I. تقديم عام
من طبيعة الإنسان التأثر بالمؤثرات الحياتية والتفاعل معها من خلال انفعالاته المتنوعة كالفرح، والحب والخوف، والحزن. . . الخ. والحزن من أبسط صور الاكتئاب النفسي الذي يعترض الإنسان أثناء تفاعله مع مثيرات الحياة في مواقف الفشل والإحباط والمرض.
وما يميز الحزن عن الاكتئاب أن الحزن استجابة انفعالية تتفق مع درجة الفقد أو الضرر الذي يلحق بالفرد يمكن تعديله باستخدام المنطق، أو بفعل ملائم أو عن طريق التفريغ الانفعالي، ويمكن أن يتحول من عانى منه عن هذه الحالة، وأن يتعلم من واقع تلك الخبرة كيفية التفاعل مع المواقف المماثلة بشكل أسرع وأن يحقق قدراً من التكيف. أما الاكتئاب فإنه يعني الانخفاض في المعنويات والجهد : والشعور بالضياع وفقدان الأمل وعدم الجدوى ، وهو استجابة انفعالية متطرفة وغير مناسبة للحدث المثير و يختلف عن الحزن من حيث الشدة، ومدة استمرارية و الاستجابة، والمكتئب لا يمكنه استشعار المشاعر المبهجة عكس الذي يعاني من حالة الحزن السوي، ويميل المريض بالاكتئاب لاجترار الأفكار والخبرات غير السارة في حياته وهو بحاجة إلى العلاج النفسي في غالب الأحيان.
يعتبر الاكتئاب عند كل من أرسطو عام 370 ق. م وأبو قراط عام 400 ق. م بالمالينخوليا والمعنى الحرفي لها سوء الطبع الأسود الذي يتحرك نحو المخ فيسبب المرض، ويرى "كرابلين Kraplin" بأن الاكتئاب مرض وراثي يتنوع من الاكتئاب إلى المالينخوليا. ويعتقد"بيبرنج "Bebring أنه ينشأ من التوتر بين طموح الفرد النرجسي ووعي الأنا بعجزها، ويرى "روبنفاين Rubinfine" بأنه يحدث من تمزق الوحدة النفسية بين الأم وطفلها، فينتج عن ذلك عجز وتحرر من الوهم النرجسي يترتب عليه أن يأخذ العدوان مكانه في تطوير الاستعداد للإصابة بالاكتئاب.F
II. تعريف الاكتئاب
1. التعريف المعجمي:
• الحزن والاكتئاب لفظان لمعنى واحد ويختلفان من حيث الشدة والمدة الزمنية، فالحزن تعرفه العرب فيقولون: حزن الرجل حُزْنـاً، وحَزَناً، بمعنى اغتم. أما الاكتئاب فتعرفه العرب فيقولون: كَئِبَ الرجل، أي تغيرت نفسه وانكسرت من شدة الهم والحزن. واكتأب وجه الأرض، أي تغير وضرب إلى السواد، والكآبة والاكتئاب: هو الحزن الشديدF
• الاكتئاب هو حالة مرضية تتميز بالإعياء والتعب والإحباط والضعف والقلـق
Dépression : état pathologique caractérise par de la lassitude du découragement, de la faiblesse, de l’anxiété
• انه تغير عميق في المزاج في اتجاه الحزن والألم المعنوي ويرتبط التغير بالتوقف عن أي نشاطF F
2. تعاريف علماء النفس:
• حسب الطبيب العقلي Psychiatre "أرون بيك Aron Beck" فالاكتئاب هو عبارة عن حالة انفعالية تتضمن تغيراً محدداً في المزاج مثل مشاعر الحزن والقلق واللامبالاة، ومفهوماً سلبياً عن الذات مع توبيخ الذات وتحقيرها ولومها ووجود رغبات في عقاب الذات مع رغبه في الهروب والاختفاء والموت، وتغيرات في النشاط مثل صعوبة النوم والأكل وتغيرات في مستوى نقص أو زيادة النشاطF
• حسب عبد الرحمان عيسوي فالاكتئاب "هو حالة نفسية أو معنوية تتسم بمشاعر الانكسار النفسي وفقدان الأمل والشعور بالكسل والاسترخاء، بالإضافة إلى الشعور بعدم القيمة وأحيانا بضعفها وفي الحالات الشديدة للاكتئاب فان المكتئب يفقد الشهية إلى الطعام وينتابه الأرقF
• حسب "هاملتون Hamilton" فاضطراب الاكتئاب هو مرض نفسي يتصف بشعور عميق و دائم بالحزن أو اليأس أو فقدان الاهتمام بالأشياء التي كانت يوما ما مصدرا للبهجة و يترافق ذلك مع اضطراب في العمليات الذهنية.
III. تعريف الدعم النفسي

الدعم النفسي للشخص المكتئب يرتكز على إعارة الانتباه للمريض والاستماع إليه ومساعدته على التفريغ الانفعالي بالحديث عن معاناته وآلامه وذلك بالتركيز على العناصر المكونة لتلك المعاناة الجسمية والنفسية والاجتماعية والروحيةF
إن المريض بالسرطان تكون له توجهات اضطرابية على المستوى النفسي كالقلق والغضب والاكتئاب... مما يجعله يكون اتجاهات سلبية بخصوص إدراكاته للمرض وبالتالي فهو بحاجة ماسة إلى من يستمع لمعاناته وآلامه وحثه على التعبير عنها بغية تجاوز إحساساته المحزنة ومساعدته على تحمل مرضه النفسي والعضوي والحد من أعراضهF

