لكلٍّ منّا طريقته في الوصول إلى أهدافه وطموحاته. ولايعيبُ المرء سعيه الحثيث لتحسين ظروف حياته وبلوغ مراميه ومقاصده.
فالحياة تفقد معناها إذا استسلمَ الإنسان لليأس وركن للخنوع, لأنَّ العمل هو جوهر الحياة, وهو روح الحياة التي تمدها بأسباب اللذة والسعادة والأمان. فبهِ ترتقي النفوس وبه تبنى الأوطان وعلى قاعدته تشاد الحضارات ومن نتاجه تتحقق الرفاهية والعزّ والسؤدد. والعمل أيضاً هو مرآةُ العقل التي تعكس صورته الحقيقية. فكلما كانَ العمل جاداً ونظيفاً ومفيداً كان العقل سليماً وصحيحاً , وكلما انحدر العمل نحو الرذائل والضرر دلَّ على عقل مريض ونفسٍ لئيمة.
من هنا نستخلص أنَّ الأهدافَ النبيلة لاتتحقق بالأعمال الدنيئة , لأنَّ العروة التي تربط بين الهدف النبيل والعقل النيّر وثقى لاتفصمها الخسّة ولاتلوثها النذالة. والعكس بالعكس فإن أيسر الطرق وأقربها لبلوغ الأهداف الرخيصة مقصد العقول المظلمة هي المكر والخداع والاصطياد في المياه الموحلة القذرة منهل الجبناء ومورد المهووسين والموتورين والأدعياء.
وكما عوّدتنا الحياة هذه المدرسة العظيمة التي تتجدد كلَّ ساعة حتى لايصيبها الترهل والخمول, على أنه لايصحُّ إلا الصحيح, وأنَّ الأشجار الطيبة ستثمر ثماراً طيبة مهما اشتدّت الرياح وجنّ جنونها. وأنَّ الأيام ستكشف المعادن ويعرف الغثّ من السمين, مهما أحكم المراؤون خططهم وغيروا وجوههم وبدلوا أثوابهم, سيأتي يوم تظهر فيه الحقائق وتنجلي فيه المبهمات, والشقي من اتعظ بنفسه, أمّا السعيد فمن اتّعظ بغيره.
حسين يوسف عباس