الحرف 29 يهرب من متاهات اللغةبعد الديوان الأول \ رعشة القمر \
واصل الحرف ارتعاشاته لترقص الكلمة على إيقاعات اختيالات مخملية أفرزت عبير...ها وأخريات رقصن على بياضي ..منهن من نقشت إلهاما عن بعد وأخرى رقصت على الجمر فانتفض طائر الفينق عاشقا ,,فيما نسيت سندريلا حذاءها للمرة الثانية ,,,وكسحابة عطر عابرة غازلت فينوس بوابة عشتار في لحظة عشق لم يكن أبدا حراما في الأشهر الحرم لأنه استحق ويستحق لقب العنصر الخامس ...أما القصيدة الخطيئة فقد شكلت عناصرها امرأة ذات عبير أخضر في البداية لتختار أن تتحول إلى دخان يتطاوس تارة وتارة أخرى تتزأبق منفلتة غير عابئة بالمبطلات السبع للعشق,شاردة ..غاضبة ,حائرة بينها وبينها ,مزهوة ,مرتبكة كمن ترقص رقصتها الآولى ,راضية بأن تحترق بلا دخان..فيما انزويت أنا حرفا رقمه تسعة وعشرون,
,أتساءل عن مصير العشق والصراع لو لم يفعلها إبليس,مرددا : آسف ..مازلت أحبك لأنك أجمل الأخطاء ولأنك بيت القصيد...ة,ولأنك مثلي تتأبطين حلما أسميه أنا شعرا ..
هكذا إذن تتواصل الرعشة ..رعشة الحرف والكلمة ومن حين لأخر كنت أفتح الصندوق الأسود لأجد بداخله قصاصات ترتعش رغبة في تحقيق حلم مؤجل أو جرأة يد ناعمة تطلب يده أو دعوة منه لركوب هودج طروادة موقعة ب:كوني لي حلما..وحين صرخت إحداهن قائلة : أيها الشاعر ,,لقد ابتلعتني قصيدتك دخلت متاهات بطعم النزيف وأخرى بطعم الصمت والأسى هامسا: كفاية ..فقد نلت كفايتي من حبات العنب حتى الثمالة وغادرت كل النساء ذاكرتي باستثناء واحدة اسمها قصيدة ..ولأنني تعبت من الاصطلاء بلفحة الهجير أسرعت إلى جذوع الأشجار أبحث عن ظل يقيني جمر الحوريات فوجدت الأشجار تبحث عن ظلال .
من بين كل أجناس الكتابة المعروفة والأخرى يمكن القول بأن الشعر حالة من الهوس والتمرد والألم ,تجتاحنا ,تغافلنا ,تطاردنا,تصطادنا فندخل متاهة حلم تارة بلون الورد وأخرى لا لون له ..تتزاحم الكلمات على مشارف القلم ..يوقع الحلم تأشيرة الدخول إلى الهذيان فتكتبنا القصيدة عوض أن نكتبها وننساق وراء حماقة بطعم الطفولة ..يأخذنا التيه خارج الذات على صهوة الشعر ثم يقذف بنا إلى يم الجمال لنبدأ رحلة الإبحار في اتجاه مرافئ الجنون ...حاملين أحلامنا المؤجلة لننسج منها قصائد متمردة ملتحفة أردية العشق.
لمن أهدي هذا الحرف المتمرد؟أعرف أن شعر الغزل في هذا الزمن الرمادي لم يعد بذي فائدة ..زمن المشاعر الفيسبوكية والعشق الأنترنيتي ورسائل الشوق السريعة عبر الهواتف النقالة ,,ومع ذلك أغامر وأركب الحرف الذي يقاوم هذا الزمن الإفتراضى الذي عولب الوجدان وأعطى للعشق بعدا آخر تعدى حدود الحميمية والتفاعل الحقيقي في العلاقة مع الآخر ..بعد أن أصبح الحرف يتيما على صفحات الجرائد وبين طيات الكتب والمجلات واستحال إلى مجرد نقرة على ملمسيات جهاز الكومبيوتر,,وأعرف أيضا أن زمن قيس وليلى قد ولى وإن كانت :
أفاطم مهلا بعد هذا التدلل,,, فإن كنت قد أزمعت صرمي فاجملي
أغرك مني أن حبك قاتلي ,,,وأنك مهما تأمري القلب يفعل
مازالت حاضرة بأشكال متعددة حتى في غياب الحرف كما نعرفه .
الحرف 29.. حرف خارج الأبجدية المعروفة أهديه لعشاق الحرف أولا وإلى المهووسين بالكلمة ثم إلى محترفي العشق الآخر الذين يطوعون الحرف والكلمة للوصول إلى الوجدان وخلخلة المشاعر واستمالة القلوب ,,,في زمن تحجر فيه كل شيئ إلا الحرف 29 .
محمد بلغازي