VII. أسباب الاكتئاب
في الأغلب العام فكل شخص يواجه مشاعر اكتئابية أو خبرات غير سارة من الحزن الحاد والقلق المبهم فانه يحاول جاهدا البحث عن تفسير لذلك في شكل أسئلة موجهة إلى الذات ذاتيا على شكل حوار داخلي من قبيل "لماذا يحل بي هذا؟" " ما سبب هذه المشاعر؟" " لماذا أنا بالذات؟" "كيف يمكنني الخلاص؟" وهذه الأسئلة وذلك الحوار الداخلي يأتي في إطار حاجة الإنسان الطبيعية لفهم ما يمر به من خبرات نفسية، اجتماعية، عقلية، عاطفية،... محاولا إضفاء معنى عليها وفهمها من حيث الأصل والسبب وعوامل التطور وسبل التكيف والحل، ولعل هذه السيرورة طبيعية خصوصا في وضعية الخبرات المؤلمة شأن الاكتئاب.
إلى حدود الساعة لا وجود لسبب أو أسباب معينة للاكتئاب أو لأحد أنواعه بكيفية تدعوا إلى اليقين النسبي، حيث إنه تجدر الإشارة والحديث عن منظومة من العوامل المتداخلة التي تقف وراء الإصابة باضطراب الاكتئاب، ذلك وأن التفرد والخصوصية والتفرد الذي يميز الكائن البشري من حيث كينونته وتكوينه المركب والمعقد المبهم والغامض كلها عوامل ومميزات تفرض عدة فوارق فردية بين الأفراد والتي تتجسد جليا في إصابة البعض دون البعض الآخر بالاضطراب رغم تشابه العوامل، وفي أحيان أخرى نجد مكتئبين بدون أسس أو عوامل مساعدة أو مسببة واضحة المعالم، في حين أن هناك مصابين أخر سبب إصابتهم يرجع إلى توالي الأحداث الضاغطة، لكن على العموم فان مرض الاكتئاب يرتكز على عدة عوامل حيوية بيولوجية، نفسية سيكولوجية، اجتماعية سوسيولوجية، وبالتالي فإننا يمكن أن نعزو لها سبب الإصابة مع اعتماد النسبية وعدمية التعميم ناهيك عن أن هناك إمكانية العزو الشامل للاكتئاب لتآزر وتضافر جميع العوامل دفعة واحدة.
هناك نوعين من العوامل والتي تكتسي أهمية في سيرورات البحث والتنقيب عن أصل وأسباب الاكتئاب وهي:
عوامل الخطر Facteurs de risque: وهي العوامل التي تدعم نسبية الإصابة شأن تفشي الاضطراب في التاريخ المرضي للعائلة، الصراعات الوالدية الحادة...الخ.
العوامل المسرعة Facteurs précipitants: وهي التي تحدث بشكل مباشر قبل تفجر النوبات الاكتئابية كموت شخص عزيز، الإصابة بمرض خطير ومزمن، الأزمات المالية والعاطفية...الخ.
i. العوامل البيولوجية Les facteurs Biologique
اعتمادا على أن الاكتئاب يتميز بمشاعر الحزن الحادة المصاحبة لبطء أو فتور عام على مستوى الوظائف البدنية، العقلية والوجدانية... فان البعد البيولوجي التكويني للشخصية يلعب دورا محددا في الجوانب الايتيولوجية للاكتئاب كالوراثة، البناء الجسمي، الشخصية، كيمياء المخ...
1. العامل الوراثي Le facteur héréditaire
تعتبر الهندسة الوراثية إحدى المجالات المفسرة لحدوث الاكتئاب جينيا في حيز ما يسمى "بالاستعداد الوراثي Prédisposition génétique "حيث أثبتت الدراسات الإحصائية والوبائية الميدانية أن الاكتئاب يمكن أن ينتقل بشكل وراثي عبر الأجيال المنتمية لنفس الأصل. في دراسة قامت بها "Merna weissman "F F استنتجت أن الأبناء المنتمون إلى أباء يعانون من الاكتئاب يكونون أكثر عرضة واستعدادا للإصابة بنفس لاضطراب بنسبة دالة إحصائيا ومرتفعة مقارنة بالأبناء الذين ينتمون لآباء لا يعانون من اضطراب الاكتئاب، حيث وجدت أن 13% من الأطفال ذوي الأصل الاكتئابي تظهر لديهم نوبات اكتئابية حادة قبل سن 17 وبمتوسط عمري يتراوح بين 12 و 13 سنة، في حين أن المتوسط العمري لإصابة الأطفال ذوي الأصل غير الاكتئابي بالنوبات الاكتئابية الحادة يكون بين 16 و 17 سنة.
بالنظر إلى النسبة التي ينتشر بها الاكتئاب كأحد الاضطرابات المميزة للعصر بين سكان العالم والتي تصل إلى 2% كما تقدر ذلك منظمة الصحة العالمية "OMS " فان نسبة انتشاره بين الأقارب تصل إلى 11% وبين الإخوة الأشقاء إلى 23% وبين الغير الأشقاء منهم فإنها تصل إلى 17% F F وفي دراسة أخرى قام بها "Kenneth Kendler ورفاقه سنة 1986 "ميدانيا على 3800 زوج توأم وجد الأخصائي النفسي "Seven Torgersen 1983 " أن نسبة التطابق أو التوافق Concordance بالنسبة للاضطرابات الاكتئابية لدى 151 ثنائي توأم يعاني أحدهما من الاكتئاب، تكون جد مرتفعة وتكون أكثر ارتفاعا بالنسبة للتوأم المتشابه مقارنة بالتوأم المختلفF F
بالرغم من أن الطريقة التي ينتقل بها الاكتئاب غير معبر عنها علميا من حيث النسق الجيني المسؤول والمعبر عن وجود اكتئاب داخل الشريط الوراثي للأفراد (رغم ما تقدم في هذا المجال) إلا أن العامل الوراثي له دوره الفعال في نشأة الاكتئاب كما هو الحال لجميع الأمراض النفسية الأخرى، وفي هذا الصدد يمكن الاستدلال بقول "سيلڤانوا أريثي 1991" بخصوص مرض الفصام حيث يقول "يبدو أنه من الثابت أن التهيئة الوراثية لازمة لحدوث الفصام، لكن العامل الوراثي وحده لا يسبب الفصام، وفضلا عن ذلك، لم يتم اكتشاف أي قانون وراثي للفصام، ولم يتم تخصيص أي جين معين ذا علاقة بالفصام، سواء على المستوى الكيميائي الحيوي أو الفزيائي الحيوي. هناك تغيرات كيميائية تحدث في الفصام، لكن منشأ تلك التغيرات ودلالتها تحتاج إلى مزيد من الإيضاح، بل نحن لا نعرف ما إذا كانت تلك التغيرات سببا، أم عاملا مهيئا، أم نتيجة لذلك المرض. وتشريحيا لم يثبت وجود اختلاف في الجهاز العصبي المركزي بين الفصاميين وسواهم"F
إذا كان الأمر كذلك بالنسبة للفصام باعتباره أكثر الأمراض النفسية حدة مقارنة بالاكتئاب فان قول "أريتي" يمكن سحبه على الاكتئاب - على حد قول د. إبراهيم عبد الستار- وبالتالي فالعامل الوراثي للإصابة باضطرابات الاكتئاب حاضر لكنه غير حاسم من حيث الإقرار بسببية حتمية للإصابة وبالتالي فالعزو السببي للإصابة تتجلى بنسبة أكبر في تضافر عدة عوامل بما فيها العامل الوراثي.
2. البناء الجسمي والمورفولوجي
هذا البعد يرتكز أساسا على الجانب الفسيولوجي للشخص المكتئب من حيث الخصائص الجسمية التركيبية وبالتالي فهو المؤسس على ملاحظات تخص ملامح ومميزات الفرد الجسمية الظاهرة جسديا للمكتئبين. لوحظ أن مرضى الاكتئاب خاصة والأمراض والاضطرابات الوجدانية عامة يتميزون بتكوين جسمي خاص يسمى بـ " التكوين المكتنز"والذي يتصف بعدة خصائص من بينها: قصير القامة بدين، غليظ، ممتلئ ومستدير الشكلF F
هناك بعض العوامل الجسمية التي تقلل من نسبة تكيف بعض الناس مع الوسط والمحيط مما يجعلهم ينهارون نفسيا وجسميا كالإصابة بالأمراض الخطيرة السرطان السيدا ، اضطرابات القلب الحادةF F
3. الجنس
نظرا للخصوصية التي يكتسيها الجنس من حيث الفروقات الفردية والدالة بين المرأة والرجل وكذا الفروقات الفردية بين النساء والرجال، فإن الجنس يتدخل أيضا من حيث نسبة الإصابة. فالتفرد والخصوصية الفسيولوجية والنفسية والعلائقية للمرأة مراعاة للخبرات التي تعيشها من خلال المسيرة الحياتية وطبيعة الأدوار مقارنة بالرجل فالإحصائيات أظهرت بأن نسبة الإصابة بالاكتئاب عند المرأة أكبر مقارنة بالرجلF F وهذا بطبيعة الحال راجع إلى القدرات والصفات البيولوجية والعاطفية التي تتوفر عليها المرأة من حيث التكوين الهرموني وإفرازاته في عدة مراحل وحالات مرورا بالمراهقة والبلوغ والطمث ودم النفاس، والولادة والرضاعة وما يصاحب تلك المراحل من تغيرات نفسية ومزاجية متمايزة.
4. كيمياء المخ
بلغة علم الأعصاب وتشريح الدماغ فان ظهور أعراض الاكتئاب تكون مقترنة باضطراب وظيفي للدماغ (أي الجانب الوظيفي للمخ) وليس الجانب التكويني، وذلك ما يتسبب في خلق اختلال أو لا انسجام "Anomalie" على مستوى انتقال وإنتاج وانتظام المواد الكيميائية المسماة بـ "النواقل العصبيةNeurotransmetteurs F" إلا أنه من الصعب تحديد أن ذلك الاختلال أو اللا انسجام هو السبب من وراء الاكتئاب أم أنه فقط إحدى نتائجه، لكن على العموم فهنالك علاقة دالة بينهما تجعلهما مقترنان يبعضهما البعض (سنأتي على تفسير أكثر توضيح فيما يخص العلاج البيوكيماوي للاكتئاب)
ii. العوامل النفسية Les Facteurs Psychologique
تلعب العوامل النفسية دورا هاما في نسبة الإصابة باضطراب الاكتئاب، حيث إن العنصر الأساسي في منظومة تلك العوامل يتجلى في مفهوم الصراع بالمعنى الواسع، خصوصا في حيز النظرية التحليلية الدينامية الفرويدية، والقصد هو ذلك الصراع القائم بين مكونات الجهاز النفسي (الهو، الأنا، الأنا الأعلى) والناتج عن تضارب رغبتين أو أكثر لدى شخص معين، أو تقابل حاجتين في الوقت نفسه، حيث إن كل رغبة أو حاجة تستلزم الإشباع الفوري وتلح عليه. وحسب رائد التحليل النفسي "سيغموند فرويد 1856-1939 Sigmund Freud " فمصدر الرغبتين طرفي النقيض دائما يتجسد في التقابل الدائم والصراع المستمر بين مبدأ "اللذة " ومبدأ "الواقع " في إطار عام لتضارب حاجات ورغبات الفرد الكبرى وهي: (الإيروس = غريزة الحياة) والتي تشمل الدوافع الجنسية وتعمل على الحفاظ على الذات وتحقيق اللذات والشهوات.
(التاناتوس = غريزة الموت) والتي تشمل دوافع التدمير والموت والميل إلى الانتحار وإيذاء الآخر مصدر الألم والمعاناة.
بالحديث عن الصراع فالقصد يشمل كل أنواع الصراع وهي:F
أ‌. الصراع الخارجي المصدر: والذي يكون بين الفرد من جهة والمحيط من أخرى.
ب‌. الصراع الداخلي المصدر: والذي يكون بين دوافع الفرد (الهو) من جهة، والضمير الذي يشمل المعايير الاجتماعية والأخلاقية والقانونية (الأنا الأعلى).
ت‌. الصراع العابر: وهو الناجم عن تقابل رغبتين عدم تلبية إحداهما لا يؤثر على الأخرى (مثال: مشاهدة التلفاز و الخروج للتنزه).
ث‌. الصراع الدائم: هذا النوع غالبا ما يكون له تاريخ في الشريط النفسي للفرد، حيث ترجع نواته الأولى إلى مراحل الطفولة المبكرة.
ج‌. الصراع البسيط: مرتبط بنوع واحد من الدوافع وله مانع شبه عابر وبالتالي فهو يستلزم إحباط دافع واحد.
ح‌. الصراع المعقد: وهو الذي يتطلب إحباط أكثر من دافع.
خ‌. الصراع الشعوري: وهو الصراع الذي يكون فيه المعني بالأمر واعيا بطبيعة الرغبات أو الدوافع المتضاربة ويعرف مصدرهما بشكل شعوري.
د‌. الصراع اللاشعوري: وهو الصراع الذي يكون فيه الفرد جاهلا إما لدافع أو أكثر من بين الدوافع والحاجيات المتقابلة، وبالتالي ليس له وعي شعوري بطبيعة الدافع ومصدره.
إن عدم قدرة الأنا كمكون أساسي للجهاز النفسي في تسوية الصراع القائم بين الهو والأنا الأعلى يودي إلى إحباطات معينة لرغبات معينة تخدم مبدأ للذة أو مبدأ الواقع، أي تخدم أحداهما على حساب إحباط الآخر وذلك بهدف سيادة مشاعر التكيف والتوافق النفسي. وهنا يمكن القول بأن توالي الاحباطات كما وكيفا من العوامل النفسية الداعية لسيادة مشاعر الحزن والكدر والكآبة في شكل عدوان موجه إلى الذات كما هو الحال في الاكتئاب، أو موجه للمحيط بالتجاهل والثورة على مكوناته القيمية والعاداتية... لكن في كل إحباط يلجأ الأنا إلى استخدام عدة ميكانيزمات دفاعية من أجر تسوية مشاعر الإحباط والتأنيب والحسرة وهي كثيرة مثل الكبت، الإسقاط، التبرير، التسامي، النكوص، الإنكار...الخ
عموما تعتبر مرحلة الطفولة وخبراتها المتمايزة تبقى مرحلة دالة من حيث مكانة الصراع وإجراءات التثبيت وبالتالي تفجر الأمراض النفسية، حيث إن عدم فك الصراع يؤدي إلى هشاشة الجهاز النفسي وتكوين نقط تثبيت تسفر عند تفجرها عن بنية عصابية أو ذهانية يحتل فيها الاكتئاب مكانة حسب حدة أعراضه ومدتها ومستوى التفاعل السيكوإجتماعيF F
إذن فالصراع النفسي وخاصة المتعلق بإشباع الدوافع الجنسيةF F والمتجدر في التاريخ النفسي للشخص (الطفولة المبكرة) يمكنه أن يتطور ليبلور اضطرابات اكتئابية مختلفة الحدة ومتمايزة الأعراض وسبل التكيف المرضي.
بالإضافة إلى عنصر الصراع يأتي الذكر على عنصر آخر لا يقل عنه أهمية بل وينتمي إليه بشكل ضمني، وهو ذلك المتعلق "بمشاعر الفقدان Sentiment de perte " حيث يعتبر فقدان موضوع الحب من بين العوامل المسببة للاكتئاب حسب "Izaias Carlo" في كتابه "الاكتئاب، الأسباب، النتائج والعلاج Dépression, cause, conséquences et traitement "F F إلى درجة اعتباره بأن الاكتئاب غالبا ما يلي أحداث الفقدان الممكنة الحدوث في حياة الفرد، ابتداءا من فقدان رابطة الأمومة أو الثدي بالنسبة للطفل إلى حدود مواقف الفقدان التي يعترض الفرد في كافة مناحي الحياة النفسية، الاجتماعية، الاقتصادية...الخ. وقد وضع الكاتب قائمة من المواضيع والأشخاص التي يمكنها التسبب في الاكتئاب في حالة فقدانها ونذكر بعضها كالتالي:
فقدان أو موت شخص عزيز (زوج، ابن، أم، أب، صديق، خطيب، حبيب...)
فقدان الصحة وحلول المرض.
فقدان الشجاعة والبسالة والإقدام.
فقدان الأشياء الثمينة نفسيا أو اقتصاديا.
فقدان المكانة الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية.
فقدان الزوج أو الزوجة عن طريق الطلاق أو الافتراق.
فقدان الحياة البسيطة والهادئة.
فقدان عمل أو فقدان الأجر.
فقدان عوامل الحماية والأمان.
فقدان مراحل الطفولة، المراهقة، الشباب... مراحل الحياة المفعمة بالحيوية والقوة.
فقدان النضج والحكمة والاقتراب من الشيخوخة والموت.
بالإضافة إلى مشاعر الفقدان فهنالك بعض أنماط السلوكStyles de comportement على المستوى الفكري العاطفي، التفاعلي... والتي يمكنها أن تكون من بين العوامل المساهمة في تشييد صرح الاكتئاب مثل الغضب السريع، التعميم، تضخيم الأمور، القفز إلى الاستنتاجات...(أنظر الجدول رقم 1 في الأسفل).
وتعتبر تلك الأساليب من التفكيرF F دعامة تصنع الاكتئاب من حيث العوامل المساعدة، لأن الفرد يمر بعدة مواقف وخبرات تستلزم مواقفا متباينة من التكيف والحل وفي ذلك السياق فالأخطاء على مستوى الفهم والتأويل والتفسير والإدراك لطبيعة الموقف والسلوك صوبه بشكل نمطي وسلبي يسمح بإثارة الاضطرابات النفسية والوجدانية وتدعيم سبل حدتها.

