منتديات دواوين الثقافية و الفنية منتديات تعنى بالأدب والثقافة والفن.
 

 

 الشهيدة فاطمة الأسبانية... السيد إبراهيم أحمد

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
السيد إبراهيم أحمد
عضو فعال
عضو فعال
السيد إبراهيم أحمد


المدينة : السويس ـ مصر
عدد المساهمات : 187
معدل النشاط : 586
تاريخ التسجيل : 10/09/2011
العمر : 65
الموقع : www.da-wawin.com

الشهيدة فاطمة الأسبانية... السيد إبراهيم أحمد Empty
مُساهمةموضوع: الشهيدة فاطمة الأسبانية... السيد إبراهيم أحمد   الشهيدة فاطمة الأسبانية... السيد إبراهيم أحمد I_icon_minitimeالأحد 13 يناير - 22:53

الشهيدة فاطمة الأسبانية...

السيد إبراهيم أحمد


القصة التي سأوردها لم تشملها تلك الكتب المعنونة بمثل: (هؤلاء أسلموا) أو (لماذا أسلم هؤلاء؟)، ذلك لأنها مبثوثة فى صفحات كتاب لا يوحي عنوانه بأنه سيسرد قصة مهتدية إلى الإسلام، وثانيًا لأن زمنها - أي زمن القصة - كان إبان العهد الملكي. أما الكتاب فعنوانه: (قطوف من أدب النبوة) للشيخ أحمد حسن الباقوري وزير الأوقاف المصري الأسبق، الذي لم يقصد سرد تلك القصة لذاتها، ولكن لأنها جاءت تدليلاً على شرحه لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لم يبق بعدي من النبوة إلا المبشرات"، قالوا: وما المبشرات يا رسول الله؟، قال: "الرؤيا الصالحة يراها الرجل المسلم أو تُرى له".

والقصة لم تعنِ له أكثر من هذا فَلَم يُعلِّق حتى عليها، يقول الشيخ الباقوري: (ومن أعجب الرؤى الصادقة، وأحقها بالتدوين في معرض التعليق على هذا الحديث الشريف، رؤيا فتاة أسبانية دوَّن الحديث عنها وعن رؤياها وعن أحوالها الأستاذ المرحوم عبدالله عفيفي[1] فذلك حيث قال:

(في أصيل يوم من صيف سنة1914 كنتُ واقفًا في جمهور الواقفين في محطة طنطا أرقب القطار القادم من الإسكندرية لأتخذه إلى القاهرة.

لقد كان كُلٌّ في شغل بتلك الدقائق المعدودات يقضيها في توديع وإشفاق وترقُّبٍ وانتظار، وكنت في شُغُلٍ بصديق يجاذبني حديثًا شائقًا ممتعًا، في تلك اللحظة، وبين ذلك الجمع المحتشد، راع الناس صياح وإعوال وتهدج واضطراب، ومشادة ومدافعة، ثم أبصروا فإذا فتاة في السابعةِ عشرةَ من سنيها يقودها إلى موقف القطار شرطيٌّ عاتٍ شديد، وساعٍ من سعاة معتمدي الدول قويٌ عتيد، ومن خلفها شيخ أوروبيٌّ جاوز الستين مكتئب مهزول، وهي تدافع الرُّجلينِ حولها بيدين لاحول لهما.

أقبل القطار ثم وقف، فكاد كلٌّ ينسى بذلك الموقفِ موقفَهُ وما قصد له، ثم أُصعدت الفتاةُ وصعد معها من حولها. وعجلتُ أنا وصاحبي فأخذنا مقاعدنا حيث أخذوا مقاعدهم. كل ذلك والفتاة على حالٍ من الحزن والكرب لا يَجْمُلُ معها الصبر ولا يُحمَدُ دونها الصمتُ - سألتُ الشيخَ ما خطبُهُ، وما أمرُ الفتاة؟، فقال - وقد أشرقَهُ الدمع وقطع صوتَه الأسى -:" أني رجل أسبانيٌّ وتلك ابنتي، عرض لها منذ حين ما لم أعلمه، فصحوتُ ذات صباحٍ على صوتِها تصلي صلاة المرأة المسلمة، ومنذ ذلك اليوم احتجزتْ ثيابَها لتتولى أمر غسلها بنفسها، وأرسلت خمارها الأبيض على صفحتي وجهها ومكشوف صدرها، ثم أخذت تنفق وقتها في صلاة وصيام، وسجود وهجود، وكانت تدعى "روز" فأبت إلا أن تُسمى (فاطمة) وما لبثت أن تبعتها أختها الصغرى. فصارت أشبهَ بها من القطرة بالقطرة، والزهرة بالزهرة.

