منتديات دواوين الثقافية و الفنية منتديات تعنى بالأدب والثقافة والفن.
 

 

  ورطة محجوبة !

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عبدالكريم القيشوري
عضو فعال
عضو فعال
عبدالكريم القيشوري


المدينة : سلا
عدد المساهمات : 177
معدل النشاط : 338
تاريخ التسجيل : 22/10/2011
الموقع : www.da-wawin.com

  ورطة محجوبة !  Empty
مُساهمةموضوع: ورطة محجوبة !      ورطة محجوبة !  I_icon_minitimeالخميس 5 يناير - 20:22

محجوبة ! تلك المرأة التي تعمل وتكد متخذة شعارها كلازمة ( الحياة كفاح ). كانت فعلا تكافح من أجل إرساء دعائم ولبنات أسرة متماسكة ؛ لا يهز أركانها « لا زلزال كاترينا ولا أمواج تسو نامي». كانت مثال المرأة التي يضرب بها المثل ؛ في العمل والمعاملات ؛والسلوك الحسن . واللباقة في الكلام؛ وحسن الحديث . تدبر شؤون ما تتكفل به بكل اقتدار؛ مما يجعل زوجها ؛ شديد الثناء عليها ؛ وعلى تصرفاتها ؛ ويدعوها بالمدبرة ؛ كناية عن حسن تدبيرها للمال والأعمال . أليست محاسبة ؟.
محجوبة امرأة تعشق التوفير حتى النخاع . فهي تعمل على توفير كل ما يتعلق بالأسرة داخل المنزل وخارجه؛ بتخطيط ممنهج يجعل منها مسئولة مالية الأسرة بامتياز . فعلاقتها الحميمة بالأوراق المالية جعلها محتضنة للمال العام؛ وحريصة كل الحرص على عدم التفريط ولو في درهم . فمجهودها المبذول لا يتوافق وثمار ماهيتها الشهرية. فمن لا يعرفها ويلحظ تصرفاتها ينعتها بالمبالغة في التقتير أو بالبخيلة. فهي لامقترة ولا مبذرة بين هذ ا و ذاك .
تعودت توفير فائض القيمة من مالية الأسرة عند أحد صاغة الذهب والفضة . إما في رهن خاتم أو قرط أو دملج . وكان تصرفها مع الصائغ؛ من حيث اقتناءها لحاجياتها من الحلي؛ بواسطة الدفع بأقساط شهرية ؛إلى أن تتمم الثمن المتفق عليه. إذاك يتم الإفراج عن الشيء المرهون ؛ ويطلق سراحه من محل الصائغ .
لم تكن في اقتنائها للحلي تهفو إلى الزينة؛ بقدر ما كانت تعتبر العملية مجرد ادخار مأمول العواقب. فهي لم تكن مغامرة برهن أشياء باهظة الثمن ؛ لكي لا ينعكس ذلك على وضع الأسرة المعيشي؛ بل كانت تقتصر فقط على قرط أو خاتم.. إلا أن بداخلها عشق لسلسلة ذهبية تود لو زينت جيدها ؛ وأشعت دارة رقبتها ؛ كما تتزين بها رقاب زميلاتها في العمل . كان هذا حلمها ؛ قاومته لسنين؛ بالرغم من إغراءات الأوراق المالية؛ التي تتحسس ملمسها صباح مساء بحكم عملها ؛ إلى أن لاحت في أفق الواجهة الزجاجية ؛لمعروضات الحلي بدكان الصائغ ؛سلسلة أشع بريقها لب محجوبة؛ وأنار انعكاس أشعتها جذوة الإحساس بالتزين ؛ وتمنت داخل قرارة نفسها لو كانت هي صاحبتها. لم تمتلك نفسها فبادرت بالاستفسار عن ثمنها. ابتسم الصائغ ابتسامة تنبي عن دهشة اختيارها قائلا : هذه السلسلة الذهبية غالية بعض الشيء يا محجوبة !
سألته : بكم ثمنها ؟
عشرة آلاف درهم . هز سماع المبلغ أحشاءها ؛ وارتفعت درجة حرارتها؛ مما عكس حمرة على وجنتي خدها؛ تدارك الصائغ الموقف؛ ولطف من حرارة وجنتيها بقوله : ذوقك رفيع يا محجوبة ! إن أعجبتك السلسلة؛ وأردت اقتناءها فسأخفض لك من ثمنها رغم أنني لا أفعل ذلك مع الغير .
انفرجت سرائرها ؛ وانشرح صدرها ؛ وسألته ثانية :
بكم ستبيعها لي إذن ؟.
أخذ الآلة الحاسبة وبدأ يغازل أرقامها بسبابته ؛ يضرب أخماس بأسداس؛ مباشرا العمليات الأربع؛ إلى أن استقر على شاشة الحاسبة عدد مكون من عدة أرقام . رفع رأسه ؛ ووجه نظره مبتسما في وجه محجوبة قائلا :
تسعة آلاف وثمانية وخمسون درهما.
ردت عليه : كل هذه الحسابات لم تزحزح الثمن الأصلي إلا بقليل. قالتها له وهي تضحك !
هذا الثمن لا تجدينه عند أي صائغ وفي أي مدينة . و لك حرية الاختيار. رد عليها وهو يلم آلته الحاسبة و يركنها في زاوية من دولاب المكتب . عندها طالبته محجوبة بمدها بالسلسلة الذهبية لمعاينتها عن قرب؛ ولمسها وتقدير وزنها. لبى طلبها مانحا إياها؛ بعد أن سحبها من بين السلاسل المتراكمة على الواجهة الزجاجية ؛ والمعروضة بطريقة فنية مثيرة. أثرى عليها بكلمات لطيفة ؛ ابتسمت في خجل وهي تأخذها منه . أمعنت النظر فيها وفي مكوناتها. لفت بها رقبتها طارحة إياها فوق صفحة صدرها . واجهت المرآة ؛ بدت لها محجوبة معجبة بنفسها ؛ ضحكت عليها ضحكة ماكرة مشيحة وجهها عنها ؛ فكت السلسلة من عنقها ؛ ودخلت في تفاوض مع الصائغ حول تحديد ثمن الأقساط الشهرية التي تمكنها من امتلاك السلسلة عند تكملة ثمنها.
التزمت بتسديد الأقساط المتفق عليها؛ التزاما أثنى عليه الصائغ نفسه؛ مما جعله يمدها بالسلسلة الذهبية رغم بقاء ثلاثة أشهر في ذمتها. ألحت عليه ؛ بعدم أخذها منه ؛ إلا بعد تكملة الأقساط . إلا أنه أصر عليها بأخذها لكونه واثقا من تسديد ما تبقى عليها من دين.
أعادت محجوبة أدراجها إلى البيت نشيطة وسعيدة ؛ كطفلة فرحة بهدية عيد أو لعبة مقدمة لها في مناسبة من المناسبات..
في اليوم الموالي وهي تغادر مقر عملها ؛ بعدما شنفت أسماعها بتعليقات زميلاتها في العمل و« تقويساتهم » على السلسلة الذهبية الجديدة ؛ اعترض سبيلها في منعطف خال من المارة شاب ؛ استل مدية من معطفه ؛ وأمسك رقبتها مهددا إياها بالمدية الوميضة ؛ مطالبا إياها بفك السلسلة وإطلاق سراحها من عنقها عن طيب خاطر وإلا...!
لم تستوعب محجوبة ما يجري لها لقوة الصدمة ؛ فبدأت تستعيد شريط اقتنائها للسلسلة ؛ ومفاوضاتها الماراطونية مع الصائغ؛ والتزامها بالأقساط الشهرية ؛ وعدم تكملتها لثمنها.. والخلل الذي سيحدثه الوضع الراهن على مالية الأسرة ؛ وكتمان الحدث عن رب الأسرة و ... كل ذلك فجر داخلها ضحكة صارخة قوية ؛ وقهقهة هستيرية وهي تفك أغلال السلسة الذهبية. كااااااااااخ كااااااااخ كاااااااااااااخ .عندها اعتقد الشاب « اللص» أن السلسلة ليست بذهب حقيقي بل مزور. فثارت ثائرته . آمرا إياها بالانصراف قائلا تضحكين لأن السلسلة فالصو). « سب ؛ لعن..... وشتم ......»
ونجت محجوبة من سلب سلسلتها الذهبية التي ضحت من أجلها لـ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعيد محمودي
المدير العام
المدير العام
سعيد محمودي