أساليب من التفكير تصنع الاضطراب
أسلوب التفكير معناه عند المكتئب
• التهويل والمبالغة • إضفاء دلالات مبالغ فيها على الموضوعات المحايدة أو اليومية والتي يتعذر تفسيرها، والمبالغة في إدراك القصور الذاتي والتفنن في نقذ الذات وتجريمها حيال مواضيع وأحداث لا دخل للذات المكتئبة فيها بشكل دال يستلزم تلك التصرفات.
• التهوين • الشعور بالنقص الزائد وغض الطرف عن المميزات والايجابيات التي يتوفر عليها الشخص والحساس بالفشل رغم النجاح الشخصي الذي يتوفر عليه.
• التعميم • العمل على تعميم الخبرات السلبية في معزل عن جوهرها وحقيقتها وبالتالي إضفاء المعنى السلبي على جل المواقف.
• الكل أو لا شيء • إدراك الأشياء والموضوعات والمواقف وتأويلها كخبرات إما جيدة تماما أو لا شيء، وعدم إدراك الأشياء التي قد تبدوا سلبية لكنها قد تنطوي على فائدة الآن أو مستقبلا.
• عزل الأشياء عن سياقها • الانتقاء السلبي والذي يعني عزل خاصية سلبية عن سياقها العام والعمل على تأكيدها في سياق آخر ليس له علاقة بالنتيجة السلبية السابقة.
• القفز مباشرة إلى الاستنتاجات • يقفز المكتئب للاستنتاجات السلبية غالبا دون تحليل واقعي لها، ذلك أن إدراكه للموقف ينطوي على تهديد أو خطر وامتهان دون أن تكون لديه أدلة على ذلك.
• التنبؤ السلبي للمستقبل • الإدراك المشوه للحاضر والماضي يجعل المكتئب يتوقع كل ما هو سلبي في المستقبل حيث يعمل على التصرف والفعل كما لو كان ذلك التوقع حقيقة حتمية التحقق.
• التأويل الشخصي • يعني فهم وتأويل الخبرات السلبية بالعزو والسببية الداخلية والذاتية، وبالتالي يصبح المكتئب هو المسؤول عن كل النتائج السلبية في المواقف التي يمر بها.
• التفسير السلبي لما هو ايجابي • تفسير الخبرات والأحداث (على مستوى التفاعلات) بشكل سلبي فحتى الأمور الواضحة بكونها طيبة يفسرها المكتئب سلبيا كحب الناس يظهر له بدافع الاستغلال، وتقديرهم له بدافع الشفقة عليه وبالتالي يعتبر تعامل الناس معه غائيا وليس بخصوص ما يمتلكه من ايجابيات.
الجدول (1) يوضح بعض الأساليب من التفكير التي تصنع الاضطراب
iii. العوامل الاجتماعية Les factures social

