رواية "المقامر" للكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي
كتبت رواية " المقامر" سنة 1866 في ظروف خاصة لكاتبها فيودور دوستويفسكي. وكانت هذه السنة بالذات نقطة تحول في حياة الكاتب الإبداعية. فمن جراء ديون متراكمة وتحت ضغط ضائقة مالية عصيبة، اضطر دوستويفسكي إلى إبرام عقد مع ناشر الكتب ف. ستيلوفسكي مفاده أن يقدم له، بالإضافة إلى أعماله السابقة، رواية جديدة لا يقل حجمها عن اثنتي عشرة ملزمة. وفي حالة ما إذا جاوز الكاتب الأجل المحدد لتسليم الرواية، يصبح من حق الناشر إصدار جميع مؤلفات دوستويفسكي المقبلة خلال تسع سنوات دون أن يدفع له شيئا مقابل ذلك. وهكذا قامر دوستوفسكي بمستقبله الأدبي عندما أقدم على هذا العمل الشاذ، والذي اعتبر سابقة في تاريخ الأدب الروسي. ولم يسبق ل دوستويفسكي أن كتب تحت هذه الضغوط، خصوصا وأنه كان ملتزما آنذاك بكتابة روايته الشهيرة " الجريمة و العقاب" .
وكان دوستويفسكي لم يكتب سطرا واحدا حين بقي على الموعد المحدد 26 يوما، اقتربت الكارثة لكن الكاتب كان بحق رجل المواقف الصعبة، وكان له ما يكفي من الحيوية والثبات لتحدي الظروف القاهرة. وساعدته الشابة آنّا جريجوريفنا سنيتكيا ، التي كانت تكتب بطريقة الاختزال، بحيت أملى عليها الرواية في 26 يوما من 4 إلى 29 أكتوبر 1866. وكانت "المقامر" الرواية الوحيدة لدى دوستويفسكي التي لم تنشر في مجلة، بل ظهرت مباشرة في كتاب .
بعد قرائة رواية " المقامر" اتضح لي جليا أن المقامرة قد شملت جميع أركان الرواية. فكاتبها قامر بحياته الأدبية أولا من جراء العقد الذي وقعه مع ناشر الكتب. ثم إدمان السارد اليكسي على القمار، مما سبب افلاسه، و أن السارد قامر أيضا في حبه لبولينا، حيث راهن على الفوز بحبها مهما كان الثمن. وأيضا مع ظهور الجدة يبين الكاتب جانب اخر من نفسية المقامرين و الأثر الذي يخلفه القمار على حياتهم وتصرفاتهم.
بكتابة رواية "المقامر" ربما أراد دوستويفسكي أن يصفي حساباته مع الماضي. انها عكست طرفا من حياته قبل ثلاث، وبعد " المقامر" تزوج آنّا جريجوريفنا مساعدته ذات العشرين عاما، وعاشا حياة سعيدة كتب خلالها روايات:
" الأبله" و " الشياطين" و "المراهق" و" الأخوة كازامازون" .