يعرف الجميع أن الدارالبيضاء هي القلب النابض للمغرب في جميع القطاعات بما فيها القطاع الثقافي ، غير أن هذه المدينة العملاقة و المغلوبة على أمرها ابتليت في تسييرها بمن لا يعرف ولا يقدر قيمتها وقيمة ما تختزنه من تراث وما ينقصها من تجهيزات، فمن المؤسسات التي تفتقدها الدارالبيضاء مسرح كبير يليق بالمدينة كما هو الشأن بالنسبة لمسرح محمد الخامس بالرباط، ويبدو أن المجلس الجماعي للمدينة قرر أخيرا بناء المسرح الكبير للدارالبيضاء وهذا خبر لا يمكن إلا التصفيق له و تشجيعه ، غير أن هذا الخبر الذي تداوله المجلس مؤخرا ورغم كلفته الباهظة خاصة بالنسبة للدراسات والتي خلقت جدالا بين المستشارين الجماعيين، فإن الكارثة الحقيقية هي عندما نقرر اقامة صرح هام على حساب صرح آخر قد لا يقل أهمية،و الأمر هنا يتعلق بساحة محمد الخامس أو ساحة الحمام كما يسميها البيضاويون أو ساحة النافورة، وهي الساحة التي تقع في قلب الدارالبيضاء و المقابلة لمبنى الولاية و المجاورة لحديقة الجامعة العربية، فهذه الساحة التي يمكن اعتبارها إرثا حضاريا وتراثا لمدينة الدارالبيضاء يجب المحافظة عليه في مدينة تعتبر هي الأكبر في المغرب وتفتقد للفضاءات الكافية لأبنائها جاءت الدراسات التي تخطط لهدمها وبناء المسرح مكانها، وعوض التفكير في إضافة المساحات الخضراء فإن المجلس الجماعي للبيضاء يخطط كيف يقضي على ما تبقى منها، ترى هل فعلا سيقرر المجلس بناء المسرح مكان ساحة النافورة أم أن الأمر لا يعدو عن كونه مزايدات سياسية خصوصا أننا على أبواب الانتخابات البرلمانية؟ كيفما كان الحال فالدارالبيضاء فعلا تحتاج لمسرح كبير ملائم لمكانتها وهي في أمس الحاجة لذلك، غير أن الدارالبيضاء أيضا محتاجة لفضاءاتها التي رغم قلتها تعتبر رئة للساكنة البيضاوية تتنفس من خلالها في مدينة اكتسح الاسمنت كل جوانبها.
من جريدة فسحة