نوستالجيا من الثرات المغربي
عالم مليء بالتقاليد العريقة و العادات الراسخة في المطبخ بعضها أغرب من بعض وفئة منها أشد رمزية من فئة
أصبحت الآن تعرف انقراضا و تضيع شيئا فشيئا كأن صخب الحياة الحديثة عصف بها.
هذه التقاليد التي تراكمت على مر العصور كانت والى زمن قريب تحتذى من الميلاد إلى الممات حذوا أمينا في
هذا البلد العريق في الحضارة و المدنية. مزيج من العادات ( الأمازيغية العربية الأندلسية الإفريقية )
* عند الولادة يقدم إلى النفساء (سلّو) ذالك الهرم من الدقيق و اللوز المحمص المطحون ليرد إليها قواها تلكم القوة التي يستمدها الرضيع غداءا من ثدي أمه
* يرمز إلى زواج الوليد بأن تتغذى النفساء بدجاجة تمثل العروس التي سيتخذها الوليد الذكر له زوجة في المستقبل أو ديك يرمز إلى عريس مبارك الذي سيكون لوليدتها زوجا فيما بعد
* سّبوع/ سابع أيام الميلاد ينحر الكبش الذي سيمنح الطفل اسما و في ذالك اليوم تقدم الفطائر المتنوعة للفطور: الملاوي الرغايف بغرير الخ. و سيخفي القفطان الواسع – لحسن الحظ – هذا السرف و غيره الذي سيغدق على الأم الشابة طيلة 40 يوما
و هناك مناسبات عديدة تنتظر التعريف بمأدباتها المتميزة حفلات الزواج الختان و الأعياد الدينية
و لكل مأدبة لها تقاليد مطبخيه ذات طابع خاص .و ستكون بداية جولتنا من (عراسيا)
* * * هاهي ذي العروس تنتظر قلقة مشغولة البال الانصراف إلى أسرتها الجديدة عندئذ تقدم لها أمها أكلات ( لم تحرك بمغرفة) كي تكون حياتها المقبلة(هنية لا كدر فيها) وفي الوقت نفسه يستعد المدعوون في منزل العريس للتلذذ على أنغام أندلسية / شعبية - ب( التفاية)التقليدية المزينة باللوز و البيض المسلوق و ( الحلوى الرغيفة) الشهيرة ومن صنع المتخصصين- بعد أن يكونوا قد طعموا من (البسطيلة) و( المشوي) أو( الدجاج المحمر بالمصيّر).
1/ وفي صباح اليوم التالي تبعث أسرة العروس للزوجين الشابين فطور قوامه اللوز بالحليب و رأس خروف مبخر وعلى هذا النحو تصبح العروس طاهرة(بيضاء) و قادرة على تسيير بيتها بكامله(رأسها)
2/ في سابع أيام الزواج تمتحن العروس أول امتحان في الطبخ بأن تهيئ في الصباح الباكر الخميرة التي ستخمر الخبز و تدخل إلى بيتها الخير و البركة. و ستختبر حماتها – المستطلعة دائما – مدى كفايتها في الطبخ و مقدار مهارتها في صنع الطعام و يعتبر النجاح في إعداد طاجين السمك اعترافا لها بالحذق في الطهي و لكي يذهب طيب المسك برائحة المطبخ تصحب العروس في ذالك اليوم للحمام و عند عودتها يقدم لها إليها الشاي المنعنع أو القهوة المعطرة بماء الزهر و القرفة و ( لقراشل ) و البيض المسلوق و اللوز المقلي لاسترجاع القوة هي في حاجة إليها
3/ و إذا بقيت في بيت أسرة الزوج و ما دامت تنتظر المولود الأول الذي سيوطد مكانتها عليها أن تطيع في احترام أوامر حماتها * تفتل الكسكس – تصنع ورق البسطيلة – و تعد الحلوى للعواشر
4/ عيد الأضحى يشترط فيها أن تحسن مزج التوابل ( المروزية ) أكلة يمكن الاحتفاظ بها مدة شهر دون ثلاجة
... يوم عيد المولد النبوي |( الميلود ) تتلذذ الأسرة بأكل العصيدة المسقية بالعسل تعده الزوجة الشابة كفطور للأسرة
... ستحضر حفل (الخليع) فتعبر عن فرحتها صحبة نساء أخريات على دقات ( طعريجة ) بينما ينحر الجزار العجل أو الثور المخصص للخليع
...ستواصل العروس مطافها فتسوي (هربل) بمناسبة حلول أول السنة وهو قمح مجروش يعمل بالحليب و يبشر بخير يعم السنة كلها وفي هذا اليوم بالذات ستحرق أصيبعاتها حين صنع الفطائر التي تنتفخ بالهواء بتأثير الحرارة ( رغايف مخمرين) وتعني كل فطيرة منتفخة للعروس الخير و البركة و السعادة و الهناء
...ستكون فخورة كذالك بطهي أول حريرة لأول شهر رمضان و بصنع ( الكر يوش ) الهش و ( سلّو ) المقوي و ستغمس ( البجماط ) في الحليب للمريض الناقه و ستهب التمر و الجوز و البيض المسلوق بمناسبة (عاشوراء ) عيد الأطفال
...و ستشهد فرحانة نحر الكبش الذي سيقدم هبة للبنائين الذين سيقيمون أسس بيتها الجديد
*ستنظف ببالغ المحبة و العناية عشها عندما يتم بناؤه وسترش أرضه بالحليب و تعطر جنباته ببخور عود الصندل ثم تفتح أبوابه للمقرئين تطعمهم من أول كسكس و تشبعهم من أول مشوي تصنعه في بيتها المستقل الجديد في حين يضرع هؤلاء المقرئين بعد تلاوة الذكر الحكيم إلى الله تعالى و يستخيرونه جل علاه أن يسبغ من كريم نعمه على الزوجين الجديدين
تلكم النعم التي ستجعل من هذه الزوجة الشابة بدورها أما يقظة و حماة صارمة و جدة رؤوفا رؤوما
،،،،،، اختفت الآن الكثير من هذه التقاليد و اندثر بعضها لكنه بقي راسخا في أعماقنا انه الأثر الواهي ..الحنين المبهم الذي يجعلنا نحلم في عالم ينغمس في الواقعية أكثر فأكثر
حين نحكي عن ثراثنا فصوتنا مليء بالحنين حياة مليئة بالتقاليد و المبادئ و البساطة .
منقول