ديوان امينة الخياطي أوشام لحروف
ازدانت المكتبة الزجلية المغربية بإصدار تحت عنوان : أوشام لحروف للزجالة أمينة الخياطي . الديوان من الحجم المتوسط صادر عن مطبعة طوبريس ....يحتوي على 17 قصيدة / وشمة . القصائد بعنوان مضاعف، الوشمة مشترك فيها كلها.
يبدأ الديوان بإهداء خاص للأب والأخ والزوج وإهداء للمبدعين " الجديرين والجديرات بصادق التقدير.." من هم هؤلاء؟ هم كل من دعمها ووجهها وقومها وهي إشارة إلى استعداد الزجالة أمينة الخياطي للاستفادة من خبرة سابقيها في المجال وهي سمة إيجابية وخصلة من خصال الراغبين في التطور في مسارهم الإبداعي.
الإهداء في نفس الوقت طلب اعتراف:
" دقيت على باب قصايدكم
طالبه ضيف لكلام..."ص 4
مرحبا بك المبدعة أمينة الخياطي في وطن الزجل وطن ليس له حراس ، هو مفتوح للكل على أساس ( اللي جا وجاب) . أعني الكتابة لا حراس لها والحضور الثقافي رهين بما نقدمه من إنتاج وبالبصمة التي نبحث عنها كما نبحث عن خاتم حكمة .
الشاعرة أمينة الخياطي تحمل صنارتها لتصيد المعاني في بحر الكلام طعمها غواية الكلمة عبر الرغبة في الكتابة والإصرار في الإنوجاد في الوطن الإبداعي . تحمل فانوسها لتسلط الضوء على أحاسيسها . هي الصرخة الأولى في درب الكتابة ، خروج للعالم كما الولادة صرخة لتقول : أنا هنا أنا أحكي تفاعلي مع هذا العالم وأقوله زجلا لذا عادة ما تنحو الصرخة الأولى لبعض المباشرة والوضوح وهو شيئ عادي في تجاربنا الأولى التي يكون الهم والشكوى أساسها. نداء لتتحرر الذات في رمز "الطير الحر " نموذجا:
" طيري...
يا الطر الحر
بين ضلوعي غرد
بح ب السر
...." ص 17
الديوان الأول غالبا ما تكون القصائد فيه متنوعة في مستوى الاشتغال وتعدد التيمات وعادة ما تحتل تيمة الكتابة حيزا مهما فيها وهذا ما لمسناه من خلال النصوص:
" العين برجاها تتوحم
القلب يتوجع وينين
ف رموش الليل
ليل يغمض عينيه
يتيه ف حرف المعنى
على كلمه يحلي بها لسانك
ينطق الساكن ف دواخلك
فين يروح منك الحرف والقلم ؟؟
........" ص 25
في نموذج آخر تقول:
"....
اسمح لي يا قلبي
درت من دمي مداد
نقطرو قطرة بقطره
على صفحة ليام
به نحاول نرسم
ضحكة تونس
نمحي هم يونس
...." ص 45
هي تعتبر الكتابة فعل "حال" " مريوحة" متيمة في الكلمة المنظومة والنظم هو المستوى الإنفعالي الأول ألذي تتركه فينا الكلمة التي تصلنا عبر الغناء ( الملحون/ العيطة/ اغاني المجموعات/ المجذوبيات/ كل الجسد الزجلي الذي تحبل به تفاصيل تراثنا الإبداعي ......
تضع الشاعرة الديوان أمانة بين أيديكم :
':
مريوحه وريحي انضام
حطيتو اماننه بين يديكم
ع لبياض حروف اوشام
دقيت ف باب قصايدكم
طالبه ضيف لكلام..." ص4
هذه "كم" هل تعني القارئ عامة؟ هل تعني قارئا خاصا؟ هل تعني المبدعين أم النقاد؟ ثم أن الأمانة هي في حمولتها الدينية لم تستطع الجبال حملها وتطوع الإنسان فهل يتطوع المبدعون لحملها؟ لذا أقول ديوانك أمانة أن نحتفظ به في رفوف مكتباتنا أن نعود إليه لنحييه بقراءاتنا ولكن لعشيرة النقاد أن يتصرفوا بأمانة في هذه الأمانة كما يحلوا لهم أن يبرزوا مواطن القوة لتطرزها الذات الشاعرة وأن يقفوا على موطن الضعف ليساعدوها في تجاوزها من أجل ديوان قادم يكون عتبة أخرى أرقى من هذه.
ويمكن للمهتمين أن يقفوا على :
دلالة العنوان: وشام لحروف :
الوشم كتابة على الجسد ضد الزمن ، والمحو كرمز امازيغي، يذكرنا بالأم بالتاريخ بالجبل والنهر .....
