رواية قصيرة
عبدا لله المتقي
جنة وآدم
- الفصل الثاني-
( هل تذكرين؟
كيف امتزجت شفتانا
كالعطر مع اللون
بورده ؟
غنينا ..ورقصنا..
وشربت رحيق الشفتين)
رديا رد كبلنج
***
في نزل pazza طلب (س) من موظف الاستقبال أن يؤمن لنا غرفة (زوينة) ، ثم غادرنا ، وتركنا الموعد مفتوحا.
- ” تفضلا” قال الموظف بلطف
وأنا منشغل بتعبئة استمارة المبيت ، علا صوت جنة :آي آي آآآي آي
(تملكها الرعب وهي تنتبه لكلب يكاد يصل الأرض يتمسح بها )
viens ici “-مينوش” قالها الموظف بحزم
رحت أهدئ جنة وأنا أسحبها من يديها إلى سلم الدرج ، تاركين مينوش في أحضان الموظف الذي يبدو أنيقا للغاية
في الطابق الأول ، القينا نظرة على الممر ، بدت أبواب كل الغرف مفتوحة على مصراعيها ، ويغمرها صمت مخيف ، ولا من يتحدث سوانا :
- أتعرف ياآدم ، أني لم انتبه إلى مينوش ، إلا بعد أن لحس حذائي ؟” كانت تقول
- ” ماذا لو عض أمك من قزيبتها ؟” قلت بابتهاج
- “شنو” ؟
فجأة لمحت شيئا لم أره منذ لقائنا الأخير بالمسنجر : أنف ينبض ، وقلق يكنس وجهها.
في تلك اللحظة بالذات ، دهمني عناد جنة ، طفولتها ، جنونها ، وقلقها الذي ريثما يتبدد مقابل قبلة ، مكالمة هاتفية ، أو رسالة الكترونية
دخلت الغرفة (66) وذراعي يلف كتفيها، رمت جنة حقيبتها فوق الكرسي ، أزاحت الستار عن النافذة ، فلم تجد غير زخات وظلام دامس .
- ” عندما كنت طفلة كنت أتصورا لظلام رجلا أعمى يضع على عينيه نظارة سوداء ” تقول جنة وهي تنبطح على السرير ، وهي تبتسم ابتسامة عريضة، تركتني أستعيد كل ما سمعته من أمها في الهاتف ،ذات رداءة أحوال طقس بيننا :
- (جنة كما الحليب يا آدم ، تفيض سريعا ، ثم ريثما تعود جملة مفيدة “)
تركتها ودخلت المرحاض ، وحين خرجت خلسة وجدتها تدندن أغنية لفيروز بصوت منخفض.
- ” يا لصوتك الساحر ”
ضحكت جنة ، أمسكت يدها ، قربتها من يدي وقبلتها بحنان ، وهي تداعب جسدي ، غرقنا في ماراتون من القبل ، دفء غريب كان يتسرب من جسدها ، دفء أشعرني بالاطمئنان والرغبة في النوم على ثدييها.
- ” سأدعوك إلى العشاء ” قالت وهي شبه منتشية
– “أنا من سيدعوك ” قلت لها
رحبت بالفكرة ، واخترنا مطعما قريبا من مرسم ( س) ، كان مطعما تقليديا ورومانسيا ، تناولنا العشاء وجرى بيننا حوار حول فواكه البحر ، هنا استفاضت جنة بإخباري عن مارتيل، كيف هو بحر مارتيل ، وكيف هو سمك مارتيل ، ثم اقترحت تناول طبق من السمك هناك ، وحذرتني من أن آكل أصابعي بعد وجبة السمك.
تقصدت دعوتها لزيارة معرض ( س) ، لبت الدعوة بعفوية ، وهي تتفرس اللوحات وأشكال الجسد ، بادرت إلى القول :
- ” لن تتغير ، ستظل دوما تلاحق الجسد”
ضحكت وأنا أقول :
- ” الجسد ماء ” قلت لها
- ” أنت دائما ظمآن ” أجابتني بابتهاج
- ” وأنت دائما واحتي ” همست في أذنها ، أقفلنا الموضوع ، وانسحبنا بهدوء.
بعد نصف ساعة فقط ، عدنا إلى الغرفة (66) ، وأول عمل قامت به ، هي التوجه إلى هاتفها النقال الذي سقط منها سهوا على الكرسي ، لكي تطمئن أمها أنها في بيت صديقتها .
هي نائمة الآن في السرير : شفتان بنيتان ، أنف يتأهب لينبض ، رائحة الجنة ، جسد متناسق ، عينان بسعة الحلم، صدر برمانتين صغيرتين.
تخلع ملابسها ، أتعرى ، أتذكر الآن في السرير ، أني انتقلت إلى جزر أخرى ، وحلقت كما النوارس في سماوات شاسعة .
(لست أدري لماذا كان يهيجني أنفها وهو ينبض ، بل يشعل النشوة في جسدي ونحن في قمة الاندغام.)
- ” دعني أعلمك العشق يا آدم ” كانت تقول لي وتقترب مني كي نندغم ثانية وثالثة و.. ضحكنا معا ، شربنا عصير الليمون ، وماكان مني إلا أن سألتها حين تسربت خيوط الفجر من النافذة :
- ” ألا تصلين يا بنت ؟”
- ” العشق عبادة يا آدم ”
نامت جنة، ونمت واضعا رأسي في حضنها
إضاءة :
في الليلة الأولى بعد 2030 رأيت فيما يراه النائم ، أخطبوطا بقلبين ، كاد يبتلعني ، لو جنة ، جنة التي كسرت واحدة من مراياها وغرستها في قلبه الأول.
في الليلة الأولى بعد 2030، وكنت قد عدت لنومي ، رأت جنة نفس الاخطبوط بقلب واحد ، كاد يسرقها ويعود بها إلى البحر ، لولا آدم الذي تدخل بنفس المرايا.