في حوار خاص لـ (المواطن) الحمود: حينما نطالب بالتغيير يجب أن يكون المثقفون هم قادة هذا التغيير.." />
حاورته صبا النقيب
مشروع بغداد عاصمة الثقافة قدم الكثير للثقافة العراقية والمثقفين, وهي المرة الأولى التي ينفق بها على الثقافة بهذا القدر الكبير من التخصيصات المالية وتعامل الوزارة مع المثقفين الرواد باعتبارهم رموز في كل المجالات الثقافية يجب الاهتمام بهم وتقديم كل أشكال العون بما يتعلق بهم سواء حياتهم الخاصة أو عملهم ونشاطهم, والتفاؤل الذي يسود الأوساط الثقافية بمستقبل الثقافية العراقية بعديد الانجازات التي تحققت بعد العزلة التي عانى منها العراق إبان الحكم السابق ،والتغيرات التي صاحبت التغيير من سيطرة الأحزاب الإسلامية على القرار السياسي والثقافي في البلاد ومدى تأثيرها في حياة وفكر المثقف العراقي . كل تلك التساؤلات نطرحها أمام وكيل وزير الثقافة طاهر الحمود في حوار خاص لجريدة المواطن .
•ماذا قدم مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية للثقافة والمثقفين؟
-مشروع بغداد عاصمة الثقافة قدم الكثير للثقافة العراقية والمثقفين, وهي المرة الأولى التي ينفق بها على الثقافة بهذا القدر الكبير من التخصيصات المالية وتمنح الثقافة من قبل مؤسسات الدولة هذا القدر الكبير من الاهتمام وخصوصاً وزارة الثقافة, لدينا عدد كبير جداً من المشاريع التي انجزت خلال هذه الفترة منذ الاحتفال او منذ بدأ التحضير من عام 2011 كان لدينا تخصيصات مالية وان كانت ضئيلة للقيام ببعض الانشطة لكن 2012و2013 كانت حافلة جداً بالانشطة المتعلقة ببغداد عاصمة الثقافة وبكافة التخصصات الثقافية و الفنية ولم يترك نشاط لم يقم فيه نشاط او ينجز فيه عمل بدءاً من السينما, المسرح, الكتاب, الشعر, التشكيل, الندوات, الحلقات الدراسية, الورش, وغير ذلك واعتقد ان هذا النشاط المهم في هذه الفترة هو اكثر من اي نشاط في اي مناسبة مماثلة اقيمت خارج العراق, لكن المشكلة لدينا هي ان الجانب الاعلامي وتسليط الاضواء على هذه النشاطات هو اقل بكثير مما ينبغي للتعريف بهذه الانشطة, ماذا قدمنا للثقافة والمثقفين طبعاً هذه الانشطة قامت بها منظمات مجتمع مدني ومثقفون وهناك عدد كبير جداً ومئات المشاريع التي نهض بها مثقفون في هذه الفترة, اضافة الى اننا نعتقد بأن اقامة مثل هكذا انشطة بهذا الحجم الكبير سوف يترك اثر ايجابي بدون شك على المشهد الثقافي عموماً, صحيح ان المسألة هي تخصيصات مالية مرتبطة بهذه المناسبة لكن نفس هذا الحراك سيكون له تأثير ايجابي على الوضع الثقافي مستقبلاً.
•ما مدى تأثير الاحزاب الاسلامية على الثقافة, وهل فرضت قيود عليها؟
-نحن في عملنا كوزارة ثقافة لم نلمس اي اعاقة او عقبات من اي جهة حول عملنا ولم يتدخل احد, وهذه قضية اقولها للتاريخ ولجميع الاوساط, عمل وزارة الثقافة لدينا موسيقى وتشكيل وازياء وهذه تقام بالشكل الطبيعي الذي كانت تقام به ولم نواجه اي عقبة من اي جهة, لكن هناك مسألة لابد ان نشير لها وهي الوضع الاجتماعي العام ليس بالضرورة ان يكون نابع من سياسة حزب او جهة سياسية معينة, وضع اجتماعي عام ربما لديه ارتباب في بعض الانشطة الثقافية فيما يتعلق بالموسيقى والرقص او غير ذلك والبعض حتى في جوانب الفن التشكيلي لديهم ملاحظات, هذه قضية في الواقع ربما تحد بعض الشيء من الانشطة في ان تأخذ مساحة جغرافية اوسع من ما هي عليه اليوم فربما تقام اليوم في بغداد او بعض المحافظات لكن الكثير من المحافظات والوضع الاجتماعي العام قد لا يسمح لبعض الانشطة الثقافية وابدوا تحسسا لذلك, ونعطيهم الحق في ذلك لان ليس من الصحيح ان نتحدى ونتتفز هذه المشاعر, انما نقيم الانشطة الثقافية التي لا خلاف حولها لدى الوزارة والجهات الاخرى سواء كانت جهات اجتماعية مؤثرة او ادارية وحتى سياسية.
