بعد الديوان الشعري الجماعي الموسوم "عرصة لكلام" يصدر الشاعر الزجال ديوانه الأول بعنوان
"مازال ف لخاطر حروف",ديوان شعري بالعامية المغربية يتضمن العديد من النصوص الزجلية الممتعة,حيث عمل الشاعر الزجال على صهر لغته لتصير طائعة,مطواعة تحمل من الصور الشعرية ومن البلاغة التعبيرية مايجعلها أكثر قربا من نفس المتلقي الذي يتفاعل بالعادة مع اللغة الدارجة الأم ,ومابالك مع لغة اشتغل عليها الشاعر بعمق واختار كلماتها بدقة لتحمل المعنى وتخدمه.وان تكون في نفس الآن لغة شعرية تمتح من الحياة...ومن خلال قراءة أولى لهذا الديوان الزجلي يظهر المجهود الإبداعي للشاعر نجيب أمين الذي أتى بنصوص منها مايشتغل على الذات وعلاقتها بلآخر,وكذا علاقتها بالعالم وتفاعلها مع الحياة...للشاعر عين مفتوحة على الظواهر الإجتماعية,وحس رهيف ودقيق في التقاط هذه الظواهر والإشتغال عليها..هناك الفرح وهناك الخيبة والحسرة,هناك الإشارة والتلميح وهناك الوضوح والتصريح,فالمجتمع مسرح تجري فوقه الأحداث وعين الشاعر وعقله على مايستحق الإشتغال والعمل على فهم ماوراء تلك الأحداث..."ديوان :"مازال ف الخاطر حروف"هو الباكورة الشعرية لنجيب أمين لكن من خلال معرفتي بالشاعر فهو واحد من الوجوه الشعرية بالعامية المغربية المعروفة والمسكونة بالحرف والقول مع ثلة من الشعراء المغاربة الذين يبرعون في القول الشعري العامي بلغة تسمو ومنحوتة لتسكن مباشرة قلب وخاطر المستمع...ومن خلال العنوان المقترح للديوان يبدو أن الشاعر يخبىء لنا مفاجآت أخرى حين يصرح بأن "مازال ف الخاطر حروف"..لاتزال في الخاطر حروف وكلمات تريد أن تنقال وأن تنكتب وان تخرج لتستحم بالضياء,ونحن في انتظار هذه الحروف والكلمات لتلقفها حين تغادر خاطر الشاعر إلى الوجود,للإستمتاع برونقها وجمال صوغها ونحتها...
ففي نص:"تاتا"أي الحرباء بالفصحى يشتغل الشاعر على الزيف والمسخ اللذين أصابا إنسان هذا العصر وذلك من خلال "فقيه"أي الفقيه العالم العارف الذي يلبس عدة ألوان ويتحدث بألسنة مختلفة لكل لسان لون وفي كل مرة يغير الخطاب والحديث حسب المنفعة وحسب المقام فتضيع هيبته وموضوعيته ويذهب الحق أدراج الريح ,وفي نص"تسوال"أي التساؤل بالفصحى يستحضر الشاعر نص المعري المعروف "أبكت تلكم الحمامة ا غنت؟" ليشتغل على منواله ويصوغ سؤاله الحارق على أهل الفهم والمعرفة للإجابة على سؤال"هل بالفرح صدحت الحمامة أم بالترح؟أنر سؤالنا يا أيها العارف بمكامن الأشياء.... هذان نموذجان من هموم النصوص الجميلة المتضمنة في ديوان "مازال ف الخاطر حروف"للشاعر الزجال "نجيب أمين" في انتظار أن نلتقي بالصديق الشاعر للحديث عن
مشروعه الشعري وما يشغل البال والخاطر...
نقلا عن مجلة الادب العربي إدريس أنفراص