يعتبر مصطفي النافي من الفنانين التشكيلين الذين يبحثون عن التميز من خلال البحث الجاد في التيمات ؛ والتجريب في الأدوات ؛ في مجال اللون والريشة. وما ثورته على الألوان من خلال اعتماده "اللالون" في كثير من لوحاته؛ والتي طغى عليها الأسود؛ جعل الكثير من المهتمين بهذا الفن يسمونه بــ : " كليم الأسود " ؛ كما يسمون ألوان اشتغاله بـ : " صراع التضاد ". فمثلما يتحدث الكثيرون عن أزرق هذا الفنان أو أخضر ذاك.. فالأسود لم يكن قط مرحلة تحصر منجز مصطفى النافي؛ بل تاريخ المنجز ذاته. فكما قال إدريس عيسى في كلمته التصديرية بكتيب وزارة الثقافة الذي يعرف بالفنان؛ ويحدد رواق عرض منتجاته (لوحاته) وتاريخها . " كم كنت أعجب من الذين يسألونه : " ألا زلت تشتغل بالأسود ؟ " كما لو كان الأسود مادة أو شكلا أو حجما يمكن استنفاده بالتكرار والإعادة اللذين لا تقدر أن تطمسهما كل الحيل التشكيلية .
إنه رهان مرهق وعسير أن يختار فنان لونا ويلزمه فلا ينفصل عنه بعد. ولن يكون من مبرر لهذا الميثاق الأبدي بين الفنان و "لونه" الأثير في العشق. وأن يعشق فنان لونا ما يستلزم أن يرتفع بهذا اللون من رتبة التيمة المهيمنة التي تتواتر وتحضر في منجزه مع تغييرات وتنويعات تسمها ببعض التبدل ؛ والسند التشكيلي الذي يتكئ عليه حينما يحيل التصورات فعلا وأثرا وتوقعا ؛ والزخرف اللوني الذي يضاف إلى زخارف أخرى.
عشق اللون خيار مقيد بنذر حاسم غير معلن . أن يجعل الفنان هذا اللون مجالا حيويا لأعماله ؛ إليه يتحكم دائما ويرتد بعدته وتصوراته ومواده كلما هم أن ينجز عملا ويطلقه في سيرورة أعماله.
بفضاء رواق محمد الفاسي المجاور لوزراة الثقافة بالرباط ؛ وابتداء من فاتح يونيو إلى غاية 13 يونيو 2012؛ يعرض الفنان مصطفى النافي " كليم الأسود" القادم من مدينة القنيطرة ؛ تجربته من خلال لوحاته الفنية ذات الطابع الأسود ؛ بنكهة مزجية لألوان ـ هذه المرة ـ يختبر من خلالها صيغا تعبيرية تشكيلية تستدعي البحث والنظر ؛ ومساءلة المواد والخامات؛ وتقليب الأدوات؛ وتجريب التقنيات التي تتيح للعمل الفني أن ينشأ باعتباره صنيع مغامرة جمالية فريدة متبدلة.
مرحى بالزوار. عن ادريس عيسى " بتصرف"
[img][/img]