تتعلق هذه العوامل بالحياة الأسرية وطبيعة الأدوار الاجتماعية وقدر التوافق الزواجي ناهيك عن تفرد علاقات العمل واشكالياته من توتر وضغط نتيجة فقدان العمل أو التهديد بالطرد... وبالتالي فالعوامل الاجتماعية في علاقتها بالاكتئاب تتلخص في نسبة التوافق الاجتماعي والأسري على مستوى العلاقات وطبيعتها ونظام التربية الوالدية، وهذا ما جعل العامل الوقائي يلعب دوره من حيث التضامن والتكافل الاجتماعي والأسري حتى لا تشيع ظواهر الانعزال الاجتماعي وفقدان الهوية الجماعية والمؤسسة الاجتماعية، وبالتالي السقوط في الأنيميا الاجتماعية الداعية إلى فقدان القيم والروابط الاجتماعية والمساس بقدسية العادات والتقاليد والأعراف والقوانين المعبرة عن التناسق الاجتماعي والوصول إلى مرحلة "الموت الاجتماعي"F F لأن مشاعر الانتماء وفقدان الهوية الفردية والجماعية... كلها عوامل تساهم في تكريس المشاعر الاكتئابية لأن "لأهمية الهوية كمفهوم تكمن في كونه يشكل نقطة التقاء بين ما هو سيكولوجي واجتماعي وثقافي، انه يرتبط بمفاهيم سوسيولوجية مثل الدور والمكانة الاجتماعية والجماعية، الاندماج الاجتماعي والقيم والتنشئة الاجتماعية... الخ. كما يرتبط ارتباطا عضويا بمفاهيم سيكولوجية مثل الذات والإحساس بالذات والمتمثلات و الادراكات والعواطف والاتجاهات...الخ"F F
نظرا لهذا التلاقح النفسي الاجتماعي للهوية فان الاضطراب على مستواها يجسد لاختلالات اجتماعية تتفاعل مع أخرى عاطفية نكرس لمشاعر الحزن والاكتئاب. هذا وقد "وجد عزت دري أن وجدان العزلة والوحدة وما يصاحبها من يأس وفقدان للأمل والأمان تفسر بعض حالات الاكتئاب المزمنF