ففزعتُ لهول ذلك وقصدتُ أحد أساقفتنا، فأخذ يعاني رياضتها، فلم يُجدِ ذلك شيئًا، وعَزَّت على الرجل خيبتُه، فكتب إلى معتمد الدولة الأسبانية بأمر الأسرة الخارجة على دينها.. وهنالك أمر المعتمدُ حكومةَ مصرَ فساقت إليه الفتاة كما ترى برغمها ورغم ذويها ليُقذف بها بين جوانب دير تسترد فيه دينها القديم".

قلتُ: " أو أرضاك أن تساق ابنتُك سَوقَ الآثمات المجرمات على غير إثم ولا جريمة؟" فزفر الرجل زفرةً كاد يتصدع لها قلبه وتتكسر ضلوعه، ثم قال: "أما لقد خدعتُ ودُوهمتُ فماذا عساني أفعل؟"

على إثر ذلك انثنيتُ إلى الفتاة وهي تعالج من أهوال الحزن وأثقاله، ما تخشع الراسيات دون احتماله، فقلت: "ما بالك يا فاطمة؟" وكأنها أنِست مني ما لم تأنسه ممن حولها - فأجابتني بصوت يتعثر من الضنى -: "لنا جيرة مسلمون أغدو إليهم فأستمع أمر دينهن، حتى إذا أخذني النوم ذات ليلة رأيتُ النبي محمدًا - صلى الله عليه وسلم - في هالة من النور يخطف سناها الأبصار، يقول - وهو يلوح إليَّ بيده: تعالي يا فاطمة"... ولو أنك أبصرتها وهيَ تنطق باسم النبي محمد لرأيت رعدةً تتمشى بين أعطافها وأطرافها حتى تنتهي إلى أسنانها فتخالف بينها، وإلى لسانها فتعقله وإلى وجهها فتحيل لونه - فلم تكد تستتِمّ كلامها حتى أخذتها رجفةٌ فهوت على مقعدِها كأنها بناء منتفض... إلى هذا الحد غشيَ الناس ما غشيهم من الحزن، فاندفع إليها رجل يؤذِّن في أُذُنِهَا. فلما انتهى إلى قوله:"أشهد أن محمداً رسول الله" تنفسَّت الصُّعداء، وأمعنت في البكاء، وعاودتها سيرتها الأولى، فلما أفاقت قلت لها: "وممَّ نخافين وتفزعين؟"، قالت: "أنه سيؤمر بي إلى دير حيث ينهلون بالسياط من دمي، ولستُ من ذلك أخاف. ألا إن أخوف ما أخاف منه أن يُحالُ بين صلاتي ونسكي"، قلت لها: "يا فاطمة ألا أدلكِ على خير من ذلك؟" قالت: أجل، قلت: "إن حكم الإسلام على القلوب.. فما عليك لو أقررت بين يدي المعتمد بدينك القديم. وأودعت الإسلام بين شغاف قلبك حتى لا يفوتك أن تقيمي شعائره حيث تشائين؟".. هنالك نظرت إليَّ نظرةً تضاءلتُ دونها حتى خفتُ على نفسي، ثم قالت: "دون ذلك حز الأعناق وتفصيل المفاصل.. دعني.. فإنني إن أطعتُ نفسِي عصاني لساني".. وكان ضلالاً ما توسلتُ به أنا وأبوها ومن حولها.

