السلام عليكم
كثير ممن تعلموا الرقمي أبدعوا فيه خلال فترة وجيزة تتراوح من الأسبوع إلى الشهر، وبعضهم تفوق علي في طريقة تقديمه أو في موضوع محدد منه.
من أتقن شيئا من الرقمي وأحبه لا يملك إلا أن يعلمه كمن اكتسب نورا لا يملك إلا يصدر عنه فينير لسواه.
كتبت الأستاذة أنين مقدمة موجزة تعرف بالعروض الرقمي رأيت أن أستهل بها . قالت :
" علم العروض
أغلبنا يتذوق الشعر ومنا من يتمنى أن يقول الشعر.
والشعرأصلا إحساس وشعور وتعبير جميل هذا هو الأساس وكثيرون منا يملكونه ولكن عندما نكتبه ونقارنه بالشعر الذي نقرؤه لكبار الشعراء نجد شيئا ما مختلفا
نعم شيء ما بسيط ولكنه مهم كالملح للطعام
ذلك هو وزن الشعر وهو موضوع علم العروض.
والإحساس بالوزن فطرة لدى الشاعر الموهوب، وقد كان الشعر قبل أن يوجد العروض وكان وزن الشعر سليما على الأغلب لدى العرب في جاهليتهم، كسلامة حركات كلامهم قبل أن يوجد النحو، وكسلامة فهمهم للغتهم ومعاني ألفاظها.
ثم جاءالإسلام وانتشر في بقاع شاسعة ضمتها دولة الإسلام دون حدود أو سدود وضمت حضارةالإسلام أقواما شتى ذوو ثقافات شتى ولغات شتى في أكبر تفاعل حضاري شهدته البشرية. ونتج عن ذلك أن سلامة الفطرة العربية للذين اختلطوا بغير العرب لم تبق على سابقعهدها، وهنا نهض المسلمون عربا وغير عرب للحفاظ على أصالة العربية في كل مجالاتها. ولعل أبرز من أبدع في هذا هو الخليل بن أحمد الفراهيدي فقد خط معجم العين وأسسالنحو وأرسى وأتم علم العروض.
" وهو الخليل بن أحمد عمربن تميم الفراهيدي البصري أبو عبد الرحمن، ولد سنة 100 للهجرة وتوفي على الأرجح سنة 175 هجرية. وقد أرجع معظم الباحثين نسبه الفراهيدي إلى فراهيد بن مالك بن فهم بنعبد الله بن مالك بن مضر الأزد، ويقال له أيضا فرهودي............وتكاد المصادرالقديمة تجمع على أن والد الخليل أول من سمي أحمد بعد النبي "
وهناك العديدون ممن يملكون موهبة تحتاج إلى عناية ويمكن لهؤلاء أنينموا موهبتهم ويصقلوها بطريقين :
الأول : مطالعة شعر الشعراء الكبار
الثاني : تعلم العروض
والعروض علم من أجمل علوم العربية وأحبها إلى النفس، ولكنالمصطلحات تعقده . يقول الدكتور أحمد عبد المجيد محمد خليفة في مقدمة كتابه (في الموسيقى الشعرية ) " : ...حتى أننا لا نعرف علما من العلوم العربية والإنسانية، قداكتظ بغريب المصطلحات وجفافها، كما اكتظ بها عروض الشعر العربي وقافيته، .... كل ذلك دفع الكثيرين إلى الإعراض عن تعلم العروض والتنفير منه وإظهاره في صورة بغيضة وثقيلة، لا تتمشى معه طبيعة الشعر وما فيه من جماليات."
والعروض الرقمي أسلوب لتقديم عروض الخليل بعد تخليصه من هذاالعبء وسيجد القارئ الذي لا سابق معرفة له بالعروض أنه يستطيع أن يفهم مبادئه خلالفترة وجيزة تتراوح بين الدقائق والساعات حسب استعداد القارئ.
وحسب القارئ أن يعرف مبدئيا أن أول مناغاة الطفل تكون شعرا
ما ما ما ما...... ما ما ما ما
وهذا بيت شعر بسيط مكون من شطرين كل شطر من 4 مقاطع وكل مقطع منحرفين متحرك هو الميم وممدود أو ساكن هو الألف حيث ( ما =2 ) يعني حرفين.
ويكون وزن البيت = 2 2 2 2 ............2 2 2 2
هل فهمت هذا
إذن أنت في أول الطريق السليم
ما رأيك أن ننظم على هذاالوزن
جاءت ماما ..... أحلى ماما
أهلاً ماما........ تحيا ما ما[/center
]فلنقطع البيتين:
جاءت ماما = جا 2 – أتْ 2 – ما 2 – ما 2 = 2 2 2 2
أحلى ما ما = أحْ 2 – لى 2 – ما 2 – ما 2 = 2 2 2 2
أهلاً ما ما = أهـْ 2 – لنْ 2 – ما 2 – ما2= 2 2 2 2
تحيا ما ما = تحْ 2 – يا 2 – ما 2 – ما 2 = 2 2 2 2
من فهم هذا فقد عبدت له طريق الرقمي فليتفضل. "
تلك كانت المقدمة كتبتها الأستاذة أنين.
وأضيف عليها:
[center]أخي جاوز الظالمون المدى .......فحق الجهاد وحق الفدى
أخي جا وزظ ظا لمو نل مدى .....فحقْ قلْ جها دُ وحقْ قل فدى
3 2 3 2 3 2 3 .................3 2 3 1 3 2 3
التفاعيل والرقمي كلاهما أسلوبان لتقديم عروض الخليل، فالتفاعيل جميلة ونجحت في نقل علم الخليل على نحو مفصل مجزأ، والرقمي أسلوب للتواصل مع تفكير الخليل بكليته انطلاقا للتفاصيل.