" />
•هناك ازمة تمر بها الثقافة تمنعها من مواكبة التطور والتجدد, ما هي الاسباب؟
-التطور الثقافي ليس مرتبطاً بالمؤسسات الثقافية التي تنتج بالمعنى العام, يرتبط بمؤسسات اخرى وبالوعي العام الذي اسميته انا بثقافة التنمية وبمسألة التخصيصات والاموال وكذلك بوضع البلد والوضع الامني هو يرتبط بشكل مباشر بمستوى ما يقدم من منجز ثقافي, يضاف الى ذلك ان لدينا نوع من التحسس او هاجس من كل جديد في مجال التقنية والادارة وهذه تؤثر, انحن في وزارة الثقافة لسنا نموذجيين فيما يتعلق باستيعابنا لأساليب الادارة الحديثة, على سبيل المثال التقنية الخاصة بالحاسوب والتخاطب البيني والحكومات الالكترونية واستخدام التقنيات الحديثة في ضبط الادارة وموضوع الموظفين وغير ذلك نحن لسنا نموذجيين وهذه مشكلة عامة, البطاقة الوطنية منذ سنوات طويلة ولم تنجز مع العلم ان وزارة الداخلية حريصة جداً لأنجازها لكن هناك عوائق موضوعية, وزارة الثقافة ايضاً تجد عوائق موضوعية وهذه العوائق متداخلة وليست خاصة بوزارة الثقافة فقط وانما متداخلة في كل مؤسسات الدولة وفي بنية المجتمع كذلك.
•اقترح رئيس الوزراء في كلمته أثناء افتتاح مهرجان بغداد عاصمة الثقافة الوزارة ان تكون سيادية ما مدى اهمية هذا الاقتراح . ؟
-هناك انطباع لدى الكثيرين سيما الطبقة السياسية ان الثقافة من الوزارات الهامشية التي لا اهمية لها ربما لان تخصيصاتها محدودة او لان عملها لا يبدو حاسماً في تأثيره في نظر الكثيرين لهذا كان الكثير من السياسيين يعزفون عن تولي حقيبة الثقافة لهذا السبب, دولة رئيس الوزراء يريد ان يقول المسألة ليس كما يضن هؤلاء انما المسألة ان وزارة الثقافة هي بالفعل وزارة في طليعة الوزارات المؤثرة بالبلد التي نصطلح عليها وزارات سيادية اي لايمكن ان نشرع بأي عملية تغيير في اي مجال من المجالات سواء في مجال امني او اقتصادي او بناء واعمار او الخدمات لا يمكن ما لم تكن هناك ثقافة وطنية رصينة, وعندما اقول ثقافة وطنية لا اقصد الاكثار من عدد الشعراء او عدد الفنانين التشكيليين او عدد المسرحيات, هذا شيء حسن لكنه ليس حاسم في عملية التغيير المقصود بذلك اننا نتوفر على ثقافة التنمية التي تؤثر في تطور البلد والارتقاء به على كافة الاصعدة.
•سيدة الكوميديا العراقية (أمل طه) سيدة تناشد عبر وسائل الإعلام الشرفاء من الناس طلباً للمساعدة لعلاجها خارج القطر وهي رائدة من رواد الفن العراقي, ما هو تعليقكم؟
-لم أرد ان اذكر أسماء لكن طالما ذكر اسمها, قدمنا للفنانة امل طه دعماً على وجبتين كل وجبة (عشرة ملايين دينار) وطبعاً هذا تم بعد استحصال موافقة دولة رئيس الوزراء فكما قلت ليست لدينا صلاحية في الوزارة لا وكيل ولا وزير ان يأمر بصرف مثل هكذا مبالغ, بعد ان استحصلنا موافقة دولة رئيس الوزراء صرفت لها على ما اذكر دفعتين, وما تتحدثون به عن مناشدة لأجراء عملية ليس لدينا علم, لكن قدمنا دعماً بهذا المقدار, وقدمنا لآخرين بعضهم وصل الى اكثر من (خمسين مليون دينار), وبعضهم تم صرف المبالغ لهم لتغطية تكاليف علاجهم خارج العراق بعد استحصال موافقة دولة رئيس الوزراء وبعد الاتفاق مع وزارة الخارجية باعتبارها الجهة التي تتواصل مع المعنيين بالخارج, وكما قلت مشكلتنا في هذا الموضوع هي مشكلة قانونية والا نحن مستعدون يعني ان ليس لدينا باب للصرف في وزارة الثقافة يسمى باب علاج الرواد او المبدعين ولو كان لدينا طبعاً لم نبخل على احد.
