اماني مهدية عضو فعال
المدينة : قلعة السراغنة ...الجديدة عدد المساهمات : 191 معدل النشاط : 295 تاريخ التسجيل : 26/03/2012 العمر : 68 الموقع : www.da-wawin.com
| موضوع: تحت القناع حسناء الجمعة 30 مارس - 20:28 | |
| رشف من قهوته رشفة أولى ،احتفظ بها في فمه للحظة ،تمضمض كما يفعلً الذواقون ًقبل أن يحررها لتنزلق عبر بلعومه وتستقر على فطوره المنزلي،مصمص وتلمظ مستلذا ،عرف من تقلص حبيبات لسانه أنها ًًديبوا ًكما يحبها ،امتدت يده إلى الجريدة .. بقيت معلقة في الهواء،لفت انتباهه متسولة لم يرها من قبل ،تفرد فرشتها المهترئة على بقايا كرتون حليب أطفال ،حاول ان يصرف انتباهه عنها فلم يستطع ،يصله صوتها الخافت المتذلل مستدرا عطف المارة في تكرار أسطوانة مشروخة ،قلة منهم تنفحها بصدقة صباحية..وشاحها الاسود تلمع بقع الاوساخ عليه ملتقطة ضوء النهار ،من تحت خرقة رأسها تتدلى خصل شعر أشيب باهث ..محياها يحمل كل تجاعيد الدنيا وهمومها ..بروز أسنانها الأمامية أكمل الصورة البئيسة المزرية.
عاد لجريدته .. ونسيها في خضم ما زخرت به من أحداث ومصائب ومثالب ، تساءل للمرة الألف لِمَ يكلف نفسه وجيبه عناء شرائها ؟..مر إلى صفحة الكلمات المتقاطعة ، اعتصر ذهنه عله يكمل حلها في زمن قياسي كما يفعل دوما ،استعصت عليه.. طواها في نرفزة ، واستراح منها....سيعود اليها حتما ،اليوم يوم عطلة ، ولا أحد ينتظره ببيته البارد الفارغ في هذه المدينة العملاقة الملوثة ، زفر أكسيدها وفي صدره حسرة على بلدته الصغيرة الرابضة بين جبال الأطلس الشاهقة ،حن إلى خبز أمه وقهوتها المعطرة بالزعتر الجبلي الفواح ،تذكر كم كان يحب الإستلقاء على ظهره لعد الرزم المدلاة من سقف منزلهم الطيني البسيط لتجف في منأى عن أشعة الشمس ،تاقت نفسه الى قصعة ثريد من صنع يدها الكريمة ،فعافت نفسه أكل المقاهي الشعبية المشكوك في نظافتها.مسح على وجهه في محاولة لنفض هذه الذكريات..سفره الذهني المكوكي هذا عبر الزمن يجعل حياته هنا أشد وطأة..نادى النادل لطلبية أخرى..لن يكون زبونا ثقيلا يمرر يوما كاملا بكأس قهوة يتيم، شعر براحة ضمير .. مد ساقيه تحت النضد ، أسند ظهره بحرية ،وترك بصره يجوب الشارع المقابل، استقر على المتسولة مرة أخرى ولم يزغ عنها، الوقت يمر عليه ..وحوله ويخترقه دون أن يفكر في إيقافه او استغلاله ،أسلم له نفسه واسترخى.
زال النهار .. وأضيئت الشوارع واكتظت بالآوبين لبيوتهم ومحبي الليل والأوكار. طوت المرأة فرشتها وزجتها في كيس بلاستيكى أسود ، استجمعت وقفتها بجهد جهيد ومشت..تأبط جريدته ..وضع ما بذمته على الطاولة ،واقتفى أثرها ...شيء ما أيقظ فضوله ، مجسات حاسته السادسة التقطته ..لم يعرف ما هو ..لكن حدسه لم يخنه قط ..ظن في باديء الأمر أنها ستلجأ الى العمارة التي دلفت اليها لتبيت في بعض مكامنها ،تسلقت السلالم ..تبعها ..توقفت أمام شقة ,وعلى ضوء ولاعة أدخلت مفتاحا في خرم قفل الباب واختفت ..تسمر في مكانه من شدة الدهشة و الاستغراب ،شعر بخُوار في جسده ، يذكره أنه لم يأكل ..استند على الدرابزين وانتظر.
فتح الباب بعد حين ..هلت طلعة صبية في غاية الأناقة والشباب ،لم يبد أنها لاحظت وجوده .أطفأت نور بيتها، صفقت الباب وراءها ونزلت بخفة وثقة في الظلام ،تتبع عبق عطرها الفرنسي الأخاذ..توارى وراء باب العمارة ،اتجهت هي صوب سيارة فارهة مركونة غير بعيد ،امتطتها برشاقة وأنوثة أثارتا إعجابه ،وضعت حقيبتها بجانبها ، على ضوء السقف ..سوت خصلات شعرها الأسود الكثيف بأصابع صبغت أظافرها بعناية ،صهلت خيول عدة تحت ضغط حذائها الإيطالي، وانطلقت.. | |
|
محمد القصبي عضو نشيط
المدينة : القصر الكبير عدد المساهمات : 87 معدل النشاط : 106 تاريخ التسجيل : 26/03/2012 الموقع : www.da-wawin.com
| موضوع: رد: تحت القناع حسناء الجمعة 30 مارس - 23:55 | |
| ما اروع تلك التي تتقن فن التجسيد الانفصامي لشخصية تماهي على النقيض توأمها... اماني ..اقدر فيك مجد الحروف بلاغة | |
|
اماني مهدية عضو فعال
المدينة : قلعة السراغنة ...الجديدة عدد المساهمات : 191 معدل النشاط : 295 تاريخ التسجيل : 26/03/2012 العمر : 68 الموقع : www.da-wawin.com
| موضوع: رد: تحت القناع حسناء السبت 31 مارس - 14:35 | |
| - محمد القصبي كتب:
- ما اروع تلك التي تتقن فن التجسيد الانفصامي لشخصية تماهي على النقيض توأمها...
اماني ..اقدر فيك مجد الحروف بلاغة اخي الفاضل المبدع سي محمد الروعة في ردك احيي فيك روح القاريء الذواق الجميل التفاعل . مودتي اماني | |
|