عثمان حسيني
2011/02/11
الرباط
مصر .. الشعب الذي أسقط النظام

ــ ما بين جٌمعة الغضب وجٌمعة الصمود وجٌمعة الرّحيل، كُتبت فصول حرية الشعب المصري الأبي .الشعب، يريد إسقاط النظام" هذا هو الشعار الذي رددته حناجرالجماهير الشعبية الثائرة في مصر ارض الكنانة، هم عُدّة الثورة وعتادها، انهم بنادق الحريةوعلى رأي الشيخ امام حين قال :"إِحْنَا الْحَرْبْ حَطَبْهَا وُنَارْهَا، وٍاِحْنَا الْجِيشْ اِلِّي حَرَّرْهَا ". ان شباب 25 يناير استطاع بالفعل ان يطهِّر ارض مصر من وسخ التسلط والاستبداد، ان شباب مصر استطاع ان يعيد تسطير التاريخ المجيد بدم الحرية والعزة والكرامة، وانه ارسلرموز الظلم والظلام الى مزبلة التاريخ اسوة بمن وقع كامب ديفيد السيئة الذكر .
ما كان لك يا جمال عبد الناصر ان ترحل قبل ان ترى شعب مصر الذي خرج ليطالبك بعدم التنحي عن السلطة ها هو ذا اليوم يجبر الطاغية مبارك على ترك مقاليد الحكم والذهاب الى المجهولمخاطبا اياه :
يَا كَهِلَ الْكِنَانَة، ذِي مُشْ أَرْضْالْمَهَانَة ،ثَلَاثٍينْ سَنَة خَرَابْ وٌخِيَّانَة، ضَيَّعْتِ الرَّعِيَّة وُخُنْتِ الْأَمَانَة
أكثر من ثلاثين سنة والشعب المصري يرزح تحت ليل الاحتلال المخزي الذي فرضه عليهم عبدة السلطة وعلى راسهم سليل خوفو في ممارسة الاستبداد والديكتاتورية القمعية التي احتلت البلاد وأرهبت العباد وجعلت يدها قبضة من حديد تخنق بها انفاس شعب ابي احب الحرية .
ما اثارني في شريط حرية واستقلال الشارع المصري هو انه حطَّم الرقم التونسي في مدة اسقاط النظام محتفظا بنفس الاستراتيجية التي لخص فصولها ميدان التحرير وباقي المواقع النضالية الخالدة بدماء وأرواح شهداء الثورة، إذا كان رفاق الثورة في تونس، ومند شرارة البوعزيزي،انتظروا أكثر من 25 يوما قبل ان يعلن الهارب بن علي تخليه عن السلطنة، فإن الجماهير الشعبية المصرية حققت رقم قياسي لم يتعدى 19 يوما من الاعتصام والاستماثة في الدفاع عن الحق في الوجود، عن الحق في الديمقراطية، عن الحق في الخروج من قبضة الفرعون مبارك الذي استطاب المقام على كرسي الرئاسة ضاربا عرض الحائط كل اوجه الديمقراطية، ان كان بالفعل يعرفأن معناها "حكم الشعب نفسه بنفسه بواسطة اشخاص منتخبين يتم التصويت عنهم بشكل شفاف ونزيه " واين الشفافية والنزاهة مما كانت تجري عليه الممارسة الانتخابية في مصر؟ !
وما لا تريد ان تفهمه هذه الانظمة الديكتاتورية المستبدة التي تدَّعي الديمقراطية في خطاباتها الدعائية، انها بعيدة كل البعد عن الديمقراطية، وان هذه الاخيرة بريئةمنهم براءة الذئب من دم بن يعقوب، فإذا رجعنا الى مناقشة مفهوم الديمقراطية حسب رأي الباحث "انطوني جيدنيز"، فالديمقراطية هي اقوى فكرة فاعلة في القرن العشرين. وما اقل الدول في العالم التي تنتسب إليها، لأنها بكل بساطة، اي الديمقراطية، هي نظام يدعو الى منافسة حقيقية بين الاحزاب السياسية على مراكز السلطة. وتوجد في ضل الديمقراطية انتخابات منتظمة ونزيهة، بحيث يمكن لكل افراد الشعب المشاركة فيها.
وفي محاولة يائسة لامتصاص الغضب العارم واخماد نار الثورة الشعبية المجيدة،اقترح النظام المصري، ككل الانظمة اللاشعبية اللاديمقراطية، بعض الحلول الترقيعية سائرا على نهج رفاقه في درب الظلم والاستبداد والتسلط،فأقال الحكومة، أعلن عن عدم رغبته في الترشح لا هو ولا احد من عائلته فيالاستحقاقات الرئاسية المقبلة،عيَّن نائبا لرئيس الجمهورية ــ لأوّل مرة يكون هناك نائب الجمهورية ــوكلفه بتشكيل لجنة للحوار مع المعارضة ومع الشباب ... لكن الجميل في الجماهير الشعبية انها