المدينة : الدار البيضاء
عدد المساهمات : 7236
معدل النشاط : 12091
تاريخ التسجيل : 08/12/2009
الموقع : www.da-wawin.com

  ورطة محجوبة !  Empty
مُساهمةموضوع: رد: ورطة محجوبة !      ورطة محجوبة !  I_icon_minitimeالأحد 29 يناير - 22:51

اخي الفاضل المبدع عبد الكريم القيشوري
جميل واكثر من جميل مانقشته هنا
رائع كما تعودنا منك دائما اخي الكريم
مع خالص تحياتى وفائق تقديري.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالكريم القيشوري
عضو فعال
عضو فعال
عبدالكريم القيشوري


المدينة : سلا
عدد المساهمات : 177
معدل النشاط : 338
تاريخ التسجيل : 22/10/2011
الموقع : www.da-wawin.com

  ورطة محجوبة !  Empty
مُساهمةموضوع: رد: ورطة محجوبة !      ورطة محجوبة !  I_icon_minitimeالإثنين 4 يونيو - 8:32

أشكر لك مواكبتك ذ سعيد . ودمت منارة راصدة لكل مستجد إبداعي على صفحات منتديات دواوين الثقافية والأدبية .
مودتي الخالصة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ورطة محجوبة !
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ورطة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات دواوين الثقافية و الأدبية :: خلجات سردية (بإدارة مولاي علي درار) :: خطوات سردية-
انتقل الى:  
أركان منتديات دواوين الثقافية و الأدبية