بمفترق الطريق الساحلي عبر القنطرة الرابطة بين ضفتي وادي أبي رقراق الفاصل بين العد وتين الرباط و سلا . ارتفعت منبهات السيارات والشاحنات..اجتمع على إثرها حشد من المارة يستطلع الأمــر ..؟
من مرتفع صومعة حسان التاريخية تحلق عابروا السبيل، المتجهين نحو مدينة سلا، متطاولين بأعناقهم يستطلعون الأمر من زاوية عليا ، قبل أن يلتحقوا بالأسفل عبر أدراج خصصت لمن يعبر القنطرة راجلا..
مشهد مسرحية يحدده إطار الواقعة. حشد سيارات وشاحنات..وزعيق منبهات وصراخ مارة، وصيحات جماهير تتوق لمعرفة ما يجري ويدور بالأسفل.
سيارة متوقفة بمقدمة الطابور، سائقها ذو البذلة الرمادية والقميص البني، وربطة العنق المنقطة بألوان فاتحة، يتمنطق بحزام السلامة، جالس في ذهول. تبدو على محياه مسحة وجل أعاقته عن فك الحزام، والنزول للاطلاع على ما يجري. توقف احتراما لعبور هريرة نحيفة، الطريق مخافة أن يدوسها بسيارته – رغم أحقيته في الأسبقية - . الهريرة اشتمت رائحة التعاطف معها نتيجة توقفه، أوهمته بالعبور وصعدت جهة إحدى نوابض سيارته. أحد المارة رمقها وهي تستقر بالأسفل، أخبر السائق، مما جعله في ريبة من أمره، توقف وأطال التوقف منتظرا انسحابها، إلا أنها أبت الحراك مما حتم على فاعل الخير هذا بأن يهش عليها صارخا: " التصب، التصاااب". لم تعره اهتماما، فانبطح أسفل السيارة باحثا عن مكمن استقرارها.
السيارات والآليات العابرة للطريق الساحلي تفاجأت بالعرقلة، مما اضطرها لاستخدام منبهاتها. أصبحت أصوات المنبهات تتعال لطول فترة الانتظار، ومن كان يبحث عن السبب يعتقد أن هناك حادثة سير باعتبار فاعل الخير المنبطح أسفل السيارة مصاب..
كثرت الاستفهامات: لماذا هذا التوقف الاضطراري ؟.. . حاول سائق السيارة احترام حق الحيوان بالسماح لهريرة بعبور الطريق، لكن ما وقع لم يكن في الحسبان ! ؟ .
تضامن ثلة من الشباب لحل مشكل العرقلة بعدما وزعوا الأدوار فيما بينهم. تموقع كل فرد منهم جهة من الجهات الأربع للسيارة، جلسوا القرفصاء، مدوا أعناقهم أسفل السيارة. لم يبــد لهم أي شيء. بدأ كل واحد ينقر جهته علها تستجيب..ظلت الهريرة صامتة إلى أن صاحوا بصوت واحد، وبنبرة منرفزة عالية : " التصاااااب، التصااااااااب". نطت الهريرة مذعورة لما أصابها من بني الإنسان. اتخذت وجهتها سيارة ثانية بالطابور، لم تجد سوى حاوية للنفايات، حاولت تسلقها باحثة عن مكمن هناك ، لحظتها تنفس سائق السيارة الصعداء بعدما رمق من المرآة العاكسة عمال النظافة، وهم يقفزون من الشاحنة بعدما رأوا الهريرة وهي تحاول تسلق الحاوية. ذعرت من فرط وقع أقدامهم..فرت هاربة بجلدها وهي تعبر الطريق وسط جمهور وآليات وزعيق وصفير…تاركة وراءها عرقلة من حجم حادثة سير..ناظرة وراءها بكل أسف تدخل فضوليين ضيعوا عليها فرصة "لحريك" إلى جهة من الجهات، بحثا عن لقمة عيش..
وهي غاضبة محتجة ، رافعة صوت موائها، اندست في حشائش نابتة عشوائيا على جنبات الطريق، تتنفس الصعداء، وتدعو بالخيبة على من كانوا السبب في حرمانها..
ارتفعت قهقهات السائقين ، وتعليقات المتفرجين من موقف هذا الحيوان الأليف، المنهك الضعيف، وهو يخلق جو عرقلة من نوع آخــــــــر.!!

اخي العزيزالاستاذ عبدالكريم القيشوري
يتجسد الابداع دائما في مواضيعك
تحية قلبية من الاعماق ابعثها لك

ألم أقل بأن لك حاسة فوق العد والعدد
فعلا موقف نادر ويستحق الاعتبار,ترى هل كان سيقع بالإنسان ما وقع لهذه الهريرة ؟ترى هل فعلا في بلدنا ينعم الحيوان بحقه بهذا الشكل في الوقت ذاته أين منه ذاك الإنسان الذي عشق مكرها قوارب الموت؟؟؟
ننتظر المزيد من إبداعك سيدي القاص الفذ
تحياتي لك.

سعيد محمودي كتب:

اخي العزيزالاستاذ عبدالكريم القيشوري
يتجسد الابداع دائما في مواضيعك
تحية قلبية من الاعماق ابعثها لك

الشكر الجزيل للأستاذ والمبدع سعيد محمودي . مواكبتك لكل مستجد إبداعي في كل الأجناس ؛ يحفز صاحبه على مواصلة الكتابة ؛ والنبش في حفريات الإبداع .
دمت مهتما ومواكبا ؛ ودامت لك الصحة والعافية .
مودتي.

أستاذي المبدع عبدالكريم القيشوري ....لن أقول شيئا أمام هذا الابداع الراقي شكرا على اتحافنا بهذه النصوص الجميلة الراقية ...مع أغلى المتمنيات

الشيخ العجوز البوهالي

bouhali كتب:

أستاذي المبدع عبدالكريم القيشوري ....لن أقول شيئا أمام هذا الابداع الراقي شكرا على اتحافنا بهذه النصوص الجميلة الراقية ...مع أغلى المتمنيات

الشيخ العجوز البوهالي

الشكر الوافر للشاب البوهالي . الشباب ينط من عينيك يا أخي . والشباب كما يقولون : شباب القلب. فبما أنك مازلت تمارس حياتك بكل حيوية ونشاط ؛ وتمارس فعل الحياة ـ القراءة والكتابة ـ فأنت شاب بامتياز . فكلمة عجوز تتضمن صفة العجز ؛ وهي تنتفي في شخصك.
تحياتي الخالصة الأخ البوهالي.