ومند البدائية قدمت مطلبا واحداً ووحيداً، هو اسقاط نظام الطاغية، الذي اعتبر رهانهمالحقيقي للإصلاح الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، بل إنهمأجلواشرب نخب الى حين الانتصار الذي تأت لهم يوم 11 فبراير من العام 2011 بعد ان كسرو بيد تطاير منها الشرر قيود الظلم والاستبداد. لقد استفاق فعلا هذا الشعب من سبات دام عقود ليكتشف حينها الفرق بين ما يسوق له الاعلام المصري، التابع لقصر الرئاسة، الذي هو جزء من سلطة النظام وما يعيشه على ارض الواقع .استفق يا شيخ امام لترى الحرب حطبها ونرها وترى الجيش الي حررها :
هُمّا مِينْ وِحْنَا مِينْ؟ هُمَّا الْأُمَرَوِالسَّلَاطِينْ،
هُمَّا الْمَالْ وِالْحُكْمِمْعَاهُمْ، وِحْنَا الْفُقَرٍا الْمْحرُومِينْ
هَزَّرْ فَزَّرْ شَغِّلْ مُخَّكْ، شُوفْ مِينْ فِينَا بْيِحْكُمْ مِينْ
فلو كنت بالفعل ايها المبارك كما تدّعي عملت لأكثر من ستين عاما على خدمة الوطن والمواطنين، ما كان لشعب مصر ان يخرج معلنا انه يريد اسقاطك انت وزبانية الظلم"تبعك". فانت مند البداية كنت تعلم أن بركان الشعب قد انفجر وان نيرنه ستحرق كل رموز الفساد، كما فعل جسد البوعزيزي في تونس، لكن، و يا لا الاسف، ورم الحكم الذي انتشر في جسدك المهترئ، وخوفك من مفارقة السلطة على اعتبار انها ستحميك من الغرق في طوفان الغضب الشعبي، جعلك تحتمي بالصمت والتواري عن الانظار في انتظار طوق النجاة،لا عاصم لك اليوم،الذي يمكن أن يحميك من القانون ومن المحاسبة، انا شخصيا أحييك تحية الخزي والعار فعلا على تشبتك الغير المسبوقواستماتتك بكرسي الرئاسة وكأن الفراعنة الأوائل اوصوا لك بحق السلطة الدائمة في ارضهم، لا تريد ان تفارقها وبقيت حتى آخر اللحظات متشبثا بالفراغ الذي صنعته لنفسك، ويا لا الغباء حين اعلنت انك خلال الشهور الباقية لشرعيتك في السلطة ستعمل على االاصلاح، وعلى محاسبة من تلطخت ايديهم بدماء الابرياء من بني شعبك .
لكن، الساذجهو من يصدق مثل هكذا اقاويل، فماذا كنت تفعل على رأس السلطة لأكثر من ثلاثين سنة ضدا على شرعية الديمقراطية وضدا حتى على شعب يرزح السواد الاعظم منه في دياجير الفقر بسبب فسادك السياسي؟ كل ما ضيعته خلال هذه السنين تريد اصلاحه في أشهر معدودة اللهم ان كنت تملك الفانوس السحري.وعلى رأي احد المحلّلين: نظام مبارك ارتكب اخطاء قاتلة اجهزت عليه
ــ اولها احتقاره لأبناء شعبه وايمانه بان هؤلاء فقدو القدرة على التحرك والاحتجاج مهما جلدهم بسياط القمع .
ــ ثانهما الاستخفاف بالأحزاب السياسية والاصرار على اسقاطها في الانتخابات الاخيرة بأبشع انواع التزوير واكثرها سذاجة .
وفي الاخير لا يسعني الا القول أن أكبر درس نستخلصه من التجربتين المصرية والتونسية والقادم من التجارب الاخرى، ان الشعوب لا تمت، وان إرادتها اقوى من ديكتاتورية وقمع الانظمة، لأنها بكل بساطة تحب الحرية والعزة والكرامة . فيا أيها القادة، يا أيها القادة استوعبوا درس الدرس ولا تستخفوابشعوبكم فها هما شعبا تونس ومصر قدم النموذج الشعبي للتغيير السياسي، والعبرة لمن يعتبر .
عثمان حسيني
2011/02/11
الرباط

أخي وصديقي عثمان حوسيني

استمتعت بقراءة مقالتك الصحفية
وأعتقد أنه حان الوقت كي يصير العرب مثلا لكل الشعوب في المقاومة من أجل الاستعباد

حان الوقت للإصلاح
والشفافية
والمحاسبة

في غضون شهر انحلت حكومتين
الأولى تونسية
والثانية مصرية

وهنا ستواجه الدول العربية أكبر المطالب بالإصلاح
لأن الشعوب أخيرا استفاقت بعد ذاتين الثورتين

أخي عثمان :
الأن وأخيرا ستقدم للشعوب العربية تنازلات من حكامها