زمــانٌ زهـــا فــي وشيه وتهــــلّلا **** بِعَثْرِ الرُّبى حطّ الرّحال فأذهــلا
أطــلّ بوجــهٍ مُسفـرٍ سلـب الحـجى **** تخـــالُ هِـلالاً بالنّجــوم مكـــلّلا
أسِحْـــرٌ مكيـــنٌ قـد أنــار رِحابـــه **** أمِ البِـــرُّ مـن ربٍّ حبــاه فأجزلا
ترامى السّنــا من عطفه متلألئا **** خرودا جنـى مِـن جوهرٍ ثَـمَّ أهطلا
كــأنّ بــه ألوان طيــف تسارعـت **** لِرَشْــفِ هَوىً بيـن الرّوابـي تذلّلا
و مِــن أبهــــرِ الدُّرِّ الفريــــدِ رِداؤه **** و في عثـره غــرُّ العقيـــق تنزّلا
أزاهيره بالعطــر فاحت نواضِخـاً **** تَداعى النّدى فـي كأسها وتسلّلا
فأضحى الزّمـان المُحتفي مُتعجّبـا **** لمــاءٍ بوردٍ قــد جــرى و تَسَلْسَـلا
وعصفوره أشجى القلوب صفيره **** تغنّــى بعشــق شاديــا و مرتّـــلا
و غُدْرانُه شهــدٌ زلالٌ رحيقهـــــا **** خَريرٌ بِهــا رَجَّ الهُمـومَ و حَلْحلا
بِحَرْفِ الجمـالِ المُستنيـر قريضه **** و قد أنْطَقَ الرَّوْضَ البهيـجَ فأشعلا
فَبالعمــر أيّــام الرّبيــع وحسنــه **** و أوقات حُلــمٍ قد أتاهــا فأثمـــلا
فمــا ترتــوي نفسٌ تميــس وروده **** و مــا تكتفـــي عيـنٌ تـراه تأمُّـــلا
سألـتُ النّدى هـلْ للرّبيـع نظيرهُ **** فردّ النّدى فـي حينه وأجابَ : لا
ألا أيّهــا الأيكُ البهـيُّ تزُفَّــه **** ســلامَ مُحِــبٍّ فـي رُبــاه تظــلّلا
ربيـعٌ أهلّت بالأمانـي بدوره **** فيـا لَيْتَـــهُ ردَّ الفِــراقَ و أجّـــــلا