاء الوجه واجب إذا وضعت المرأة الزينة على وجهها من مكياج وغيره، وذلك لقوله تعالى: "وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ"، ولا سيما في هذا العصر الذي تَفَنَّنَ فيه النساء بتزيين وجوههن وأيديهن بأنواع من الزينة والأصبغة، مما لا يشك مسلم عاقل في تحريمه، ولا شك أن غطاء الوجه أفضل للمرأة وأستر لها وإن لم يكن واجباً.

الشرط الثاني:-

أن لا يكون زينة في نفسه:-

لقوله تعالى: "وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ"، وهذا يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مُزَيَّنَة تلفت أنظار الرجال إليها، ويشهد لذلك قوله تعالى: "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل فارق الجماعة وعصى إِمَامَهُ ومَاتَ عاصياً، وَأَمَةٌ أو عَبْدٌ أَبِقَ فمات، وامرأة غاب عنها زوجها، قد كفاها مؤونة الدنيا، فتبرَّجت بعده، فلا تسأل عنهم"، والتبرُّج أن تُبدي المرأة من زينتها ومحاسنها وما يجب عليها ستره مما تستدعي به شهوة الرجل، والمقصود من الأمر بالجلباب إنما هو ستر زينة المرأة، فكيف بمن جَعَلَتْ جلبابها نفسه زينة، فأي إخفاء للزينة يكون ذلك، ولقد بالغ الإسلام في التحذير من التبرج إلى درجة أنه قَرَنَهُ بالشرك والزنى والسرقة وغيرها مِنَ المُحَرَّمات، وذلك حين بَايَعَ النبي صلى الله عليه وسلم النساء على أن لا يفعلن ذلك، فقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: "جاءت أُمَيْمَة بنت رُقَيْقَة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام، فقال: أُبايعكِ على أن لا تُشركي بالله شيئاً، ولا تسرقي، ولا تزني، ولا تقتلي ولدكِ، ولا تأتي ببهتان تَفْتَرِينَهُ بين يديكِ ورِجليكِ، ولا تنوحي، ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى"، وقال الآلوسي: "ثم اعلَم أن عندي مما يلحق بالزينة المنهي عن إبداؤها ما يلبسه أكثر مترفات النساء في زماننا فوق ثيابهن، ويستترن به إذا خرجن من بيوتهن، وهو غطاء منسوج من حرير ذي عدة ألوان، وفيه من النقوش الذهبية والفضية ما يبهر العيون، وأرى أن تمكين أزواجهن ونحوهم من الخروج بذلك، ومشيهن به بين الأجانب، من قلة الغيرة، وقد عمَّت البلوى بذلك"اهـ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

الشرط الثالث:-

أن يكون صفيقاً لا يشف:-

لأن الستر لا يتحقق إلا به، وأما الشفاف فإنه يزيد المرأة فتنة وزينة، فعن أم علقمة بن أبي علقمة قالت: "رأيت حفصة بنت عبدالرحمن بن أبي بكر دَخَلَتْ على عائشة وعليها خمار رقيق يشف عن جبينها، فشقته عائشة عليها، وقالت: أما تعلمين ما أنزل الله في سورة النور ؟ ثم دعت بخمار فَكَسَتْهَا"، وفي هذا إشارة إلى أن من تَسَتَّرَت بثوب شفاف، فإنها لم تستتر، ولم تأتمر بقوله تعالى: "وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ"، وعن هشام بن عروة رضي الله عنه: "أن المنذر بن الزبير قَدِمَ مِنَ العراقِ، فأرسل إلى أسماء بنت أبي بكر بكسوة من ثياب مروية (ثياب مشهورة بالعراق) وَقُوهِيَّة (نوع من النسيج) رقاق عتاق بعد ما كف بصرها، قال: فلمستها بيدها ثم قالت: أُف، ردوا عليه كسوته، قال: فَشَقَّ ذلك عليه، وقال: يا أُمَّه، إنه لا يشف. قالت إنها إن لم تَشِفْ، فإنها تَصِفْ"، ولذلك قال العلماء: "يجب ستر العورة بما لا يَصِفُ لَوْنَ البَشْرَةِ من ثوب ضعيف أو جلد، فإن سَتَرَ بما يظهر فيه لون البشرة من ثوب رقيق، لم يَجُزْ، لأن الستر لا يحصل بذلك" اهـ.