X. النظريات المفسرة للاكتئاب

هناك العديد من النظريات التي اتخذت الاكتئاب موضوعا لدراساتها التفسيرية من أجل فهم الاضطراب من جهة والسلوك الاكتئابي من جهة أخرى بغية الوصول إلى طرق تشخيصية وعلاجية تدفع ألم الاكتئاب ومعاناة المكتئب إلى العدم والاندثار وذلك بدئا من النظريات القديمة من خلال الكتابات الطبية القديمة مع هبوقراط الذي تحدث عن الميلانخوليا وأعتبر الاكتئاب مرضا عقليا مثله مثل الصرع L’Epilepsie والهوس Mania وجنون العظمة Paranoïa حيث اعتبر الميلانخوليا سوء الطبع الذي يتحرك نحو الدماغ فيحدث الاضطراب. أما أرسطو فقد أشار سنة 370 ق.م بأن الميلانخوليا توجد لدى المفكرين والمبدعين والشعراء والحكام والفنانين...
بالإضافة إلى الكتابات القديمة فان الاكتئاب تعرض للدراسة من لدن مقاربات أخرى سلوكية، اجتماعية، تحليلية، معرفية لكننا سنركز في هذا البحث على مقاربتين أساسيتين وهما المقاربة النفس دينامية، والمقاربة المعرفية.

i) المقاربة النفس دينامية La proche Psycho dynamique

مجمل المفاهيم النفس دينامية التحليلية للاكتئاب تركز على كونه انعكاس مباشر أو ردة فعل أمام فقدان موضوع الحب La perte de l’objet d’amour بل إن الكثير من التحليليين يعتبرون ذلك الانعكاس أولي وتلقائي النزعة، في حين أن آخرين يعتبرونه نتيجة للسيرورات الغامضة والمعقدة لحياة الأفراد النفسية والنمائية. لكن على العموم فان النظرة والتفسير الدينامي للاكتئاب يرتكز بالأساس على الحياة الطفلية وما يتعلق بها من خبرات في إطار الشريط النفسي للكائن البشري.
وسنأتي على ذكر أقطاب النظرية التحليلية كالتالي:

1. كارل أبراهام Karl Abraham و ميلاني كلاين Melanie Klein

يعتبر المحلل النفسي الألماني "كارل أبراهام" (1877-1925) من الأوائل الذين تحدثوا عن الاكتئاب في علاقته بالاكتئاب حيث وضع نظريته القائلة بإمكانية إصابة الأطفال باضطرابات حادة في المزاج، وهذا يأتي في السياق الفرويدي العام الذي يفترض أن الميلانخوليا تأتي خلال مراحل الطفولة المبكرة نتيجة اضطرابات أولية للمزاج، حيث إن تلك المراحل تشكل نقط تثبيت حاسمة مستقبلا في تفجير النوبات الاكتئابية. وفي حدود البحث الذي قامت به "ميلاني كلاين Melanie Klein " (1882-1960)فالاكتئاب الأولي عند الأطفال يتعلق مبدئيا بشكل مباشر بالفطام Sevrage حيث إن الاكتئاب هو انعكاس مباشر للحرمان من موضوع الحب المتمثل في الثدي والأم أو ما يحل مكانهما والناتج عن عملية الفطامF F .
بالنظر المشاعر السائدة عند المكتئب فان "كارل أبراهام" أشار سنة 1911 بأن البغض والضغينة من أهم المشاعر السائدة عند المكتئب، وبحكم أن تلك المشاعر غير مقبولة فانه يحاول كبتها ومن ثمة يسقطها على الآخرين فيشعر بالكراهية من قبلهم (أي أنهم يكرهونه) ثم يأتي بعد ذلك الاعتقاد بأنه منبوذ بسبب نقائصه وعيوبه الفطرية ومن تم يصبح مكتئباF F وقد أكد" أبراهام"من خلال دراساته العديد من الأدلة التي تخص العدوانية المكبوتة في أحلام المكتئبين وكذا سيطرة مشاعر الانتقام عليهم. وبالرجوع إلى "ميلاني كلاين"فالطفل يحاول الانتقام لموضوع الحب (الثدي) من أمه بطريقة استيهامية ذلك أنه في مرحلة الفطام يكون غير متوفر على القدرة على التمييز بين الفعل الحقيقي والفعل الاستيهامي، وتلك المحاولات الانتقامية (تعبيرا عن الحنين إلى موضوع الحب المفقود) التي يعتقدها الطفل حقيقية هي بمثابة عقاب للأم، لكن تلازم الطفل من جهة أخرى خشية وخوف من الثأر من الأم لأن ذلك سيجعل موضوع الحب لن يعود مستقبلا له وذلك الخوف أسمته "ميلاني"Position persécutive أو موقف الاضطهادF F باعتباره نواة الإحساس بالذنب لدى الطفل، حيث إن الحنين والشوق إلى الموضوع المفقود Nostalgie de l’objet perdu يتخلله اعتقاد الطفل بأنه صار مفقودا بسبب الخطأ الجديد (الانتقام) وبالتالي يعتبر ذلك الاعتقاد الطفلي المصدر الرئيسي للإحساس بالذنب وعلى هذا الأساس يصبح الحنين إلى موضوع الحب، والإحساس بالذنب هما نواة القلق والاكتئاب. تعتبر "كلاين" هذا الاكتئاب الأولي مرحلة حاسمة في نمو الطفل على أساس أن كل التطورات النمائية النفسية للطفل تشعل وظيفة تخطي الاكتئاب بواسطة اعتماد ميكانيزمات دفاعية أهمها الكبت والإسقاط.
للربط بين"أبراهام" وتلميذته "كلاين" يمكن القول أن عدم نجاح الجهاز النفسي في تخطي الاكتئاب الأولي في الطفولة يجعله مستمرا إلى مراحل عمرية متقدمة لا شعوريا ليظهر عند تفجره بمشاعر الضغينة والكره وحب الانتقام.

2. روني سبيتز René Spitz

عبر الطبيب والمحلل النفسي الأمريكي "روني سبيتز"(1887-1974) عن وجود علاقة وطيدة بين فقدان الأم والاكتئاب سنة 1945 حيث أكد أن الغياب المتكرر والممتد للأم يمهد ويؤصل لحالات اكتئابية عند الأطفال الرضع وأسمى تلك الحالات الاكتئابية بـ Dépression anaclitique باعتباره اضطراب انعكاسي للغياب المطول للأم أو ما يقوم محلها(أي شخص يمكنه تأمين الحاجيات الضرورية للطفل) وبالتالي فأعمال Spitz أظهرت أن الاكتئاب هو انعكاس نفسي بيولوجي يتولد عن نقصان الحب والحنان في مراحل الطفولةF F
La dépression est une réaction psychobiologique innée et spontanée à la carence de soins et d’amour maternel.
3. جون باولبي Johon Bowlby

