[size=18][/فينا حكايات لا تنتهي، دماء لا تنتهي، هدم لا ينتهي، سراديب لا تنتهي يسكنها نواح الأرامل، وتؤثث فضاءاتها نظرات الأطفال. بنيت ضفائرها من رموز قضت نحبها، وطلاسم الكلام الذي لا ينتهي، ينفخ في بواباتها كريح صرصر تشتهي النفوس وتزأر لتسكن الخوف داخلها. فينا المستحيل بات ممكنا والممكن طبعت على جبينه خيبة الأمل... فينا كانت النجاة كأرض بها مساكين وأثرياء، يسكنون الزقاق لترتوي بعرقهم وتنجب الحروف التي لا تنتهي، كل حرف يذكر الحدائق البابلية وشجر التوت الخريفي... فينا عمالقة كأرض ولادة للذكرى. تاريخها يتبدد في كل مكان، فيه قيد لا ينتهي... أخذوا أسماءهم من أبجدية الزمان، لكنها صارت ممدودة كقصص يرويها العندليب كل صباح...
فينا تخطت أغصان شجر الصنوبر الغيوم والسحاب لتعانق الشمس وتلدغ بجحيمها ناسية أن للشمس رمز يذكر في مجالس الحكماء، في متاحف أخذت رونقها من رفات البشر... تعالت السيمفونيات لتدق أجراس الكنائس المنسية، لتشهد الأعين المتراقصة التائهة بين ضفاف الحقيقة، المقيدة بعبق شجرة الخلود... إني أسمعها وهي تنادي من بعيد، وأراها وهي جوهرة تنزلق بين النجوم، تغامزك بعينيها الحلوتين، وتبتسم بثغرها الأبيض لتضيء المكان. أتخيلها تبحث عنك بين الأسرار لتجذبك بحنينها الذي لا ينتهي...أراها تبني لك صرحا كمرآة وضاءة لترى نحب وجهك الذي لا ينتهي...، أرى وسط ابتسامتها العريضة حزنا عميقا يتهافت للخروج دون إرادتها... أسمعها تغازل الفل والياسمين، وتبحث عن عقد فريد وحيد قد يشبع كل البشر...أشتم عطرها الذي ضاع بين دفاتر الصور وكأنه كتابة فوق ماء منجرف له سيرورة لا تنتهي...
إنها سعادتنا المفقودة التي تقف صامتة على بوابة الزمن. إنها فرحة فريدة تتجلى في حياتنا لتسكننا قصورا في الخيال. إنها لحظة تعبرنا لتتدفق على صفحات النسيان ...إنها نبتة لن تموت في قلبك أيها الإنسان...
size]