تسعة وتلاثون عاما و انا احمل قلبي المتخن بالجراح
مرة ابلسم جراحه بقهقهة في المقهى مع الاصدقاء واخرى انساه وسط زحمة الحياة المملة بكل تفاصيلها اليومية من عمل ومحيط، ومرة تالثة تشفق ذاكرتي على قلبي فتدخله غرفة الانعاش وتنعشه بذكريات جميلة بعيدة، فيستعيد قلبي رعشته الاولى يوم كان بين يديك في اول لقاء، يستعيد قلبي رقصته وخفقانه وهو في حظرة مولاته، وقد كنت انت سيدته ومولاته.
باختصار تمرر الذاكرة شريط قصتنا فيستعيد قلبي فرحته ، ولكن ، ولان الذاكرة ليس لها رقيبا ولا تملك مقصا فهي لا تستطيع ان تقص من هذا الشريط مشاهد غدرك وقسوتك: مشاهد تروي ايام فضلت فيها سيارة فارهة _تبقى مهما كان جمالها صناعة بشرية - على قلب احبك بجنون و هو من صنع الله.
واليوم وبعد كل هذا الغدر والالم تاتين الي نادمة والدموع في عينيك طالبة الصفح والغفران.
اواه سيدتي وددت ان افدي دموع عينيك بعمري لاني اعشق الاخظر فيهما حتى الجنون
اجل سيدتي من اجل عينيك وددت ان اكون قديسا فاغفر كل خطاياك ، وددت ولكني مجرد انسان
لدى ارجوك سيدتي
ارحلي عنى
ارحلي عن قلبي
ارحلي عن ايامي
ارحلي عن ذاكرتي
ارحلي....واقيمي انى شئت فبدون قلبي انت:
زهرة بلا اريج فقد كنت انا اريجك
قمرا بلا عشاق فانا كنت عاشقك
قيتارة بلا اوتار فانا كنت اوتارك
ديرا بلا راهب فانا كنت راهبك
والان اغادر دير عشقك دون الم او ندم واتركك ديرا دون ترانيم قلب.
ومند خرج راهبنا من دير عشق التي كان يرى الدنيا ربيعا زاهيا من خلال عينيها الخظراوتين
منذ ذلك اليوم كفر بالرهبة والعشق
كفر بالمراة والحب
وخلع ثوب الغرام والهيام ولبس ثوب الخلاعة والمجون وغدا بيته المنمق الصغير مرتعا لليالي حمراء يحييها كل يوم سبت ويتقاسم فيها مع احداهن كؤوسا وقهقهات ولذات بهيميه اطلق لها العنان فاباحت كل شئ.
ولكنه اليوم وعلى غير عادته قرر ان يحيي سبته هذا وحيدا وان يخلو بنفسه، وكذلك كان دخل بيته وتوجه الى مطبخه وحظر لنفسه فنجان قهوة ثم توجه الى غرفة جلوسه وحين جلس على اريكته المفضلة اشعل سيجارة وبدا يحتسي قهوته وحتى تكتمل خلوته بنفسه مد يده الى مفتاح المصباح فاطفا نوره ثم مدها الى المدياع الموجود فوق طاولة بمحادات اريكته، وبمجرد ما ضغط على زر تشغيل المذياع جاءه صوت سيدة الطرب العربي شاديا رائعتها الاطلال
تسرب جمال صوت الست وروعة كلمات قصيدة الاطلال الى اعماق اعماقه فشارك ام كلثوم الغناء ، وحين وصل الى المقطع الذى يقول:
ايها الساهر تغفو تذكر العهد وتصحو واذا ما التام جرح جد بالتذكار جرح
اغرورقت عيناه بالدموع واشتعلت دواخله الى درجة لم يعد يعرف معها مصدر الدخان المتناثر امام عينيه اهو دخان احتراق سيجارته ام دخان احتراق دواخله.
عندئد ادرك كم كان قاسيا على قلبه حين لم يغفر لحبيبته وناشدها الرحيل
وادرك ان حياته صحراء قاحلة دون تلك الواحة الخضراء المطلة من عيني مالكته ومعشوقته
ادرك كل هذا فقرر.....
اللعنة ما قرر هو ولكن قلبه الماخوذ هو الذي قرر واصر على ان يحيى فاصدر امرا مباشرا للحواس لتبدا مراسيم عودته الى الحياة من جديد، وكانت اول حاسة تلبي امر القلب المباشر هي حاسة اللمس فهاهي اصابع يده تتسلل وبفرح الى جيب سرواله
فتخرج الهاتف المحمول ثم تضغط ارقام هاتف المحبوبة التي تحفظها عن ضهر قلب، فما شعر راهبنا المتمرد الا وهاتفه المحمول لصيق بحاسة سمعه يرن
فتمتم لنفسه وقال:
سبحان الذي جعل لحواس المحبين ذاكرة واحاسيس والا فما معنى رقصة اصابعي وهي تركب ارقام هاتف الحبيبة وما معنى التصاق ادني بهاتفي الى درجة يخيل الي معها ان ادني تود ان تتركني وتصبح جزءا من هاتفي النقال حتى يتسنى لها ليس فقط سماع صوت الحبيبة وانما التقاط انفاسها ايضا
قطع تمتماته وتخيلاته صوت حوريته المتسرب من هاتفها الى ادنه مباشرة فقالت بوجل ورقة:
_ مساء الخير حبيبي
انتفظت كل حاسة وجارحة في راهبنا ولكن جرحه القديم عاوده فقال بفتور متعمد:
-مساء الخير
بعد القاء التحية وردها ساد صمت رهيب تخللته انفاس حارة اذابت كل الجليد الذي جمد علاقتهما فهاهما الحبيبان وبعد داك الصمت ينطقان وفي نفس اللحظة يقولان:
توحشتك
عندها دوت ضحكة المالكة والمملوك معلنة حلول ربيع اخر في قصة حبهما
بقلم المسكي