•توزيع المنحة يرافقه الكثير من المشاكل وعدم شمول الكثيرين ما الاسباب, وما هي الية توزيع المنح لهذه السنة؟
-الية توزيع المنحة هي كالتالي كما تعلمون هناك عشرات الآلف من الادباء والفنانين بكل تخصصاتهم والصحفيين نطلب من الاتحادات والنقابات والجمعيات والمنظمات المختصة ان تقدم لنا اسماء بمن تراهم يستحقون هذه المنحة, ولجأنا لهم لاننا كوزارة ثقافة لا يمكننا ان نغطي كل مساحة العراق, لا نستطيع ان نحصي ونستقرئ كل مستحق للمنحة في العراق وخصوصاً اننا ليس لدينا مديريات في المحافظات, صحيح ان لدينا بيوت ثقافية لكن مساحة عملها محدودة ولا يمكن لنا ان نعرف كم فنان واديب وصحفي موجود مثلاً في صلاح الدين او البصرة او الموصل ما لم تكن هناك جهات مختصة بهذا الامر ولديها معرفة بهذا الامر او علاقة تنظيمية او ادارية مع هؤلاء وهم كلهم مصنفون ضمن اتحادات ونقابات ولديهم اشتراكات, لذلك رأينا ان افضل طريقة حتى لا نعين هؤلاء الناس هو ان نعتمد القوائم التي تقدمها لنا الاتحادات والنقابات ونأخذ تعهداً عليهم ان كل الاسماء التي تقدم هي مستحقة بالفعل وانهم يتحملون التبعات القانونية اذا ظهر خلاف ذلك, ولا يمكن ايضاً لأي نقابة او اتحاد ان تستوفي المستحقين من يشملوا بالمكافأة كلهم بالتأكيد سوف ينسى بعضهم ربما يهمل بعضهم عن قصد او غير قصد بالتأكيد هناك عدد كبير من هؤلاء, نحن اعطينا هامشاً ولدينا صلاحية ان نمنح من نرى وتحصل لدينا القناعة بأنه يستحق ان يشمل بهذه المنحة ونبادر الى اتخاذ قرار بذلك واعطاءه هذه المنحة, لانه فيما يتعلق ببعض الاتحادات والنقابات يحصل هناك شيء من المنافسة بين الاتحادات والنقابات, ربما بعض الاشخاص ليس لديهم قناعة بالنقابة التي تمثله, الصحفي والاديب والفنان كذلك .
•هل هناك خلاف بينك وبين الجابري, ولماذا يصفك بأنك البديل له في الوزارة بعد قرار اعفائه خصوصا وان محكمة القضاء الإداري أقرت بطلان إعفاءه .؟
-الاخ والصديق الجابري هناك تاريخ بيني وبينه و رفقة درب ثلاثين عاما, لم تبدأ علاقتنا عند قدومي للوزارة وهو كان موجود وعلاقتنا طيبة جداً, لكن خلال عملنا وهذا يحصل ان تختلف الافكار والرؤى والاذواق في تقييم اي اداء او قضية او مشكلة وهذا امر طبيعي وحصل بعض الفتور في بعض الحالات لكن لم يستمر ويتحول الى قطيعة كنا نلتقي دائماً بعد كل ما يحصل ونستمر بعلاقتنا وبقينا الى اخر يوم كان الجابري في الوزارة وكنت انا معه, وسبب الخلاف هو ربما لموقف حدث وليس لديه ما يضيفه لمداخلاته علي والقضية هي ان كان هناك مشروع يسمى مشروع السادة على ما أظن في الاهوار في حينها وصلني الكتاب لاستلامه وطبعاً لم يكن المشروع واضحا لدي حاولت ان اجد اوليات المشروع, انه ليس تابع لوزارة الثقافة لكنها تشرف عليه ولم اعلم طبيعة هذا المشروع وما دور الوزارة فيه, فطلب تحقيق واستيضاح في هذا الموضوع, الاستاذ الجابري ربما بالغ في فهم دوافعي واساء الظن في موقفي وفسر هذا الهامش ان فيه شيء من الاساءة له واني اريد اعاقة عمله ولم يكن من ذلك شيء وهذا هو السبب الرئيسي, انا استمعت الى بعض ما قاله في الفضائيات عني تلميحاً ولم يذكرني بالاسم كما ذكر الاخرين بما يتعلق