قام المحلل والطبيب النفسي الإنجليزي "جون بولبي" بعدة دراسات غداة الحرب العالمية الثانية حول التأثيرات والانعكاسات النفسية عند الأطفال الذين فقدوا آباءهم خلال الحرب من خلال ملاحظاته المنجزة والتي تدخل في إطار المفاهيم التحليل نفسية التقليدية داخل نظريته الحديثة في التعلق L’attachement وفي إطار تحليل "التحريفات أو التشوهات المعرفية" Les déformations cognitives عند المكتئبين، حيث قام بتحديد الشروط اللازمة للمرور من حالة الحزن الطبيعي المتميز بالمزاج الاكتئابي العادي إلى الاكتئاب المرضي الإكلينيكي.
اعتبر" Bowlby" أن الحزن انعكاس طبيعي لكل وضعيات الفقدان (شخص عزيز، مكان مفضل...) فالانعكاس أو استجابات الحزن شكل دفاعي طبيعي ضد مشاعر الحزن والاستياء، إضافة إلى أنه صرخة بحث عن تعويض للعلاقات العاطفية المفقودة لتحقيق الانشراح La satisfaction وفي الحالات التي تمتاز بوضعيات تعويضية صعبة أو مستحيلة فالأمل في الحصول على التكيف والانشراح يتناقص لكنه لا ينعدم كليا وحتى مشاعر الكفاءة والقيمة الذاتية تكون شبه سليمة. أما الاكتئاب فيظهر في وضعيات الانعزال والوحدة في الوقت الذي تكون فيه إمكانيات التفاعل والتبادل مع الواقع الخارجي (المحيط) غير متوفرة. وبالتالي فالاكتئاب يمتاز بتمظهرات فقدان الأمل و ضعف الثقة بالذات L’affaiblissement de l’estime de sois وعلى هذا الأساس فالاكتئاب ليس وضعية مرضية محضة لأنه يمكن أن يكون مجرد حالة انتقالية Etat transitoire في حالات فقدان الطفل لعلاقات عاطفية لم تعوض بعد بعلاقة بديلة تحل مقام الأولى مع شخص بديل آخر يحل محل الشخص الأول (الأم مثلا). وعلى هذا المنوال فالأهمية الإكلينيكية لدراسات "بولبي" تتجلى في إخراجه وكشفه للعوامل والشروط الفاعلة في وضعيات الاكتئاب حيال مواقف الفقدان ومدى تدخلها في تجليات الاضطراب من أطفال إلى آخرين والتي تجعل البعض يخرج ويتكيف من وضعيات اللا تكيف والحزن والمزاج الاكتئابي العادي ، في حين تجعل آخرين من الأطفال يكرسون لتشكيل أصول الاضطراب الاكتئابي Former un authentique trouble dépressif F

4. رائد التحليل النفسي سيغموند فرويد Sigmund Freud (1856-1939)

إن مفهوم اللاشعور والخبرات الطفلية مفهومين أساسيين في النظرية التحليلية للجهاز النفسي الثلاثي الأبعاد وعلى هذا النسق المفاهيمي يأتي تفسير فرويد لاضطراب الاكتئاب حيث يرجعه الى الصراع والتنافر القائم بين عناصر ومكونات الجهاز النفسي التي تمثل الهو و الأنا والأنا الأعلى، ومن المعلوم أن العنصر الأساسي في حالات الاكتئاب هو الإفراط في لوم الذات والإحساس الزائد بالذنب والتأنيب الذاتي وهذه التمظهرات يمكن فهمها على ضوء الصراع القائم والمستمر لمكونات الجهاز النفسي الثلاث والتي ينفرد فيها بالنصر وجود أنا أعلى قاس وصارم
إن النظرية الفرويدية تتبنى وجهة النظر التي مؤداها أن الأمراض النفسية بما فيها الاكتئاب ما هي في حقيقة الأمر إلا نتاج للصراعات المبكرة، لهذا طور فرويد مفهوم "اللاشعور" ليظهر أن الأمراض النفسية بعد تجاوز مرحلة الطفولة ما هي إلا تكرار لا شعوري رمزي لكل ما حدث خلال السنوات الست الأولىF F لهذا يرى المحلل النفسي أن التفسيرات التي يعطيها المريض لما يصيبه من مشاعر اكتئابية ما هي إلا جزء بسيط من الأسباب الحقيقية، أما الجزء الأكبر المسئول عن هذا الاضطراب إنما هو المدفون و المتجدر في اللاشعور. ومن هذا المنطلق يكون الهدف الرئيسي من العلاج التحليلي النفسي هو إزاحة الستار عن هذه الدوافع اللاشعورية المكبوتة، بمعنى أن السلوك الظاهري بما فيه الأعراض المرضية محكوم بشكل حتمي باللاشعور.
إن النظريات المبكرة للتحليل النفسي تنظر للاكتئاب بصفته نتاجا للتصارع، أو التضاد بين الدوافع أو الرغبات والجوانب الوجدانية بما فيها مشاعر الذنب والخسارة والفقدان في السنوات الأولى من العمر. وقد عبر أبراهام سنة 1911-1916 عن هذه النظرية التحليلية للاكتئابF F وفق نظريته التي تتبلور حول العلاقة بموضوعات الحب، هذه العلاقة التي أفرد لها المحللون النفسانيون قسطا زافرا من الاهتمام تحت ما يسمى بدراسة العلاقة بموضوع الحب. فعندما لا يجد الشخص تلبية للإرضاء المبكر لرغباته الجنسية، وإشباع حاجاته للحب فانه يشعر بالغضب والكراهية اللذان يتحولان بفعل مشاعر الذنب إلى الداخل أي نحو الذات وهذا هو تعبير الاكتئاب.
يعبر الاكتئاب في خضم النظريات التحليلية عن الغضب والحنق الذي يسببه تصارع مكونات الجهاز النفسي الذي يؤدي إلى مشاعر الإحساس بالذنب مما يجعل الأنا ينهج استعمال آليات دفاعية لاشعورية دفاعا عن الذات، عند وجود أي تهديد لتلك الآليات فالخطاب يوجه لموضوع الحب كالتالي "انك لا تشبع حاجياتي وحبي لك" والنتيجة في سياقها الشعوري هي " ما دمت لا تحبني فأنا أكرهك، وبما أنني لا أستطيع البوح والتصريح والاعتراف بكراهيتي لك، فإنني الجدير بالكراهية وهذا هو الاكتئاب" وهذا يكون بفعل الإحساس بالذنب والصرامة في بناء الأنا الأعلى.
نجد "فرويد" في بحثه "الحداد والميلانخولياF F" يكشف عن أوجه الشبه بين الحزن العادي حيال فقدان موضوع الحب والاكتئاب المرضي، فالاكتئاب عادة ما يحدث ويشتد اثر خبرات فقدان مواضيع الحب، وتلك النوبات الاكتئابية في وجهة نظر التحليل النفسي نتيجة أساسية للإحساس بالذنب وكأن كراهية المكتئب اللاشعورية هي السبب في الفقدان أو الوفاة مما يضاعف بدوره مشاعر الحزن والاكتئاب والغضب الداخلي واتهام الذات.
بالرغم من أن علماء التحليل النفسي يتفقون بشكل عام باعتبار الاكتئاب حنقا وغضبا موجها نحو الذات فإنهم يختلفون في تحديد نوعية الدوافع المحيطة والمستترة لذالك الغضب والحنق، حيث يرى أبراهام أن ذلك الغضب مرتبط بالحاجة للإرضاء (أي فشل الإرضاء) والحصول على الحب. ويرى رادو "Rado " إن الاكتئاب ليس إلا "صرخة بحث عن الحب" في حين يأتي "بيبرينغ Bibring "F F ينظر إلى الاكتئاب بشكل شمولي حيث يرى أن الخاصية الرئيسية التي تميزه تتمثل في العجز عن تحقيق الحاجيات والطموحات التي يريد تحصيلها، ويرى أن الحاجة إلى الحب والتقدير ما هي إلا واحدة من بين ثلاث احتياجات رئيسية وهي الحاجة إلى القوة والأمان، والحاجة لمنح الحب ويحدث الاكتئاب نتيجة للفشل في إرضاء تلك الحاجيات الرئيسية، أو نتيجة لإحباط إحداها وبالتالي فالصراع الداخلي للذات مرتبط بفشل الإشباع.