كان ذلك حتى أوفينا على القاهرة، فحيل دونها.. لم أعلم بعد ذلك شيئًا من أمر فاطمة لأني لم أستطع أن أعلم، رحمة الله وبركاته عليك يا فاطمة، فما أنتِ أولى شهيدات الرأي الحر والإيمان الوثيق).

نعم، أستاذ عبدالله لن تكون فاطمة أولى شهيدات الرأي، كما لن تكون آخرهنَّ.
َّ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]أديب ومؤرخ، عمل محررًا بالديوان الملكي في عهد الملك فؤاد وإمامًا له - نَضَّرَ الله وجهه، وأجزل في دار الخلد مثوبته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/profile.php?id=100000789262267&ref=t
سعيد محمودي
المدير العام
المدير العام
سعيد محمودي


المدينة : الدار البيضاء
عدد المساهمات : 7236
معدل النشاط : 12091
تاريخ التسجيل : 08/12/2009
الموقع : www.da-wawin.com

الشهيدة فاطمة الأسبانية... السيد إبراهيم أحمد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشهيدة فاطمة الأسبانية... السيد إبراهيم أحمد   الشهيدة فاطمة الأسبانية... السيد إبراهيم أحمد I_icon_minitimeالأحد 20 يناير - 0:51

أقف عاجزا عن التعبير اخي الفاضل الاستاذ السيدابراهيم أحمد شكرا لك
وهنيئا لنا بك وبهذا القلم الرائع
لك خالص تقديري واحترامي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد بوبكر
مشرف الزجل
مشرف الزجل
محمد بوبكر


المدينة : أزرو_ وجدة
عدد المساهمات : 1551
معدل النشاط : 2124
تاريخ التسجيل : 08/10/2010
العمر : 45
الموقع : www.da-wawin.com
الشهيدة فاطمة الأسبانية... السيد إبراهيم أحمد 3atae10

الشهيدة فاطمة الأسبانية... السيد إبراهيم أحمد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشهيدة فاطمة الأسبانية... السيد إبراهيم أحمد   الشهيدة فاطمة الأسبانية... السيد إبراهيم أحمد I_icon_minitimeالأحد 20 يناير - 14:53

وددت لو كنت مكان الحاكي لكنت أخدتها منهم بالقوة
هكدا سولت لي نفسي...
لكني اعلم ان الله احكم الحاكمين وارحم الراحمين فارتاحت نفسي لدلك
شكرا على الموضوع اخي الكريم السيد إبراهيم أحمد
لك تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
السيد إبراهيم أحمد
عضو فعال
عضو فعال
السيد إبراهيم أحمد


المدينة : السويس ـ مصر
عدد المساهمات : 187
معدل النشاط : 586
تاريخ التسجيل : 10/09/2011
العمر : 65
الموقع : www.da-wawin.com

الشهيدة فاطمة الأسبانية... السيد إبراهيم أحمد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشهيدة فاطمة الأسبانية... السيد إبراهيم أحمد   الشهيدة فاطمة الأسبانية... السيد إبراهيم أحمد I_icon_minitimeالثلاثاء 22 يناير - 2:26


هكذا تسول النفس لكل مسلمٍ غيور على دينه،

وعلى حرائر المسلمات..

بارك الله لنا فيك أخي الغالي / محمد بو بكر

خالص مودتي وتقديري...

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/profile.php?id=100000789262267&ref=t
 
الشهيدة فاطمة الأسبانية... السيد إبراهيم أحمد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» إليها.............. السيد إبراهيم أحمد
»  أمى .. للشاعر / السيد إبراهيم أحمد
»  القطــــــــار .... السيد إبراهيم أحمد
» عاش الزعيم السيد إبراهيم أحمد
» الحزنُ مُؤنِسُّنا... السيد إبراهيم أحمد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات دواوين الثقافية و الأدبية :: المنتديات العامة :: المنتدى اللإسلامي-
انتقل الى:  
أركان منتديات دواوين الثقافية و الأدبية