تمر أيام حياتها متشابهة لا تكاد تفرق يوما عن آخر، أشبه بحياة الأموات ،كنت أراقبها من بعيد أشفق عليها تارة , أغضب منها تارة أخرى لأنها جامدة في مكانها لا تسعى لتغيير حياتها و تنتظر من الحياة أن تتغير من أجلها و كأن الحياة تأبه لدمعة في عيني أو في عينها.
كانت دائما تنتظر بصيص أمل و نور وسط كل السواد و الظلمة و اليأس الذي يطوقها و لكن حياتها أبت إلا أن تبقى كئيبة مستسلمة دونما أي هدف أو حلم ينتشلها إلى النور و الأمل و ظلت تنتظر و عيناها الجميلتان تغطيهما نظرة حزن عميق.
حاولت التقرب منها أكثر و دفعها إلى الفضفضة و الكلام ربما ترتاح هي و أتوصل أنا إلى سبب استسلامها و ضياعها و ربما نجد معا حلا.
و أخيرا قررت أن تحكي فاستمعت و كلي آذان صاغية :
( " كان يمكن أن يكون هنالك بصيص أمل و نور وسط كل هذه الظلمة بحياتي و لكن الأقدار شاءت أن لا يفارقني حزني ، و حتى قبل هذا البصيص من الأمل كان هنالك بصيص أمل أول ، كان أكثر قوة و أكثر اقترابا من الحقيقة , حقيقة تحولت إلى سراب ثم إلى جرح سيداوي لا علاج له ، جعل أي بصيص أمل آخر بعده لا يغدو أن يكون مجرد وهم صعب اقترابه من الحقيقة ، صعب اتصافه بالمصداقية و حتى الوثوق به .
حاولت النسيان كما نصحني الكل و لكن ما خلصت إليه أن محاولة النسيان هي في حد ذاتها تذكر و خلق جديد لكل ما حدث مهما كان بسيطا و لكن مع ذلك حاولت أن أجد ممحاة أمحو بها عوض محاولة خلقها من نفسي عبثا. و هكذا تعرفت على بصيص الأمل الثاني و أغرب مافي الأمر أنه كان بنفس الطريقة من خلال وسيط كما الأمر بالنسبة لبصيص الأمل الأول و الاثنان لم أراهما و لم تلمس يدي يداهما قط ,أَوَ إذا تكون نفس النتيجة : الابتعاد و الهجران
هل يعقل أن يكون بصيص الأمل الأول هو الأصل و ما خلاه لا يغدو أن يكون سوى نسخة عليها قهرا أن تطابق الأصل و هكدا تبقى حياتي كئيبة ،كئيبة، كئيبة......................
ترى أين يكمن الخلل فيا ؟ أم في الطريقة؟؟؟
و ها هو يوم آخر يمر و لم يتصل ، لم أسمع أي خبر عنه منذ أسبوع كامل و هو الذي كان يتصل يوميا ’ صباحا و مساءا ويتكلم لساعات طوال.
و في كل اتصال يجد شيئا جديدا ليقوله ،ليأسر به قلبي كل يوم أكثر أو بالأحرى ليعيشني في بضع دقائق من السعادة مهما كانت هذه السعادة مسروقة أو مزيفة إلا أني كنت أحبها كنت أحس أن هناك من يهتم لي ،أني لست وحيدة منسية في عالم الأشباح هذا .
والآن مع انقطاع أخباره،أشعر أن بصيص الأمل هذا بدأ يقترب من باب الوهم و قد يفتحه في أية لحظة ليضيع مني كما ضاع الأول أو لربما كما ضيعته و دفعته ليصبح وهما .
أتُراه يتصل هذا المساء, و إن اتصل أألومه ؟ أم أفرح باتصاله وأسأله عن سبب اختفاءه ؟ربما يكون مريضا ،سيقول حينها أني لم أهتم و لم أسأل عنه، أيكون هو الآخر ينتظر اتصالي ؟؟؟
ها قد حل المساء ولا جديد آت معه سوى الحزن والحيرة و الشعور بالعجز و القيد والإحساس بالكراهية و الغضب يزداد كل يوم, الغضب من نفسي التي لا تنفك تضعني في مواقف صعبة، تتشبت بحبال واهية ............................
وأخيرا عاد بصيصُ الأمل بصيصَ أمل من جديد دون أي تفسير عن كل هذا الغياب و دون أي لوم مني أو عتاب أو حتى مجرد السُؤال المعتاد "أين كنت" أربما خائفة من الإجابة أم لأني أعرفها مسبقا ،أجل أشك و لكني لست متأكدة و هذا ما يزعجني ....................ولكن ما يهم الآن هو أن بصيص الأمل عاد ليلعب دوره و ليبقى بصيص أمل اليوم و الغد و أبدا ")
هذه كانت كلمتها الأخيرة ،أتمنى أن يبقى هذا البصيص من الأمل الذي تتشبت به كثيرا و من دون أي تفكير أو تعقل كما قالت اليوم و الغد و أبدا.
سأتابع قصتها، لقد شوقتني كثيرا و أشعر بالأسف من أجلها، أعتقد أني سأزورها الأسبوع المقبل.
ها أنا أمام بيتها ، أطرق و أطرق دون سماع أي جواب و هكذا حتى مر أسبوع و تيقنت أني لن أعرف ما حل ببصيص أملها خصوصا بعدما فتح الباب أخيرا على وجه ليس الذي ألفته و إنما وجه جديد:"(أتسالين عن ليلى ، لقد اشتريت منها البيت و انتقلنا البارحة و لا أعرف عنوانها الجديدة ، آسفة لا أستطيع مساعدتك").
[b]