في حوار أجرته جريدة الأحداث المغربية و تم نشره بموقع هيبة بريس على الأنترنيت تطرقت الأستاذة أسماء الوديع لمعنى الاغتصاب وهتك العرض و العقوبات المخصصة له في القانون الجنائي المغربي، ووضحت أن العقوبات الحبسية والسجنية مهما بلغت شدتها في قضايا الاغتصاب وهتك العرض تظل قاصرة عن تحقيق المرجو منها، ودعت أسماء الوديع إلى التفكير في أساليب وطرق أخرى لمعالجة آفة الاغتصاب وهتك العرض.

و أنا أتفحص الحوار توقفت عند التعريف القانون للإغتصاب الذي أعطت الأستاذة إنطلاقا من الفصل 486 من القانون الجنائي بقولها :

أما في لغة القانون، فإن المادة 486 من القانون الجنائي المغربي عرفت الاغتصاب على أنه: «مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها» والمواقعة هي المعنى المرادف لاغتصاب الأنثى، ولاخلاف بين أن يكون الفعل مواقعة الأنثى بغير رضاها أو أن يكون اغتصابا لها، لأن كلا التعبيرين يفيدان نفس المعنى.
ولم يرد أي استثناء على هذا الفصل، مما يجعل مواقعة الزوج لزوجته بدون رضاها يدخل في خانة الفصل
المذكور، وبالتالي يعتبر اغتصابا.

فالأستاذة من خلال تعريفها للإغتصاب أدخلت في خانته الزوج الذي يواقع زوجتها بدون رضاها، وبذلك سيكون كل رجل واقع زوجته بدون رضاها مرتكب لجريمة الإغتصاب المنصوص على عقوبته في الفصل 486 و ما يليه من القانون الجنائي.

فهذا التفسير الذي أعطته الأستاذة للفصل 486 من القانون الجنائي لا محل له سواء مستوى القضاء أو الفقه.
و قد نسيت أو تناست الأستاذة أسماء الوديع أن من بين مبادئ القانون الجنائي عدم التوسع في تفسير نصوصه، و أن من بين أشهر قواعده كذلك "لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص جنائي صريح"

فأنا من خلال رأي لا أدافع عن مواقعة الزوج لزوجته بدون رضاها و لكن أتحدث بمنضور ما جاء به النص الجنائي، فلا أظن أن المشرع المغربي قد أراد ان يذهب إلا ما ذهبت إليه أسماء الوديع من خلال إدراجها للزوج الذي يواقع زوجته بدون رضاها ضمن مقتضياة هذا النص

و أقول للأستاذة أن تتمعن في المادة 4 من مدونة الأسرة المغربية جيدا لتفهم أن الحديث عن مؤسسة الزواج، المؤسسة التي أراد المشرع المغربي أن يجعلها مبنية على الإحصان و العفاف و التفاهم

و لكي نكون أكثر موضوعية فعلى الأستاذة أن ترجع لمواد مدونة الأسرة المغربية و خاصة المواد 99 و 100 و 101 منها لتقف عند الحل للزوجة التي تعاني من مواقعة زوجها لها بدون رضاها و ما يشكل لها ذلك من إساءة مادية و معنوية تدخل في خانة الضرر المبرر للتطليق و ليس كما جاء على لسان الأستاذة الوديع بأن أذخلتها في خانة الجرائم المعاقب عليها ضمن منضومة القانون الجنائي

و يبقى السؤال المطروح حسب نظرة الأستاذة الودبع هل يمكن الحديث عن متابعة الزوج بجريمة الإغتصاب الذي وقعت ضحيته زوجته ؟
أريد أن أقول حتي و إن سطرت المتابعة و تم إدانة الزوج بهذه التهمة التي قالت بها الأستاذة و عوقب حسب منطوق الفصل 486 و ما يليه من القانون الجنائي حسب تفسير الفصل من طرف الأستاذة، فإن المادة 4 من مدونة الأسرة لن يبقى لها أي معني بل أكثر من ذلك فمدونة الأسرة سنفرغ من محتواه
و سؤالي للزوجة التي تريد أن تسطر المتابعة في حق زوجها بسبب مواقعتها اياها بدون رضاها، ماذا بعد نهاية
إدانة الزوج وفق مطالبها من طرف القضاء؟

هل يمكن الحديث عن إستمرار مؤسسة الزواج حسب منظور المادة 4 من مدونة الأسرة المغربية ؟

أنا مع المرأة و مع القانون و مع مجتمع يسود فيه كل تصورات التحضر و الإنفتاح ولكن بمنظور يراعي الخصوصية المغربية في كل تجلياتها

ماذا تربد الزوجة التي ستتابع زوجها بتهمة الإغتصاب حسب تصور الأستاذة من وراء هذه المتابعة؟

بالطبع تريد حقهاـ من جراء الضرر الذي تسبب فيه زوجها ، القانون يضمن لكل واحد من أفراد هذا المجتمع حقه، و للزوجة أن تسلك مسطرة التطليق للضرر المنصوص عليها في مدونة الأسرة.

الدار البيضاء
في 10/05/2010 [b]