بموضوع اقالته وذكر اشارات اني طبختها على نار هادئة واني تصرفت بمكر وغيرها من هذه الامور انا في الحقيقة ليست لدي علاقة بهذا الجانب لا من قريب ولا من بعيد, اذا كان لدي شيء اختلف فيه عن الاخرين هو اني اول من بلغه الوزير انه اتخذ قرار في مجلس الوزراء بهذا الخصوص وسيأتيكم هذا الكتاب, وانا شخصياً سعيت وبكل جد الى ان اوقف الكثير من محاولات الاقالة للاستاذ الجابري التي قامت بها اطراف من الوزارة, واقولها بصراحة وهو يعلم ذلك مرتين وصلت المسألة الى دولة رئيس الوزراء وانا شخصياً تدخلت واوقفت ذلك ولا اريد ان اقول على وسائل الاعلام كيف اوقفت ذلك وهو يعلم لأنني قلت له ذلك شخصياً, لماذا يذكرني بهذا الشكل لا اعلم وانا ابقى احتفظ له بمودتي الصادقة واذكر له ما كان بيننا من صلة محبة و ود و رفقة درب كما اشرت.
•هل انتم متفائلون بمستقبل المنجز الثقافي؟
-هذه المسألة لها بعدان البعد الاول بعد خاص يخص الثقافة العراقية بكل الاطراف المؤثرة فيها سواء المؤسسة الرسمية المتمثلة بوزارة الثقافة او الطيف الثقافي المدني نصطلح عليه اي المجتمع الثقافي المدني من منظمات البيئة والافراد, وهناك جانب عام يخص الوضع في البلد بشكل عام لا يمكن فصل اي نشاط عما يحيط به من انشطة الحياة الاخرى والثقافة مرتبطة بسواها من الأنشطة ومرتبطة بالأمن والجانب التربوي والثقافة بمعناها الاعم والاشمل, فيما يخصنا نحن كوزارة ثقافة فأنا اعتقد ان عملنا يترصن ويترسخ يوما بعد يوم, كما ان منظمات المجتمع المدني نرى ان هناك نشاط جيد جداً في هذا الاطار والسياق, لكن كم نستطيع نحن كمعنيين بالثقافة وكمنظمات مجتمع مدني وكمؤسسات رسمية كم نستطيع ان نقدم من المنجز الثقافي الذي يسهم في ترسيخ ثقافة التغيير كما نقول, الحقيقة هذا الامر لا يتعلق بوزارة ثقافة وبهؤلاء انما هو وضع يتعلق بكل مستويات البنية العراقية بكل مجالاتها التربوية والاجتماعية والدينية والاخلاقية ومنظومة القيم هذه كلها ثؤثر في دور وزارة الثقافة وهؤلاء الناس كما تؤثر بأي نشاط اخر في البلاد.
•كلمة توجهها الى المثقفين والمعنيين بالشأن الثقافي من خلال جريدة المواطن؟
-اقول ان الثقافة ليست مجردة او مجرد ابداع بالمعنى الاخص ليست لوحة جميلة ومعبرة نرسمها, ولا مسرحية تشتمل على التقنيات المطلوبة في المسرح, وليست فيلم يتوفر على التقنية المطلوبة في السينما, ولا قصيدة جميلة, الثقافة قبل كل شيء هي التزام بقضايا المجتمع والامة وهناك مسؤولية كبيرة يتعين علينا ان نتصدى لها قبل ان نستحق لقب المثقف او يكون ما نقدمه يسمى ثقافة, المثقفون جميعاً والمهتمون بالشأن الثقافي ونحن في طليعتهم معنيون ومسؤولون عن ذلك اي عن اشاعة الوعي بين صفوف الجمهور في كل ما يتعلق بالشأن العام و الوطني وبكافة المجالات, المثقف ليس شخصاً متميزاً ويتلذذ بعزلته او وجوده في برجه العاجي كما يظن الكثيرون وينظر من الاعلى, المثقف الحقيقي هو من ينزل ويشارك الامة همومها ويقف في الطليعة, فنحن حينما نريد ان نغير يجب ان يكون المثقفون هم قادة هذا التغيير, ولدينا مهام كبيرة ولا يمكن القيام بها دون ان يكون للمثقف بها اشترك مباشر ودور مهم في هذه العملية.
" />