إن العروض الرقمي بما هو تعامل مع الأرقام للتعبير عن الوزن يفتح الباب واسعا أمام التأمل والتفكير والتطبيقات الجديدة ومن ذلك:
1- أنه يكشف عن وجود برنامج رياضي في الوجدان العربي السليم الذي مثله الشعر العربي يقبل وزنا ما ويرفض آخر
2- أنه يوحد التعبير عن الإيقاعات الصوتية والحركية والبصرية
3- أنه يمهد لتوحيد أسلوب التعبير عن الوزن الشعري واللحن الموسيقي
4- يسهل دراسة الشعر العامي بل والأجنبي القائم على أساس الكم ( لا النبر ) كما في الشعر اليوناني والهندي، دون معرفة اللغة
5- الرقمي كما سيتبين من سيدرسه يعلم التفكير كما يعلم الوزن، ذلك أنه يحاول التعبير بقواعد كلية عن تفاصيل شتى يعبر عنها بالتفاعيل تحت مسميات شتى
6- وسوى هذا كثير.
العروض هو العلم الذي يدرس الوزن، والوزن هو صورة الكلام الذي نسميه شعرا، الصورة التي بغيرها لا يكون الكلام شعرا"
وأصل كلمة العروض اصطلاح يطلق على المقاطع الأخيرة من الشطر الأول من البيت ( الصدر ) وهي مؤنثة، وأطلقت على العلم الذي يتناول وزن الشعر ككل. والأصل أن تكون مؤنثة في الحالين. يقول أبو العلاء المعري ( ت 449هـ):
تَوَلّى الخَليلُ إِلى رَبِّهِ ....... وَخَلّى العَروضَ لِأَربابِها
فَلَيسَ بِذاكِرِ أَوتادِها ....... وَلا مُرتَجٍ فَضلَ أَسبابِها
وقد يكون في قول ( العروض الرقمي ) بصيغة المذكر بعض الترخّص، الذي قد يشفع له أن المقصود هو ( أسلوب العروض الرقمي ) أو فنّه أو علمه. لا سيما وأنّه ورد بهذه الصيغة في الشعر العربي، يقول ابن نباتة المصري تمييزا له عن السعدي ( ت – 768 هـ ) من قصيدة له وأبدأ بمطلعها :
لا أترك الحبّ والعذَّال وعَّاظ ....... ما دام في حفظه للقوم إحفاظ
لا زلتَ تملي وتملأ الحلو من كلمٍ ....... بذكرهنَّ لسان الذوق لمَّاظ
ودّ العدا منه ما فاض العروض بها ....... لو أنهم بنفوسِ الغيظ قد فاظوا
مزجت يا بحرُ بحرَيها فذاك وذا ....... عذب على أنه للدّرّ ألفاظ
مقدس بيتها حتى الخليل به ....... جذلان والباحث الوزَّان مغتاظ
ويقول الظاهري ( ت – 297هـ ) :
هب العروض تساهلنا عليك به ....... فأي نحوٍ بهذا العقل يحتجب
تطهر الآن من ذا الشعر مغتسلاً ....... كما تطهر من أدرانه الجنب
ويقول بطرس كرامة ( ت – 1267 هـ ) :
والفقه ذو أسف عالت فرائضه ....... والمنطق العاصم الألباب منقرضُ
على بديع معانيك العروض بكى ....... بحور دمع من الأشجان ترتكضُ
العروض هبة الخليل بن أحمد الفراهيدي لأمته على مدار أجيالها، وهو يمثل نتاج العقل العربي في أوج انعتاقه بدين الله وارتياده سبل العلم والمعرفة. وما جاء من بعد الخليل من مؤيد له أو معارض إلا وهو على سفح علمه.
ومن كان يتقن التفاعيل فينصح بمحاولة تناسيها إلى بعض الوقت
وعدم وجود سابق معرفة في العروض أمر إيجابي لطلاقة تلقي هذا الأسلوب دون تداخل مع تصور سابق لأسلوب مغاير.
وفيما يلي مثالان عن تطبيقات الرقمي خارج مجال الشعر العربي
http://www.wasseem.salshaaban.com/http://alarood.googlepages.com/1106-...archeology.htmوأختم بهذه المقتطفات:
يقول الدكتورأحمد عبد المجيد محمد خليفة في مقدمة كتابه (في الموسيقى الشعرية ) " : ...حتى أننا لا نعرف علما من العلوم العربية والإنسانية، قد اكتظ بغريب المصطلحات وجفافها، كما اكتظ بها عروض الشعر العربي وقافيته، .... كل ذلك دفع الكثيرين إلى الإعراض عن تعلم العروض والتنفير منه وإظهاره في صورة بغيضة وثقيلة،لا تتمشى معه طبيعة الشعر وما فيه من جماليات."
--------------
ويقول الأستاذ ميشيل أديب في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002:" وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية التي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة الرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ. "
-----------
وأقول : "إن العروض الرقمي قد تجاوز المصطلحات وهو صلة بتفكير الخليل ومعبر عنه. وتعميم لتطبيق عبقرية الخليل في مجالات غير وزن الشعر، وتوحيد للغة الإيقاعات الصوتية والبصرية والحركية. وكشف لما أودعه الله تعالى في وجدان العربي وفطرته من برنامج رياضي هداه إلى الأوزان المتسقة قبل أن يوجد العروض."
مبادئ العروض الرقمي على الرابط :
http://sites.google.com/site/alarood/d1