أما كفاك ذهاب .... ؟!
السيد إبراهيم أحمد
قولى لنا بنيتى
ماذا لو دار الزمان بنا ؟
سلينى :
لماذا يا أبتِ هجرت عشنا ؟!
لماذا خلتها وحيدة أمنا ؟!
وتركتنا ...
يصفعنا موج الهواء
فيردنا ريح الشتاء
بلا رجلٍ يذب عنا
أفواه الجيران الجائعة
لأرغفة الحكايات الطازجة
وفى كل صبح يلتهمون أخبارنا
صرنا حديث الموائد
كالعلك تلوكه الألسنة
صرنا النخيل بلا جرائد
بالنظرة الشمتاء يقذفننا
صرنا القنافذ
بتنا نخشى النوافذ
لما يا أبى هجرتنا ..؟
من بعدك يكفكف دمعنا
إذا عض الجوع بطوننا
ينحنى يداوى بكفه
حبةً من رملٍ خدشت طرفنا
من يهدهد هدبنا
إذا ما تاه النوم عن عيوننا
فأقبل بسندباد الحكايات
وشهر زاد الليالى
وكنوز القصور فى الأمسيات
والفرسان الخوالى
وأغرى النوم أن يتوسد
أرائكنا وآسرتنا
وأزاح الخوف من أحلامنا
وحارب العفاريت والجان
ونضحك بالله يا أبى أنت
أنت أقوى إنسان
تلاطفنا .. تضاحكنا
حتى تختفى عنا
وتبقى أنت فى مخيلتى
الطهر والعطر والتحنان .
.............................
أبتِ .. صدقنى :
زميلاتى فى حجرة الدرس تعيرنى
وصدقنى .. غيابك عنا يحيرنى
يتضاحكن أين أباكم المزعوم ..
أحىٌّ هو أميت .. أم سافرَ ..
فى أمرٍ كتوم .. ؟ .
ولطالما تعللتُ يا أبى با لسفر
ولكنه حتى المسافر يعود
أأنكرتنا .. أنسيتنا ..
أمحوتنا من كل ذاكرة الوجود..؟!
لسنا بقايا يا أبى
ولسنا حطاماً أو نفايا
لسنا رماد سيجارتك
يا أبى أودعته المطفأة ..
ومضيت
نحن وهجك يا أبى وسينطفىء
ونتساءل من يا تراه أطفأه ..؟! .
.................
أبى :
فى كل حين أذكرك كأنك
بالأمس القريب كنت معى
فى طرقات الحديقة تنادينى
مازال صوتك : أى بنية .. ارجعى
ونظراتك الحاسمات دون لفظ من وعيد
وأوامرك الصارمات حفظتها دون أن تعيد
وأستعيد .. وأستزيد .. و أدهش
أتحولات الزمن القمىء صيرت قلبك حديد
لا يا أبى .. الحنان الدافىء
والدم الساخن .. لا يصبح جليد
عفواً سامحنى تجاوزت الحدود
فلتصفعنى أبى ..
ولكم قبلا ً عنفتنى ..
إذا يوماً شططتُ .. وحذرتنى ..
وأتيتها ثانيةً .. آلمتنى
أشتاق صفعك يا أبى
أشتاق عدلك .. قسوتك
أشتاق يا أبتِ .. عودتك .
.......................
يا سيد الأحباب فى قلبى .. يرتعش قلبى ..
كلما سمعت مثل دقاتك على الباب
كلما رأيت نظارة طبية بجوار جريدة وكتاب .
عد يا أبى .. بالله عليك عد
ودق بكفك الحبيب الباب
وكفاك ذهاباً يا أبى ..
أما شبعت ذهاب
بالله عليك ..عد يا أبى
فما أحلى الإياب
.
.. [/size]