رأيتها ويا ليتني ما رأيتها، انفطر الفؤاد شغفا بحبها. رأيتها جالسة في مكانها ورأيتني أتلمس سهادها وأستشف عنفوانها. اقتربت من بيتها الرملي أتحسس صفاء وجهها، وأشتم بأنفي ما تبقى من رائحتها. إنها كانت تسامر الليل وتنتظر الغسق لتمسح خدها الجميل الناعم بنفحات الندى الذي يمطر رحمة بوجودها. لم أتمالك نفسي في حبي لامتلاكها. أجبرتها على الرحيل معي. كانت تنظر إلي بحزن. هي تحبني كثيرا. هي تحب كل الناس بل هي كانت من أجل متعة الناس. أردت امتلاك هذا الملاك القصير العمر وحدي. أحضرت بعناية سريرها الرملي معي. حتى أبقي على عنفوانها وأستمتع بالنظر إلى هذا الملاك وحدي. وضعتها جنبي لأتجسس على نبضها. وضعت لها كل الشروط. أهديت لها أغلى مهر يهدى لأمرأة. هي تحبني كثيرا ولكن تنظر إلى السماء وتناجي النجوم لأنها دنت من نهايتها. رأيتني بلا انتباه أخنق فيها الوجود. خنقتها بيدي. خنقت فيها الحياة. هي تحبني وأنا أحبها لكن حبنا كان مختلفا. لا تستطيع نسيان جذورها. سألتني لم اقتلعتها من سريرها. فكان جوابي أنني أردت فقط متعة ولو عابرة بجمالها. ذبلت المسكينة فبدأت تسقط ثيابها الجميلة لتصبح عارية. وبدأ قوامها ينزف ويأخذ لون الموت. ماتت وهي لا تدري لم كان وجودها. ماتت فأضحكني موتها. قلت لنفسي وأنا أشاهد جريمتي: إذا ماتت عفوا، قتلت، سأترك السرير لأقتل ضحية أخرى. سلوكي كان بشعا، أعترف بذلك. لم يتهمني أحد، ولم يحاكمني أحد. حاكمتني هي بنظراتها. كانت هي الوردة التي اقتلعتها من الحديقة العمومية وقتلتها وقتلت معها الإستمتاع بها من طرف الكل لأنها أنانية مني كأنانية الإنسانية اتجاه كل وردة في كل حدائق العالم.[/size