من فرط فرحته ...اختلى بنفسه ...فوق وسادته التي رافقته في رحلاته عبر زمنه الموحش...و أجهش بالبكاء...أخيرا استعاد آدميته المفقودة لسنوات عدة...أحس بدفء الأسرة المنفي عبر أزمنة التهميش...بعد أن فقد طعم الحياة ...ولون الزهر وعطره ..وشكل السماء..كان في قمة النشوة وهو ينظر الى وجوه ملائكية الملامح , تحفه بنسمات الحب الحقيقي...تبسم ..ضحك من أعماقه في براءة طفولته المغتالة فوق أرصفة الحرمان...أحس أن روحه عادت اليه بعدما تاهت عنه داخل سراديب الاقصاء والجحود...سجد لله وكبر ...فكان يقينه مادام الله موجودا ...فالأمل موجود بوجوده ...استرجع أحداث تلك الليلة ...ليلة تضاهي في بهاءها ألف ليلة وليلة...فن- ابتسامة- نغمات ..صفع وجهه ليتأكد أنه ليس في حلم بل في يقظة...استعاد وعيه وصرخ ( كم أنت حليم يا رب ) دمعت عيناه مرة أخرى بفرح الصبا ...غازل بفكره أحاديث أناس أجلاء جمعت بينهم محبة في الله ..وحب الفن..وصفاء القلب والروح...ضمهم بيت يعبق بشتى ألوان الجمال والزهور ...وأطيب الطيب والعطور...
كانت فرحته عظيمة ...مثل طفل ضال وجد أمه ...رفع رأسه ويديه في اتجاه السماء وقال ( اللهم بارك هذا الجمع الميمون المبارك الطيب...وأدم نعمتك عليه...واحفظه من كل سوء ) فأخذته سنة من النوم لم ينعم بها منذ سنوات خلت