حديث الخميس
حكاية مهاجر -1-
يحكي الرجل عن نفسه
متى فكر؟
و كيف دبر؟
و حين هاجر!
يعرف عن نفسه:
أنا ابن مدينة شاطئية كان من قدرها أن احتلت من قبل الإستعمار الإسباني بموجب.....
لا أتنفس سوى هواء البحرلقرب داري منه.
قبل الهجرة كنت أزيد على العقد الرابع سنة و بضعة أشهر،أب لأسرة تتكون من البنين والبنات،احترفت إحدى المهن اليدوية دون اختياري لها،أرغمت على ولوج المهنة،بعد أن انقطعت عن الدراسة في سبعينيات القرن الماضي.أنذاك كان ولوج أبناء المحرومين للمهن اليدوية -يماثل التكوين المهني فيما بعد-هو المدخل لمتابعة مشوار شقائهم في الحياة،قلّ منهم من ينتبه لمكر التاريخ.
كنت معروفا في الحي على لسان الثقافة الشعبية ب(السُّنّي) و عند بعض المثقفين ب(الخوانجي) وعند البعض الآخر ب (الإسلامي)،يحدثنا التاريخ العربي الإسلامي أن الخصوم يطلقون على بعضهم ألقابا في الغالب لم يخترها لا فريق ولا طرف ولا جماعة و لا شخص على نفسه.
يقول الرجل:
كنت قنوعا ،وكان فهمي الديني-الإسلام-يجعلني أحتاط كثيرا في كسبي للرزق في مجتمع يعيش تناقضات لم تستطع لا الأصالة ولا المعاصرة حل تلك التناقضات.
لم أكن أنزعج من الإنتقادات التي كانت تصوب نحوي من القريب قبل البعيد.
كان يقال لي: فلان يحمل نفس الصفة التي تحملها وأقل منك كفاءات،لكنه يملك منزلا بمواصفات كذا،وله سيارة من نوع كذا ، ويقال أنه يفكر في شراء قطعة أرضية في تجزئة يقال عنها كذا.
يقول الرجل:
منذ أن ولجت عالم الشغل في سن الخامسة عشرة-1973 من القرن الماضي إلى بداية 2002 من القرن الحالي-أتذكر ربما سنة أو سنتين هما اللذان اشتغلت فيهما سنة كاملة شهرا بشهر دون انقطاع باستثناء عطل المناسبات.
مع مطلع سنة 2001 إلى بداية 2002 لم أعد قادرا على تلبية الحاجات الأساسية لأسرتي الكبيرة بسبب عمل غير مستقر،دخل هزيل،متطلبات ضرورية و كثيرة،ماالعمل؟السؤال الأزلي الذي يشغل ذهن كل إنسان في أي موقع كان للخروج من.......
في هذه المرحلة من تاريخ المغرب المعاصر،كانت ظاهرة الهجرة السرية وقوارب الموت،الحدث الذي لا تخلو أي صحيفة وطنية و إقليمية بل و دولية من الحديث عن الظاهرة كل حسب وجهته وأغراضه.
إسم إسبانيا البلد الإيبيري شغل كل المدن المغربية والكثير من القرى،ودخل إلى العديد من البيوت ، وأشعل حربا باردة وساخنة بين جميع فئات المجتمع المغربي.
يقول الرجل:
ليس في هذا الكلام مبالغة،فإسم إسبانيا كبلد أوروبي وجار للمغرب كان مجهولا في بعض مناطق المغرب عند الكثير من المغاربة،لكن بعد الظاهرة-الهجرة السرية-أصبح حديث الساعة لملايين المغاربة،وغزا عقول وقلوب الشيوخ قبل الرجال،والشّابات قبل الشباب ،بل و حتّى الصبيان.
يقول الرجل:
في ليلة من الليالي الطوال،لست أدري من طرد من ؟ النوم أم أنا الذي يود النوم ؟ في سُنّةِ الله في كونه أن الليل للهدوء والراحة والنوم،والنهار للكدح والمعاش ،لكنّهم جعلوا المحرومين يشقون بالليل والنهارليظلوا في الشقاء إلى يوم اللقاء.
قلت إلّا هي سيدي ومولاي،كيف استحوذت علي فكرة الهجرة إلى إسبانيا؟
ومن أين أبدأ؟..........
بقلم: نجيب تنتين