- ابراهيم الرامي كتب:
- أخي وأستاذي الفاضل الدكتور محمد عالي خنفر ...أشكرك جزيل الشكر على هاته المعلومات القيمة التي قدمتها إلينا فيما يخص تصنيف الكتابات الإبداعية ( شعرفصيح عمودي - نثر - زجل إلخ ) وهناك مايصطلح عليه السجية والخاطرة فهل لأستاذي الفاضل ان يشرح لنا الفرق بين النثر أو النثيرة وبين السجية و الخاطرة لان الأمور اختلطت على الكثير من القراء الذين لايفرقون بين كل هاته الاصناف ولكم جزيل الشكر...
مودتي الخالصة
أخوك ابراهيم الرامي
[b][right] أخي الأستاذ الشاعر المبدع أشكرك على هذا التعقيب المثمر، أريد بداية أن أذكر بكل تواضع أننا نتبادل معطيات ثقافية، نستفيد من بعضنا البعض، لأن التعلم لا يقتصر على عمر معين، كما قال الرسول الكريم:"أطلبوا العلم من المهد إلى اللحد".
أما بخصوص سؤالكم، فيمكن أن أقول إن "النثير/ة" جنس أدبي قديم، له أصول وقواعد، تكتسب عن طريق الموهبة، وهو يتميز بحضور البديهة والسجية والخاطرة، من أمثلته القديمة ما يعرف بـ"سجع الكهان"، و"الأسجاع"، و"الأمثال"، وبعض الخطب والوصايا، وغيرها، أما بالنسبة لأمثلته في العصر الحديث، فتتركز فيما يعرف بمصطلح مستورد هو"قصيدة/النثر"، وهو مصطلح غير دقيق، لكونه يتضمن الشيء ونقيضه، فـ"القصيدة" تقتصر على الشعر المضبوط بالوزن، بينما "النثر"يختلف عن "القصيدة" اختلافا تاما، ولا يصح التركيب بينهما كمصطلح واحد، على الأقل في الثقافة العربية، كما يمكن أن يدخل ضمنه كل أسلوب شعري لا يوظف الوزن العروضي، بطريفة منظمة تعتمد الأدوار الإيقاعية الحقيقة، لا التفاعيل العروضية، ولا الأسطر غير المتساوية..
وذلك لأن الشعر فن، والفن كما هو معروف ليس فوضى ولا عبثا، وإنما هو أنساق فنية تكتسب جماليتها من اتساقها ونظامها، مثال ذلك: الموسيقى لا بد لها من سلم يتم اكتسابه، بالموهبة وبالتعلم، والمران، وكذلك جميع الفنون، من رقص، وغناء، ورسم، وغيرها، والشيء ذاته بالنسبة للشعر، فلم يكن الشعر فوضى، وإنما هو أنظمة متناسقة، وكل ما نجده في الكون، يعتمد على نسق لا يحيد عنه، سنة الله في خلقه...
وهكذا فالزجل مثلا يعتمد نظاما معينا، وليس فوضى كما يظن البعض، صحيح أن لغته ليست فصيحة، لكنها منتظمة في ذاتها، ومتسقة في شعريتها، وإلا لما كانت شعرا زجليا، ووزن هذا الزجل يمكن أن يتفق أحيانا مع وزن الشعر الفصيح، ويمكن أن يختلف عنه، في كثير من الأحيان، طبقا لخصوصية كل منهما على حدة...
وأما الفرق بين "النثير/ة" وكل من "السجية والخاطرة"، فأعتقد شخصيا أن الأول جنس أدبي خاص، بينما الآخران ليسا كذلك، وإنما هما صفتان، يمكن أن يتصف بها كل جنس أدبي، بما فيها الشعر، والزجل، وغيرهما، والمقصود بهما غلبة الطبع على الصنعة، ويمكن أن تطلقا على لون أدبي معين، من باب تسمية الشيء ببعض لوازمه...
مع تحياتي وتقديري ومودتي