إيقونة الروح الفلسطينية ( ناجي العلي )
بالأسود والأبيض رأى العالم ورأى فيهما أصناف البشر
الظالمين والمظلومين و أعمال الظالمين الإستعمارية و
المظلومين التحررية .
هذا هو الفنان الفلسطيني ( ناجي العلي ) الذي ولد في
عام 1938 م , في فلسطين , ثم أُجبِر على الرحيل وهو
لم يتجاوز العاشرة من عمره , مثله كمثل مئات الآف من
الشعب الفلسطيني .
أبدع ناجي العلي في فن الكاريكاتير وكان أعظم وأجمل ما
إبداعاته على الإطلاق شخصية ( حنظلة ) الأساسية في كل
رسوماته التي يبدو فيها حنظلة يعقد يديه خلف ظهره . و
جعله ولداً بعمر العاشرة , ويقول ناجي عن ذلك أن حنظلة
ولد في العاشرة وسيظل دائماً في ذلك السن , لأنها السن التي غادر فيها ناجي العلي فلسطين , وحين يعود إليها فإنه
سيبدأ يكبر , وذلك لأن قوانين الطيعة لا تنطبق عليه لأنه
استثناء , كما هو فقدان الوطن استثناء .
إن هواية ناجي العلي , عندما بدأ يرسم على جدران السجن
وهو صغير حتى قبل أن يستكمل تعليمه بالأكاديمية اللبنانية
للفنون عام 1960 م .
عمل أولاً في الصحف الكويتية , حيث عمل في صحف شتى
هناك , وجاء ابتكار شخصية حنظلة في عام 1969م بالكويت , حين اكتملت أهم مراحل تكوينه الفكري والفني , وكانت الكويت هي محل اختياره لإقامة معرضه الفني الأول
عام 1985 م بدعوة من المجلس الوطني للثقافة والآداب
الكويتي .
امتدت إليه يد الغدر الصهيوني لتزرع رصاصات الحقد والغدر في رأسه وجسمه , لتسكت صوته وشيعت جنازته في لندن 1987م .
بعد موته حصل وفي عام 1988 م حصل على جائزة
( قلم الحرية الذهبي ) من الإتحاد الدولي لناشري الصحف
ليكون أول عربي يحصل عليها .
تجلت عبقرية ناجي العلي في توظيف اللونين الأسود والأبيض في رؤية خاصة به واضحة المعالم عن العالم الذي
يعبر فيها عن نوعين من البشر ( ظالمين و مظلومين ) أو
أنه يعبر عن نوعين من الأعمال ( تحرير و استعمار ) .
هنا يكمن سر نجاح الطريق الذي اتبعه ناجي العلي فكرة
التبسيط واللمسة الفنية المنسجمة مع نفسها . مما أكسبته
الشعبية الهائلة للعودة إلى أعماله بعد مماته . وأثناء حياته
جرأة وصراحة ناجي العلي كانت قوية هادرة لا تعرف المهادنة , مما سبب له غضب الكثير من المحبين والأصدقاء
لأن صراحته كانت تصل إلى حد نقد وتقريع من فقد بوصلته
الفكرية بطريقة فنية لائقة .
* أغلب الشخصيات التي رسمها ناجي العلي كانت حافية
القدمين دليلا على النقاء والطهارة والبراءة .
* الجندي الإسرائيلي يرسمه دوماً يرتدي حذاءه العسكري
* الفاسدين يرسمهم مرتدين بدلات رسمية بكامل أناقتهم
وكروشهم تتدلى أمامهم مع ربطات عنقهم وكذلك ينتعلون
أحذية لامعة .
* الفقر يرسمه متجلياً في الشخصية الفلسطينية ذات الملابس الممزقة والقدمين المتضخمتين من كثرة المشي
* الطفلة الفلسطينية يرسمها في أحيان كثيرة مقطوعة
الذراع أو ينزف دماً , وبالرغم من ذلك تنطلق الذراع
المكسورة لتلتقط حجراً .
* الرجل الفلسطيني يرسمه مقطوع الكفين يجلس أمام قارئة
الكف التي تفسر حالته وتقول : ( أن إما كنت كاتباً حراً, أو
كنت تحاول سرقة رغيف خبز لأولادك ) ز
*اما المرأة الفلسطينية ,أسماها فاطمة , وهي تدرك بحسها
الأنثوي اللطيف ما يجري ويدور حولها , هي الأم الرؤوم
لأولادها وهي الصدر الحنون لزوجها بعد عودته تشير عليه
عند حيرته , وتكون كلماتها قاطعة حاسمة , وكثيرا ما تناوله سلاحه , أو تضمد جراحه , وهي تحمل طفلها على كتفها .
* ويرسم فقيراً يجلس جوار غنيٍ في أحد المطاعم , بينما
ينظر الغني إلى قائمة مكتوب عليها ( لائحة الأسعار ) فإن
الفقير ينظر إلى قائمة مكتوب عليها ( رائحة الأسعار ) .
* بدلاً من صخرة – سيزيف- الدالة على عبثية الوجود , يرسم فقيراً فلسطينياً يدحرج ( رغيف سيزيف) وكأنه
دليل على ما لا يمكن تحقيقه أبداً .
* أسلوب ناجي العلي في الكاريكاتير فهو لا يركز على الرسم وحده ولا على الكلمات وحدها , بل هو يجمع بينهما
معاً , في مدرسة واحدة , وهو أقرب إلى المدرسة الأمريكية
من إلى المدرسة الأوربية الشرقية التي تعتمد على الشرح
بالرسومات أكثر من الكلمات , أو من المدرسة الأوربية الغربيةالتي تعتمد على العكس الشرح بالكلام أكثر من الرسومات . – انتهى - ....
=============
بصرى الشام 1-7-2010م