الاحداث المغربية
الشيخ أحمد أكومي يرحل في صمت مخجل
هرم آخر من كبار شيوخ فن الملحون بالعاصمة الإسماعيلية مكناس، يغادرنا في صمت صباح أمس الإثنين، غادرنا على الساعة التاسعة صباحا، وفي حلقه غصة ممن تنكروا له بعد ما أفنى سنوات عمره ممسكا بجمرة هذا الفن، ملقنا أصوله وفق قواعده العلمية الأصيلة، ظل لسنوات يلقن فن الملحون لطلبة المدرسة الوطنية التابعة لوزارة الثقافة، والمعهد الموسيقي التابع للمجموعة الحضرية بمكناس. «في آخر لقاء جمعني به قبل يومين من وفاته بحضور بن شقرون ونور الدين شماس، كان الرقيب اللغوي لدى الراحل حاضرا بشكل قوي رغم كونه كان مهدود القوى، وكان متأسفا وفرحا، متأسفا من حال الملحون لعدم إيلائه ما يستحق من اهتمام، ومستاء من أسلوب تدريسه، «حاملا لهم الملحون بحب ومرارة رغم صراعه مع المرض. وبقا فيه الحال لناس تنكرو ليه ومن ضمنهم المدرسة الوطنية ديال وزارة الثقافة للي عطا فيها الكثير ولكن غادرها بشكل غير طبيعي في نظري» يقول أحد تلامذته الفنان سعيد مفتاح.
كان الراحل الشيخ أحمد أكومي من رعيل الشيوخ الذين يحبون فن الملحون حبا جما، وظل يغير على هذا الفن، بل يعتبره تلامذته مثل سعيد مفتاحي مدرسة قائمة بذاتها، تتلمذت على يديه نخبة من فناني الملحون، ممن يحملون لواء هذا الفن على الساحة الوطنية كماجدة يحياوي ومفتاحي. يلقبه كل مشايخ فن الملحون بمدينة مكناس بحميدو ولد باسلام، تعبيرا عن محبتهم له. إذ ورث فن الملحون أبا عن جد، إذ كان والده باسلام عاشقا وشيخا لهذا الفن الأصيل والمهمش بشكل كبير.
كان الراحل أحمد أكومي شيخ الراحل حسين التولالي، هو من علمه أصول الكتابة والقراءة والأداء وفق قياسات فن الملحون، حتى أن حسين التولالي لم يكن يجيد قراءة أي نص مكتوب إلا إذا كان مكتوبا بخط يد شيخه أحمد أكومي.
«كان رجلا فاضلا حافظا لكتاب الله يستمع كثيرا ويتكلم قليلا، علامة من العلماء الكبار، كلما استصعب علينا فهم مفردة من مفردات قصيدة الملحون إلا ونلجأ إليه لأننا نعتبره بمثابة القاموس أو «الديكسيونير»، محبوب عند جميع رجالات الملحون. وينأى بنفسه دائما عن الحزازات والخلافات الشخصية. حينما يتكلم تحس من خلال مضمون كلامه أن حكيما يتحدث إليك لما راكمه من تجربة وما حصل عليه من علم، موته خسارة وخسارة كبيرة لفن الملحون، وبرحيله تغادرنا مدرسة بكاملها، وبعده لم تبق سوى مدرسة الحاج أحمد سوهوم» يضيف وبتأثر وحزن تمليذه الوفي سعيد مفتاحي.