صديقتي ..
كم لبثت أفتش في حياتي عن كلام جميل أختار له وقتا جميلا و ظروفا غير عادية أنشده فيها علــــى مسامع رفيق لي لا أخفيه شيئا و لا يخفيني ... و تعبت و أرهقني التعلق بالأمل مرة تلو المرة ، فكنت أبـدو كالذي يضمر الأحزان و يبدي للناس أنه سعيد لا أجد من يصدقني الجواب و لا حتى من يفندني إن كــــان في لساني زيغ أو في شخصي ما يعيب. عالمي ممتلئ بالتساؤلات و في بالي أكثر من ألف ألف شيء ، لا يهنأ فكري بل و لا أصل لنهاية أرجوها إلا إن غلبني النوم و أطبقت جفوني.
كل هذا سيظهر لك كأنه فشل بسيط في تحقيق بعض الأحلام العادية ، يمكن له أن يحدث في كـــــــــل زمان و لأي إنسان ، و ستقولين أيضا إنه لا يمكن فقد الأمل حتى لو تكرر الفشل و تداولت الأيام بنــــفس الظروف و النتائج و هذا صحيح فالإنسان لا تحلو له الأيام و الأوقات سوى حين يتجرع مرارة الانتظار و يتذوق ألم اليأس و فقدان الأمل. لكنني لست ملك ، و ليس بالأمر المتاح لي أن أتنبأ بالذي سيكون .. إنمــــا أعيش كأي روح داخل جسد ، أنصهر مع أيام الحياة و أدخل رونقها باختياري الذي أراه في البدء اختيــارا مقبول و ناجح ، ثم ألعب على الأمل الذي تهبني إياه و حين أرى غيري يدرك الذي تمناه بينما أنا لم أصـل بعد .. أقول في نفسي : ما يدريك !!!! فعلا ما كنت لأدري غيب الأيام.
و أحيانا ، بل و في كثير من المواقف التي تراها عيني ، أجدني أخاطب الأيام : ما بـالك تحققيــــــــن أحلاما كبيرة للناس و تذرينني أنا الفرد الذي لا يلتمسك سوى أمنية صغيرة و حلما يكاد يندثر من بساطته هل هي اختبارات تضعينني أمامها أم هو أمر متعلق بالأقدار، أم هي فقط توازنات الحياة ؟
يا صديقتي .. عجبي على بعض البشر ، يتذوق من الحياة أحلى الذي يمكن أن يكون ، و تهبه الأيــــام ظروفا يمكن أن يعيش فيها واسع الصدر مرتاح الفكر و البال ، لكنه وقتها كان قد أسس أحلاما أكبر مــــن التي كانت بالأمس لا تتعدى رؤى حين تنام العيون. لماذا حين ندرك بعض أمانينا نبدأ برسم طموحــــــات أثقل من التي فاتت و نعود لنفس المكان خالعين عنا عباءة الفرح بضحكة الأيام لنا حينا من الدهر.
كانت أحلامي أن أمشي في الدنيا بلا رفيق ، أجوب كل الدروب فرداً و لا يسألني أحد احتساء كـــوب من الشاي معه و لا حتى تبادل الحديث ، لكنني لمحت في بعض الزوايا من حياتي أمورًا ظننت أنــــها لا تعنيني في شيء و تغاضيت عنها بعدم اهتمام عجيب كأن بي شيئا يمنعني من تغيير الأفكار، فكنــــت أرى الحياة بين الناس أعذب منظرا و أجمل ، فقط حين يكون للإنسان فيها رفيق أو صديق ، و كنت ألاحــــــظ ببعض المواقف أجناسا من البشر لا تبدو سعيدة إلا حين تلتقي برفقة أو صحبة ، ثم و أنا في هنيهة قصيرة لاح في فكري تساؤل ملأ عقلي و كياني ، أنا لم أتذوق بعد طعم الرفقة و لم أعرف هل كانت لتناسبنـــــــي صحبة في أيامي أم لا ؟؟ و لم أذكر أنني وقفت يوما على هذا التساؤل بإجابات صريحة و مقبولة ، فلــماذا إذن أبدو فاقداً لرفيق و أنا بوسعي امتلاك الكثير منهم ؟؟ ، لماذا إن كانت خلفية الصديق في حــــــــياتي لا تعكس أمورا سيئة ، أمنع نفسي من صنع خلفية أجمل و أصفى .. ؟ فانغمست أفتش ، و أبحث و أقول ربما ليس اليوم ، ربما في الغد ، و مع توالي الأيام بدا لي العثور على صديق وفي ، أو رفيق حبيب طيــــــب ، أصعب من تغيير الأفكار .. ما أقصاني حين حرمت نفسي من امتلاك رفيق و ما أغباني حين ظننــــت أن العثور عليه أمر سهل.
صديقتي ، غير مهم عندي الآن تحقيق أحلام مضت ، و لا أنا محتاج لرفيق صادق أمين .. سأنســاب مع ينابيع الحياة حتى لو كان بعضها مالحاً ، فلا الزمان زمان صدق و لا المكان يناسب أفكار الذين يبنون حياتهم على القيم و الأولويات الفكرية .. قررت أن أعيش بالذي يمليه الواقع جملة و معنى ، و بأن أخوض كل التجارب التي تضعني الأيام أمامها و بأن لا أسأل بعد اليوم عن أي شيء لا أفهمه أو أمر لا أقبله ، فقد عشت على ذاك الأسلوب ماضياً كاملاً و كانت النهاية أنني تأخرت عن الركب و سبقني مــــن كانــــــــوا برفقتـــي ، عندما كنت أسمعهم ينادونني صديقي و كنت أضع شروطا قاسية لأكون رفيقهم .. فابتعــدوا !!
خليفـــــــــة 2010/ Sépt / 02
رمضان الفضيل .