ولماذا عناوين القصائد مضاعفة؟
وشمة لحلام
رشمة السلام
ما الأصل وما الفرع ؟ هل العلاقة علاقة تبعية أم علاقة تكافؤ ؟ هل هي علاقة تضمن؟ الأول للثاني بمعنى الوشم في الأحلام هو "رشمة السلام" ورشمة في الدارجة تعني تصميما مخططا لفعل ما؟ خاصة في النسيج والحياكة.
ويمكن أن نقارب العناوين كلها على هذه الأسئلة/ الإنطباع.
حضور مصطلحات النسيج . في كتابات المبدعة امينة ربما تواجدها في منطقة زمور وانتماؤها الأمازيغي ( بالقوة أو بالفعل )/. والنسيج نشاط اقتصادي مواز تساهم فيه المرأة في تنمية موارد العائلة وتحقق به بعض التحرر الاقتصادي وهو في نفس الآن إبداع نسوي معيار للمرأة الحاذقة (" الحادكه" )/
في قصيدة : وشمة الروح / مرسال الروح التي أعتبرها قصيدة إهداء واعتراف بخدمة فنية قدمت لها بعد ما كانت الذات الشاعرة تعاني التيه والوحدة
"....
ياك انا وحدي
شاربه ريح اهبالي
ندوي
فراديه وسط لحيوط
شكون يوريني راس الخيط؟
...." ص 6
وجاء ما جعل الذات تعي سر الكتابة ودورها وسحر الحروف والكلام على صنعة النسيج اللغوي:
".....
جيت انت
يا لمعلمني نجان لحروف
وقفت لي منول لقصيدة
السطور ... سدا ف سدا
لكلام نجان
لحروق عكدة
ركمه
صوره
..." ص 7
ستتحرر الذات عبر اقتحام عوالم الكتابة / النسيج "
"....
بديت حتى انا
نرشم
نحاول نركم
على منسج لقصيده
...." ص 9
في نموذج آخر لحضور قاموس النسيج :
وشمة الرجا /صوف البرد نموذجا :
"من صوف البرد
قرشلت ايامي
غزلت منها خيوط
ف وسط عجاج
رميت المنسج
رعده تسدي
ورعده تنير
مناولي هديتها
للريح
....." ص 21
هي تستثمر رموزها لمقاربة صقيع الذات ومحاولة تأقلمها وانعتاقها من الوحدانية القاسية ومن الهموم التي سكنتها محاولة الإفلات من قبضتها.
"....
توسلتها تروف
اعطاتني خيوطها
غزلت لباسي
ما جا على قياسي
قصدت محبة ناسي
ما نعاني ما نقاسي
........" ص 22
يمكن ايضا مقاربة قصائد الديوان من خلال الغربة/ غربة الذات :
نموذج من وشمة الأمل / هجهوج الخاطر:
" هزيت هجهوج الخاطر
بغيت نعزف
على وتار النفس
من قلة زهري
لقيته خاسر
......." ص 112
نقرا أيضا:
"......
دواخل العقل
مسكونه بروح تايهه
دواخل الكبده
مقطوعه بيد تالفه
....." ص 76
الديوان كما اسلفنا هو باكورة الزجالة امينة الخياطي التي جمعتني معها ملتقيات عدة تركت فيها انطباعا ايجابيا عبر حضورها الإنساني وعبر تطورها الملاحظ في تجربتها وعبر استعدادها للتتفاعل الإيجابي مع الملاحظات التي تقدم لها بل التي تبحث هي عنها . كما نقول بالدارجة " راسها صغير" لذا ستكبر به أكيد وتؤثث معنا في الحقل الزجلي صرحه وخاصة التجربة النسائية التي نحن في حاجة ماسة لها في إطار مقاربة النوع التي تعتبر المساهمة للجنسين في التجارب الإنسانية أقوى من المساهمة الرجولية وحدها .
هنيئا للساحة بالديوان الذي أعتبره بطاقة دخول لملعب الزجل وننتظر القادم في حلة أقوى وأجمل . أكيد أن البداية بداية فقط تحمل فيها مواطن ضعف ولكن تشي أيضا بمناطق قوة على الزجالة أمينة الخياطي وعلى النقاد الوقوف عليها لتطويرها وتجاوز الضعف فيها وأختم هذا المسح العاشق ،كي لا أقول القراءة النقدية التي هي تخصص أكاديمي (هو بريء مني وأنا متطفل عليه)، بالقصيدة الشذرة :
وشمة لعمر / خيال لعمر
" لو كان لعمر نجمه ف خيط
نهدي لك من النجوم كبات
لو كان لعمر بسمه ف وجه
نجمع لك اللي ما يتم من ضحكات
لو كان لعمر ضو قنديل
نتسلف لك ضي الشمس
من النهار اللي بدات
الساعه لعمر .... لحظه
مازال ك تقلب فين تبات " ص 116
وهذه الشذرة نافذة شعرية أكيد ستحفر الزجالة في اتجاهها لتفتح بابا يمكنها من بصمتها الخاصة .