ii) النظريات السلوكية والمعرفية Les théories comportementales et cognitives

1. المقاربة السلوكية والمعرفية ل "بيتر لوينسون Peter Lewinsohn "

المقاربة تطورت من طرف الأخصائي النفسي السلوكي الأمريكي "بيتر" سنة 1974 في إطار النظرية العامة للاشتراط "Conditionnement " والتي ترتكز على كون المزاج الطبيعي "Normothymie " غير الاكتئابي ليس ظاهرة عفوية بل تستجيب لتحقيق بعض الشروط أهمها العلاقة الجيدة والمنتظمة مع البيئة الخارجية بشكل كافي ومُرضي.
بالتطابق مع نظريات الاشتراط أبان "بيتر" أن ذلك الرضي "Satisfaction " يتحقق بتوالي السلوكات والتصرفات مع المحيط وما لها من نتائج مع اعتماد خاصية التعزيز أو التدعيم الايجابي "Renforcement positif "أي أن المكافأة والجزاء حيال السلوكات الايجابية يعتبر بمثابة محفز "Motivation "لإعادة تلك التصرفات والأفعال. وعندما يكون تردد وحدة الارضاء نتيجة لهبوط ووهن الأنشطة فهذا يؤدي إلى انخفاض وقلة الحافزية والأنشطة، وهذا حسب "لوينسون" وبنظرة براغماتية "Pragmatique " يمثل الظاهرة المركزية للاكتئاب (Le phénomène central de la dépression ) التي تنفتح على التعب وفقدان الحيوية والشعور بعدم مذاق الحياة وانخفاض تقدير الذات "L’estime de soi "
الدور الاكتئابيF F "Le Rôle dépressogène " للحوادث السلبية (الفقدان، الفشل،...) حسب "بيتر" عير منفي لتفسير وفهم الاكتئاب، لكن الأسباب التكميلية أو المتممة تدعوا إلى إضافة الحوادث التي تثير الاكتئاب "Les événement déclenchant "من اجل الفهم وفي سيرورات العلاج.

2. المقاربة المعرفية لـ "أرون بيك Aroon Beck "
تقوم المقاربة المعرفية للاكتئاب للطبيب النفسي "Psychiatre "الأمريكي "أرو ن بيك" على التركيز على تفكير الشخص المكتئب الذي يتميز بالتشوهات المنهجية والمنظمة في إدراك وتأويل الأحداث والخبرات الاعتيادية الشائعة في الوجود اليومي(1976)F F حيث إن تلك التشوهات تكون موجهة بشكل منتظم وموجه بالسياق التشاؤمي وإحباط الذات مما يستحضر في كل مرة انعكاسات وجدانية حزينة أكثر أو اقل حدة باتجاه انخفاض الهمة وفقدان الأمل والغضب وبالتالي المزاج الاكتئابي.
وضع "بيك" قائمة للأساسيات التي يرتكز عليها التشويه الإدراكي عند المكتئب تحت تسمية "Distorsion cognitive " حيث أكد منذ سنة 1980 أن تلك التشوهات المعرفية قابلة للتعديل بالنسبة للأطفال، ويمكن إدراج تلك القائمة من الأساسيات كالتالي:
1. التجريد الانتقائي L’abstraction sélective : ويتم فيه تذكر التفاصيل السلبية من سلسلة الأحداث الايجابيةF F حيث إن المكتئب في الوضعيات المعقدة والواقعية الغامضة ينهج تأويلات تدعم عدم الكفاءة والسلبية.
2. الاستدلال الاعتباطي L’inférence arbitraire: وفيه يتم الوصول إلى نتائج خاطئة من حادثة غير مدركةF F وهو عبارة عن خطأ منطقي يرتكز على نتيجة غير محتملة من خلال نتيجة أخرى بعيدة، مثلا عندما يتم اعتماد المربية لمبدأ النظام على التوالي في دخول الأطفال للقسم فعندما تطلب من الطفل المكتئب أن ينتظر دوره فانه يؤول ذلك بشكل سلبي ويعتبر ذلك إشارة إلى عدم حب المربية له ولا يرجع ذلك إلى أسباب تعليمية ونظاميةF F
3. التعميم المبالغ La surgénéralisation : وفيه يتم إصدار المكتئب لتعميمات مبالغ فيها اتجاه ادراكاته لحوادث وخبرات ماضية أو حاضرة أو تجاه المستقبل. وهذه القاعدة تكون سهلة الوقوع مع وجود خصائص الاستدلال الاعتباطي والتجريد الانتقائي حيث يعتبر المكتئب أن كل الأحداث الماضية لها طابع سلبي مما يجعله يسحب ذلك على جميع الخبرات والأحداث الحاضرة والمستقبلية بدون انتقاء منطقي.
4. التشخص La personnalisation : حيث يرتبط هذا العنصر بالتفسير السلبي والشخصي لجميع الحوادث السلبية فيكثر الشخص المكتئب من لوم الذات حيث يعتبر الطفل على سبيل المثال أنه السبب في طلاق أبويه لأنه سيءF
يعتبر اجتماع تلك العناصر المكونة للتشوهات المعرفية تحقيق لأنماط الاكتئابية المتميزة بالتضخيم السلبي للأحداث السلبية والتقليل من قيمة الأحداث الايجابية فيصبح الشخص المكتئب أكثر حساسية وانتباه لكل ما هو سلبي يكرس لمشاعر الإحباط والحط من قيمة الذات وتقديرها وبالتالي تجنب وإجهاض كل ما هو ايجابي وهذه هي المميزات الرئيسية لاكتئاب وبذلك يكون المكتئب نظرة وتوجه مشوه إدراكيا لكل المواضيع والأشياء يؤدي إلى نتائج سلبية بإفراط.
لقد تحدى "بيك" منذ سنة 1967F F وجهة النظر العامة التي وصفت الاكتئاب بأنه اضطراب عاطفي ولم تضع في الاعتبار المظاهر المعرفية الواضحة للاكتئاب، حيث أكد أن الإدراك يؤدي إلى المعرفة والانفعال عند الأفراد (الأسوياء) والاكتئابيين إلا أن شأن المكتئبين من حيث الادراكات تسيطر عليها العمليات المفرطة الحساسية والمحتوى وتلك الادراكات تحدد الاستجابات العاطفية في الاكتئاب، وبالتالي فان التفسير المعتمد من طرف بيك يركز على أنماط التفكير والادراكات المشوهة عند الشخص المكتئب.