الشرط الرابع:-

أن يكون فضفاضاً غير ضيق:-

لأن الغرض من الثوب إنما هو رفع الفتنة، ولا يحصل ذلك إلا بالفضفاض الواسع، وأما الضيق فإنه وإن سَتَرَ لون البشرة، فإنه يصف حجم جسمها، أو بعضه، وَيُصَوِّرُهُ في أَعْيُن الرجال، وفي ذلك من الفساد والدعوة إليه ما لا يخفى، فوجب أن يكون واسعاً، وقد قال أسامة بن زيد رضي الله عنه: "كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة مما أهداها له دحية الكلبي، فَكَسَوْتَهَا امرأتي، فقال: ما لك لم تَلْبَس القبطية؟ قلت: كسوتها امرأتي، فقال: مرها فلتجعل تحتها غلالة، فإني أخاف أن تصف حجم عظامها"، وفي هذا دليل على أن المرأة يجب عليها أن تلبس الملابس التي لا تصف بدنها، ومما يحسن إيراده هنا، ما رُوي عن أم جعفر بنت محمد بن جعفر أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: "يا أسماء: إني قد استقبحت ما يُصنَعُ بالنِّساء، أن يُطرح على المرأة الثوب فيصفها، فقالت أسماء: يا ابنة رسول الله: ألا أُرِيكِ شيئاً رأيته بالحبشة؟ فَدَعَتْ بِجَرائد رطبة، فَحَنَّتْهَا، ثم طَرَحَتْ عليها ثوباً، فقالت فاطمة: ما أحسن هذا وأجمله، تُعرف به المرأة من الرجل. فإذا مِتُّ أنا فاغسليني أنتِ وعلي، ولا يدخل عَلَيْ أحد، فلما توفيت غسلها علي وأسماء رضي الله عنهما"، فانظروا إلى فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم كيف استقبحت أن يصف الثوب المرأة وهي ميتة، فلا شك أن وصفه إياها وهي حية أقبح وأقبح، فليتأمل في هذا مسلمات هذا العصر اللاتي يلبسن من هذه الثياب الضيقة التي تصف خصورهن وصدورهن وسوقهن وغير ذلك من أعضائهن، ثم لِيَسْتَغْفِرْنَ الله تعالى، وَلْيَتُبْنَ إليه، وليذكرن قوله صلى الله عليه وسلم: "الحياء والإيمان قُرِنَا جَميعاً، فإذا رُفِعَ أَحَدَهُما رُفِعَ الآخر".

الشرط الخامس:-

أن لا يكون مبخراً مطيباً:-

وهذا مما فشا في عصرنا رغم التحذير الشديد من النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية"، وعند بعض النساء غفلة أو استهانة يجعلها تتساهل بهذا الأمر عند السائق والبائع وبواب المدرسة، بل إن الشريعة شددت على من وضعت طِيباً بأن تغتسل كغسل الجنابة إذا أرادت الخروج ولو إلى المسجد، قال صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد لِيُوجَد ريحها لم يُقبل منها صلاة حتى تغتسل اغتسالها من الجنابة"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة أصابت بخوراً، فلا تشهد معنا العشاء الآخرة"، وعن موسى بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنهما: "أن امرأة مرت به تعصف ريحها، فقال: يا أَمَةَ الجَبَّار: المسجد تُريدين؟ قالت نعم، قال: وَلَهُ تَطَيَّبْتِ؟ قالت: نعم، قال: فارجعي فاغتسلي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من امرأة تخرج إلى المسجد تعصف ريحها فلا يقبل الله منها صلاة حتى ترجع إلى بيتها فتغتسل"، وسبب المنع من الطِّيب هو ما فيه من تحريك داعية الشهوة.

فإلى الله المُشتكى من البخور والعطور في الأعراس وحفلات النساء قبل خروجهن، واستعمال العطورات ذات الروائح النفاذة في الأسواق ومجتمعات الاختلاط وفي المساجد في ليالي رمضان، نسأل الله ألاَّ يمقتنا، وأن لا يؤاخذ الصالحين بفعل السفهاء والسفيهات، وأن يهدي الجميع إلى صراطه المستقيم.


الشرط السادس:-

أن لا يشبه لباس الرجل:-

من الفطرة التي شرعها الله لعباده أن يحافظ الرجل على رجولته التي خلقه الله عليها، وأن تحافظ المرأة على أنوثتها التي خلقها الله عليها وهذا من الأسباب التي لا تستقيم حياة الناس إلا بها، وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال هو مخالفة للفطرة، وفتح لأبواب الفساد، وإشاعة للانحلال في المجتمع، وحكم هذا العمل شرعاً هو التحريم، وإذا ورد في نص شرعي لعن من يقوم بعمل فإن ذلك يدل على تحريمه وأنه من الكبائر، وقد جاءت الأحاديث بذلك، فعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال" وعنه مرفوعاً أيضاً قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المُخَنَّثِينَ من الرجال والمُتَرَجِّلاتِ من النساء" وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس منا من تَشَبَّهَ بالرجال من النساء، ولا من تَشَبَّهَ بالنساء من الرجال"، وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة المُتَشَبِّهَة بالرجال، والديوث"، وقد ذكر الإمام الذهبي رحمه الله أن المرأة إذا لبست زي الرجال لحقتها لعنة الله ورسوله، ولحقت زوجها إذا أمكنها من ذلك، أو رضي به ولم ينهها، لأنه مأمور بتقويمها على طاعة الله، ونهيها عن المعصية، لقول الله تعالى: "قُوا أَنْفُسَكُم وَأَهْلِيكُم نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ والحِجَارَةُ"، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، الرجل راعٍ في أهله ومسؤول عنهم يوم القيامة"اهـ. والتشبه قد يكون بالحركات والمشية، ويكون التشبه في اللباس، فلا يجوز للمرأة أن تلبس ما اختصَّ الرجل بلبسه من ثوب أو قميص ونحوه، بل يجب أن تخالفه في الهيئة والتفصيل، فالفرق بين لباس الرجال والنساء يعود إلى ما يصلح للرجال، وما يصلح للنساء، وهو ما ناسب ما يؤمر به الرجال، وما يُؤمر به النساء، فالنساء مأمورات بالاستتار والاحتجاب دون التبرج والظهور، والدليل على وجوب مخالفة كل من الجنسين للآخر في اللباس هو ما رواه أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله الرجل يَلْبَس لِبْسَة المرأة، والمرأة تَلْبَس لِبْسَةالرجل".


الشرط السابع:-

أن لا يشبه لباس الكافرات:-

وذلك لأنه لا يجوز للمسلمين التشبُّه بالكفَّار سواء في عباداتهم أو أعيادهم أو أزيائهم الخاصة بهم، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بُعِثْتُ بين يدي الساعة بالسَّيف، حتى يُعبدَ اللهَ وحده لا شريك له، وَجُعِلَ رزقي تحت ظِلِّ رمحي، وَجُعِلَ الذِّلَّة والصَّغار على من خالف أمري، ومن تشبَّه بقوم فهو منهم"، والحديث دال على أن من تشبه بالفسَّاق أو الكفار أو المبتدعة في أي شئ مما يختصون به، من ملبوس أو مركوب أو هيئة، كان منهم.

الشرط الثامن:-

أن لا يكون لباس شهرة:-

وذلك لحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لبس ثوب شُهرة في الدنيا أَلْبَسَهُ الله ثوب مذلَّة يوم القيامة، ثم ألهب فيه ناراً"، وفي الحديث دليل على تحريم الثياب التي يَقْصِدُ منها صاحِبُها الاشتهار في الناس، ولا فرق في ذلك بين رفيع الثياب ووضيعها، وإنما التحريم في قصد الاشتهار في الناس بهذا اللباس.

هذا وصلَّ اللهُ وسلَّمَ وباركَ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.


بقلم/علي حسين الفيلكاوي



شكر ا ناجي فرحات اشارك بهذا الموضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناجي فرحات
مشرف الشعر
مشرف الشعر
ناجي فرحات


المدينة : سوريا - دمشق
عدد المساهمات : 370
معدل النشاط : 442
تاريخ التسجيل : 21/09/2010
العمر : 59
الموقع : emmigrant.modawanati.com

تحريم كشف المرأة وجهها ويديها . . Empty
مُساهمةموضوع: رد: تحريم كشف المرأة وجهها ويديها . .   تحريم كشف المرأة وجهها ويديها . . I_icon_minitimeالإثنين 27 سبتمبر - 12:33

شكرا لك عزيزتي خديجة أضفت اضافات هامة ورائعة
لك كل الود
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://emmigrant.modawanati.com
خديجة
عضو فعال
عضو فعال
خديجة


المدينة : الرباط
عدد المساهمات : 189
معدل النشاط : 382
تاريخ التسجيل : 26/08/2010
العمر : 44
الموقع : dawawin.forum.st

تحريم كشف المرأة وجهها ويديها . . Empty
مُساهمةموضوع: رد: تحريم كشف المرأة وجهها ويديها . .   تحريم كشف المرأة وجهها ويديها . . I_icon_minitimeالإثنين 27 سبتمبر - 13:02

العفو يالغالي ناجي فرحات شكرا ليك انت كتير على الموضوع الجميل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تحريم كشف المرأة وجهها ويديها . .
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عيد المرأة
» المرأة المسكينة
»  آيات محكمات في تكريم المرأة
» ما قيل عن المرأة في الأمثال الشعبية
» المرأة التي تنفث سما.. ؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات دواوين الثقافية و الأدبية :: المنتديات العامة :: المنتدى اللإسلامي-
انتقل الى:  
أركان منتديات دواوين الثقافية و الأدبية