(( فـيْــضُ الِحــجَا ))
في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم
زفَّ الرّحيلُ بنا فاعْـجَـلْ فقَـدْ أَزِفُـوا *** واخْـلعْ رداءً ثَـوَى في طـيّـهِ الأسَـفُ
والْـحَـقْ بركْبٍ سَرَوْا خَفّـتْ حَمائلُهُـمْ *** فسَابَقُوا الخَطوَ قصّاً خلْفَ مَنْ سَـلفُوا
وألقَـوُا الحِـمْلَ خوْفا أن يَـــكُونَ بهِ *** نكْـبٌ عَـن البَارِقِ الغُــِـرّ الذي كَـشَـفُوا
نورٌ سَنا فسَـرى الكَـوْنُ الفـســيحُ بهِ *** يجْلُـو عَـوَارضَ سَالتْ شمْـسُها تَـِرفُ
وسَلَّ خـيْطَ الدُّجَى منْ أصْـل مَنبـتِهِ *** فأَشْـــرَقَـــتْ خَـلْـــــفَـهُ أَشْعَابُهُ تَـِزفُ
مُحَـمَّـدٌ فـي ضَـِميـِر الغَـيْـبِ صَوَّرَهُ *** ربٌّ كَـــريمٌ وَهـامَـتْ بِٱسْـمِهِ النُّــطَفُ
أليْـسَ آدَمُـــنا والأُمُّ شَـــــرْقَــــــــتَهُ *** وَذَا الْأنَاسِــــيُّ والأَسْـــــلافُ والخَـــلَفُ
والعَـرْشُ والمَاءُ والكُـرسيُّ مُسْــتوياً *** والنَّارُ والحَـــوْضُ والفــرْدَوْسُ تَـزْدَلفُ
وآيَةُ النُّــورِ كَــمْ بالنُّــورِ شَاهِـــــدَةٌ *** هُـوَ السّـراجُ مِنَ الْـِمشْــكَاةِ يَــــلتحِفُ
إنْ يُذكَـــِر اللَّـهُ كُـــــنْتَ أنْـــتَ تَالِــيَهُ *** اَلطَّاعَـة الفـرْضُ والإشْهَادُ يَـنْعَـــطفُ
والمُعْجـزاتُ الِبـــــهَارُ مــنْـك بالــغَةٌ *** فيْـضُ الحِجَا منْ سَنا فِـيهِـنَّ ينْكَشفُ
فالْجذعُ حَـنَّ وبَثَّ الفحْـلُ شَكْوَتَــهُ *** والبَدْرُ شُـقَّ وَأفـشَـتْ سِـــــرَّها الكَــتفُ
وسَـلْـسَــلَ المَاءُ نبْعاً منْ أصَابـعِهِ *** صَوْبُ السّحَاب عَلى هَمْسِ الثّرَى يَكِفُ
وٱلقـوْمُ منْ بيْن صَاغٍ ثَـــابَ راشِـدُهُ *** صدْقَ الهُدَى ورضَى الرّحْمانِ يَغْـتَرفُ
ومُنْــِكـرٍ بَاسِـطٍ كَــــفَّ الأَذَى سَــفَهاً *** وناظِــرينَ عَـلَى حَـرْفِ الرَّدَى وقَــــفُوا
وقَـفْتَ فيهــمْ بَشِـيراً بالصَّفَا صَـدِعاً *** وَتُـنْـِذرُ الْجَـمْعَ خيْـلاً خلْـفَهُـمْ عَـــكَـفُوا
فصَاحَ صَوْتُ نَعِـيبٍ منْ لَــظَى لَهَـبٍ *** تَبّاً، لهذا!؟ وَهاجُـــوا ثُــمَّـتَ انْـصَرَفُـوا
فسامَـهُ اللهُ وَيْــلَاتٍ تُــــــــلاحِـــــقُهُ *** دَعّــاً إلى النَّارِ والحَـــمَّالــــةُ الصَّــلِـــفُ
تـرَكْـتَ داراً أوَتْـــكَ سَـــاجـداً وبِـهَا *** قَـــــوَاعِــدُ البَـيْتِ مُـنْـذُ الرَّافِـــعُ الحَـنِـفُ
وخُضْتَـهُمْ بالدُّجى تَحْثُـو التُّـرَابَ لهُمْ *** ودُونَ أبْصَارهمْ منْ غَــشْـِيهمْ سُــجُفُ
والغارُ جَــاوَرْتَهُ والْــقَــوْمُ قـدْ كَـِلــبُوا *** وبِـتَّ تَدْعُــــوهُ والصِّــدِّيـــــقُ يَـرْتجفُ
والثّالــثُ اللهُ، أغْــشــــاهُ سَكيــنَــــتَهُ *** وأنْزلَ المَلَـــكَ الأَبْــرارَ تَــــــرْتَــــــــدِفُ
حتّى احْـتَوَتْــكَ قُـلُوبٌ شـاقَـــهَا أمَـــلٌ *** فاضتْ بهِ بَـيْعَــةُ التّأْيِـــيـدِ إِذْ حَـلَــــفُوا
ليَـنْصُـرُنَّ النّـــــبيَّ وَالنُّـــفُــوسُ لــــهُ *** والمَالُ بَذلٌ، فـــلا مِـــيلٌ ولا كُـــشُفُ
وهاجَـرَ الصَّحْبُ فاسْتَـــوَتْ أُخُـوَّتُهُمْ *** وقاسَـــمُوهُمْ وآثَـــرُوا لِـــــمَا عَـــرَفُوا
واسْتَـنْـفـــرُوا هِــــمَماً، أَتْـبَعْتَهُمْ سَبَباً *** عِــــزُّ الرّجالِ عَــلى أطـــرَافِهِ يَـــقِـفُ
فاسْتَنْجَزوا رغَباً وعْدَ السّمَاءِ رضـًى *** حتّى إذا فَـتَــقُـوا فجْــرَ الدّجَى أنِــفُوا
رَأَوْكَ عــــنْـدَ البَــقـيعِ زائراً حَـــــِزناً *** تَهْــفُو لأَهْــــلٍ بعَـيْــنٍ دَمْـــعُهَا ذَرِفُ
إخْوانُـكَ المُؤْمنُـــــونَ منْ ظهُـورهِـمُ *** ومَا رَأوْكَ، وَلــــكِــنْ كُـــلُّـهُمْ هَـــتَـــفوا
والقَـلْبُ بالـبشْـِر قـدْ أَنَارَ مــنْ وَلـــــهٍ *** وألسُـنُ الذِّكْـِر تسْـتَهْـدي بمَا وصَـفُوا
أنْـتَ النّبــيُّ سَـرَتْ فـينَا مَـحَـــبَّــــــــتُهُ *** بالْهَـــدْيِ نَـــسْعَـدُ وانْـتسَابُــنَا شَــرَفُ
صَــلّى عَـليْكَ الإلـهُ مَا جـــــــرَى قَــلَمٌ *** سِـرُّ الحُـرُوفِ بهِ مِـفتـاحُــها الألِـــفُ
ومَا سُـطُـورٌ بحَــمْـدِ اللهِ ناطِـــــــــقَةٌ *** ومَا حُـرُوفٌ بعِــلْــمِ اللهِ تَــــأتَـــــلِـفُ
مصطفى بوعزة