XI. الطرق العلاجية للاكتئاب
إن الطرق العلاجية للاكتئاب تختلف وتتباين نهجا لكل حالة وخصوصياتها ونهجا لحدة الاكتئاب وأعراضه.

i. العلاج النفسي La psychothérapie

هناك عدة مناهج للعلاج النفسي كآلية للتدخل، لكن كيفما كان المنهج فهو بالضرورة يرتكز على أساس التبادل اللفظي بين شخصين (المعالـِج والمعالـَج) بالاعتماد على آلية الاستماع والرعاية وعدم إصدار الأحكام القيمية من طرف المعالج مع اعتماد سرية المهنةF F.
تعتبر جودة العلاقة العلاجية من بين الأساسيات التي تدعم العلاج النفسي حيث إن ذلك يستلزم وجود ثقة بين المعالـِج والمعالـَج، ويتم العلاج النفسي باعتماد عدة أساليب داخل النسق الإكلينيكي كالملاحظات العيادية والمقابلات وتطبيق اختبارات اسقاطية تخص الزمكان وجودة التفاعلات مع المواقف.
إن التبادل اللفظي المعتمد في العلاج النفسي ليس بالشبيه للتبادلات اللفظية اليومية حيث انه ينبني على خبرة المعالج ودراساته النفسية المعمقة وجودة ممارساته العلاجية وعلى هذا المنوال فان العلاج النفسي يطبق إما من طرف الطبيب النفسي Psychiatre باعتباره طبيب درس بجامعة الطب وتخصص لمدة أربع سنوات في دراسة الأمراض العقلية وعلاجها. أو من طرف عالم النفس Psychologue باعتباره شخص له كفاءة دراسية وعلمية تستند على حصوله على شهادة الماجستير أو الدراسات المعمقة بالجامعة تخصص علم النفس لمدة خمس سنوات لكنه بالمقارنة لا يعتبر طبيبا نفسيا. وفي غالبية الأحيان يتم الجمع بينهما لدراسة وعلاج المرضى على أساس أن الأول يهتم بالجانب الفسيولوجي والظاهر عند المريض من حيث عضويته ومكوناته البيولوجية، في حين أن الثاني يهتم بالعمق وجودة العلاقات والتفاعلات وطبيعة الأحكام ومكامن الصراعات الشعورية واللاشعوريةF F وفي بعض الحالات يمكن نهج طريقة الفريق العلاجي لدراسة الحالة حيث تتكون من طبيب عام، طبيب نفسي، عالم نفسي أو أخصائي نفسي، المساعد الاجتماعي وذلك من أجل الإحاطة الكاملة بكافة الجوانب المتعلقة بالمريض موضوع الدراسة والعلاج عضويا، نفسيا واجتماعيا.
إن العلاج النفسي على العموم يهتم بأساليب وأساسيات الدعم والمصاحبة النفسيةl’accompagnement et le soutien psychologique من أجل التقليص من حدة المعاناة والتخفيف من حدة أعراضها عند المريض.

ii. العلاج السلوكي للاكتئاب
بخلاف مدرسة التحليل النفسي اعتمدت المدرسة السلوكية البحث التجريبي وقدمت أيضا التعلم والخبرة كبديل عن القوى الداخلية، فالاضطرابات النفسية عند السلوكيين ما هي إلا استجابات وعادات شاذة تكتسب بفعل خبرات خاطئة من الوسط البيئي بفعل سلسلة من الارتباطات المؤلمة، لذلك فالمعالج السلوكي ينظر إلى المرض والاضطراب على بكونه نتائج لعناصر بعضها في البيئة الخارجية وبعدها في البيئة الداخلية، وبالتالي فان علاج الشخص الذي يعاني الاكتئاب يتم عن طريق تعلمه أساليب جديدة من التفكير و السلوك عن طريق تغيير توقعاته وقيمه واتجاهاته وأنماط تفكيره و ادراكاته المستقبلية صوب أهدافهF
iii. العلاج بالصدمات الكهربائية

هذا النوع من العلاج يفيد تقريبا في كل أنواع الاكتئاب ولاسيما في الحالات الخطيرة منه إذ يتحسن مزاج المريض ويصبح طبيعيا بعد جلستين أو ثلاث، وتجري عادة من ست جلسات إلى اثنا عشرة جلسة بمعدل جلسة واحدة كل يومين عن طريق إحداث نوبة صرعية متعممة بتمرير شحنة كهربائية عبر الدماغ، والتي تؤدي عادة إلى ضعف مؤقت في وظيفة الذاكرة. وهناك حالات خاصة لا يجوز فيها إجراء الصدمات الكهربائية منها أورام الدماغ وأمراض القلب وسوء حالة المريض الصحية العامة.

iv. الأدوية المضادة للاكتئاب Les Médicaments antidépresseurs

هناك درجات متعددة للأدوية المضادة للاكتئاب نهجا لدرجة الاكتئاب وحدته، لكن الاكتئاب لا يحتاج بالضرورة إلى الأدوية المضادة دائما.
إن الهدف الرئيسي للأدوية المضادة للاكتئاب هو التخفيض الدال لأعراضه ولنتائجها على مستوى الحياة اليومية وذلك في مدة لا تتجاوز 4 أسابيع من العلاج المستمر، وهي تساعد المكتئب بشكل عام على النوم الطبيعي، توازن الشهية للأكل، واتخاذ المبادرة والإدراك الايجابي للحياةF F لكن تلك الوظائف تقل فعاليتها بعد التوقف من أخذ الدواء.
الأدوية المضادة للاكتئاب عبارة عن جزيئات "Molécules "تشتغل على مستوى الدماغ وبالخصوص على مستوى النوغونات "Les neurones " التي تتواصل ببعضها البعض بإرسال رسائل كيميائية تسمى "الموصلات العصبية Les neurotransmetteures " مثل "السيروتونين SérotonineF F و "الميلاتونينLa mélatonine F F و "الدوبامين F FLa dopamine " و " النورادرينالين La noradrénalineF F " ويعتبر الفرنسيين أكثر الشعوب استهلاكا للأدوية المضادة للاكتئابF
تنقسم مضادات الاكتئاب إلى ثلاثة أصناف وهي:

1. مضادات الاكتئاب ثلاثية الدوائر: وهي تتكون من مركبات "الايبراكس" وهي أدوية تفيد في تعديل مزاج المريض وكثيرا ما تغني عن الصدمات الكهربائية لكنها قد تزيد القلق في البدء من استعمالها كما يمكنها أن تقلب مزاج المريض من الاكتئابي إلى الهوسي وفي هذه الحالة يجب التوقف عن تناولها، إضافة إلى مكونات "التريبتالين"F
2. متبطات خميرة مونوأمين أوكسيداز: وتأثيرها يمنع يمنع تشكيل تلك الخميرة التي تقوم بتخريب المونوأمينات.
3. كربونات الليثيوم: ومنها دوائي "الليتاريكس Lirarex "و "اليثي-هيكا Lythi-Hika "

إن الأدوية المضادة للاكتئاب تختلف استعمالا من شخص لآخر وبذلك تنقسم الأدوية حسب شدتها إلى:
أ‌. العقاقير الخفيفة: وهي المعتمدة في علاج الأعراض المصاحبة للاكتئاب الارتكاسي والوسواس القهري.
ب‌. العقاقير القوية: