جبل عرفات
يقف في اليوم التاسع من ذي الحجة من كل عام في "عرفات" أكثر من مليوني حاج من أصل 7 مليار عدد سكان العالم، جاءوا للحج من كل فج عميق، من كل بلدان العالم من بلدانا عربية وأفريقية وأوربية وأسيوية، ومن شتى البقاع، ليشهدوا يوم الوقفة الكبرى ملبين ومكبرين "لبيك اللهم لك لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك"، مقتدين بسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، راجين رحمة الله ومغفرة الذنوب، حيث أعلنت مصادر رسمية سعودية وصول أكثر من مليون ونصف المليون شخص من خارج المملكة العربية السعودية لأداء مناسك الحج عبر المنافذ البرية والجوية والبحرية، ويحج من داخل المملكة بين 700 إلى 800 ألف شخص غالبيتهم من المقيمين الوافدين لأن أعداد السعوديين لا تتجاوز ربع مليون، بحسب مصادر في وزارة الحج السعودية.
فيوم عرفة من الأيام الفاضلة، التي تجاب فيه الدعوات، وتقال فيه العثرات، ويباهي الله فيه الملائكة بأهل عرفات، وهو يوم عظَّم الله أمره، ورفع على الأيام قدره ، وهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة، ويوم مغفرة الذنوب والعتق من النيران.
وسُمِّي عرفة بهذا الاسم ، لأن الناس يتعارفون فيه، وقيل: سُمِّي بذلك ، لأن جبريل طاف بإبراهيم عليه السلام، كان يريه المشاهد فيقول له: "أَعَرَفْتَ؟ أَعَرَفْتَ؟ فيقول إبراهيم: عَرَفْتُ، عَرَفْتُ" ، وقيل: "لأن آدم عليه السلام، لما هبط من الجنة وكان من فراقه حواء ما كان فلقيها في ذلك الموضع ، فعرفها وعرفته".وعُرف كذلك باسم عرفات، كما قال تعالى: "فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام" ، ورفة أو عرفات ميدان واسع أرضه مستوية يبلغ نحو ميلين طولا في مثلهما عرضا، وكانت عرفة قرية، فيها مزارع وخضر، وبها دور لأهل مكة، أما اليوم فلم يبق لهذه الدور من أثر.
والوقوف بعرفة ركن من أركان الحج لقول الله تعالى: "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا"، ثم فسر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "الحج عرفة"، أي: الحج هو الوقوف بعرفة، لأن الحج فعل، وعرفة مكان، فلا يكون حجًا إلا إذ حصل الوقوف، وحيث إن الحج فرض بنص الآية الكريمة، وإن الحج هو الوقوف بعرفة، فيكون الوقوف ركنا من أركان الحج.
وفي عرفات جبل الرحمة، وهو عبارة عن أكمة أو تل صغير يصعد عليه الحجاج يوم الوقوف، وقد قال العلماء إنه ليس شرطا أن يقف عليه الحاج، أو إنه ليس من واجبات الحج، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما وقف في مكانه: "وقفت ها هنا بعرفة، وعرفة كلها موقف"، وهناك منطقة من الجبل تسمى مبرك الناقة يتسابق الحجاج للوقوف عليها، وهي صخرة عظيمة شبه مستوية في أسفل الجبل الذي يتوسط المشعر، حيث كان مبرك ناقته صلى الله عليه وسلم هناك، وكثير من الحجاج يتزاحمون على هذا المكان تأسيا به عليه الصلاة والسلام.