ككل صباح يستعد كل كائن حي.. التوجه إلى وجهة عمله.. هما ضاقا ذرعا بالبحث عن عمل . تسكعا طويلا …! خبرا الكثير من الأشياء عن الحياة ومتطلباتها ، وعن العلاقات الاجتماعية وأسرارها، وعن العمل وخلفياته . دشنا جل المقاهي العصرية التي فتحت في محيط شوارع العاصمة ، عرفا الكثير عن دواليب كل وزارة ، تعبا من تسلق أدراج كل إدارة ، أحبطا من كثرة الوعود غير الملزمة لتنفيذ عقود..! كثر عليهما الضغط من الأسرة و الأحباب والأصحاب لكثرة الاستجداء لدريهمات ثمنا لكأس قهوة سوداء وسجائر رخيصة. لم تنفعهما شهادتهما المدرسية..للاندماج وسط مجتمع ليقدمان له خدماتهما كما قدم لهما هو خدماته.. ضاقت الدنيا بهما بالرغم من شساعتها، ولم يجدا بدا من تطبيق مشروع أجلا أجرأته لليوم الموعود.
أخذ أحدهما فردة حذاء قديم، منتظرا قدوم حافلة أو شاحنة بالقرب من الرصيف عند منعطف إشارة ضوء حمراء. ليضعها تحت العجلة لتنبعج وتنضغط عند المرور عليها. أخذها بعدما انسحبت الآلية ، ووضعها في جراب طالبا صديقه باتباعه ليفسر له طريقة العمل الجديد الذي توصل إليه ، والذي سيدر عليهما أموالا طائلة كما يعتقدا.. اتفقا على منهجية العمل ، وحددا موقعا لانطلاق أول عملية تجريبية بإحدى منعطفات شوارع العاصمة الكبرى ، كما حددا نوعية وطبيعة الزبائن التي سيشتغلون عليها.
عند إحدى مراكز التوقف بالقرب من سينما.. بالرباط ، حاولت سيدة عجوز إركان سيارتها بإحدى الأماكن الفارغة ، ففي لحظة انعطافها جهة اليسار ، استل أحدهما فردة الحذاء المضغوط من الجراب ، ودسه تحت عجلة سيارتها ، وبدأ يطرق السيارة طرقا ، ملفتا انتباهها. ففي اللحظة التي انتبهت، سقط هو أرضا ليكمل صاحبه المشهد المسرحي لتتوالى المزايدات والمفاوضات حول الثمن المتفق عليه ، دون إحضار الشرطة لتحرير محضر الحادثة ، على أساس أن المصاب يجب الإسراع به فورا إلى المستشفى عن طريق سيارة أجرة أو غيرها، مما يخلق الرعب والخوف والهلع لصاحب السيارة ،ويبدأ في فك الارتباط مع المحتالين بطريقة تقبيضهما ثمن الأدوية والإسعاف والمستشفى..كيفما اتفق.
أصبح الاحتيال (العمل الجديد) يدر عليهما أموالا ، انعكست على مظهريهما الخارجي ..وأصبحا ينفقان بتبذير كبير ، نتج عنه زيادة وطمع في عمليات النصب والاحتيال ، التي ضاقا ذرعا منها كثير من المواطنين "ات" ، الذين سجلوا بمخفر للشرطة حالات تعرضهم للابتزاز عن طريق الاحتيال بطرق ملتوية من قبل محتالين، يغيران مكان اصطيادهما لفرائسهم في محيط مربع شوارع الرباط الكبيرة . فما كان من الشرطة إلا أن نصبت لهما نفس الكمين ليسقطا فيه كما أسقطا هما العديد من الضحايا ، وابتزا الكثير من الأموال غير الشرعية. وكما " تدين تدان ".