غذا سأرحل عن هذا العالم
غذا سأرحل إلى بيت الظلام
غذا ستغرب شمسي
غذا سيخيم صمتي
غذا سأرحل إلى مدينة
لا اعرف موقعها
كل ما اعرفه هو صمت ساكنتها
سأرحل والموكب الرهيب
يرافقه بكاء و نحيب
شعلة انطفأت و يُحمل رمادُها إلى المغيب
إلى حيث ينتظر المستجوب الغريب
*
سأرحل...سأرحل محمولا في ثوب أبيض
كصخرة ثلج سقطت من القمة إلى المنحدر
تذوب شيئا فشيئا لتغدو ماءا في النهر
لكن أنا سأتلاشى تحت التراب و الحجر
سأجد غرباء ينتظرون
أعرف الأسئلة التي سيطرحون
أعرف ما سيطلبون
سأترك ورائي شيوخا يقرؤون
و أطفالا يلعبون
و نساءا يسكبن الحزن دموع
*
غدا عن هذا العالم سأرحل
كشهاب في سماء الحياة عبر
تحت التراب و الحجر
كالرماد سأندثر
ستبقى صوري على الجدران
كالسراب أمام الضمأن
دخان وقود نفته قطار الزمان
ستمضي الأيام و الأعوام
و يختفي بيت الظلام
و تنبت من حولي الأشجار
ويتعاقب فوقي العشب مع كل موسم أمطار
وبعد أن يتجاوز قطار الزمن "خبر كان"
يدخل اسمي طي النسيان
وقد تناوبت السكن في جمجمتي الزواحف
الهاربة من ضجيج الإنسان
لكن هذا ليس باب العدم
بل طريق إلى اليوم المنتظر
يوم منه لا مفر
*
يوم نخرج فيه كما يخرج العشب من التراب
لكن لا نـُستقبل كما استقبلنا يوم الميلاد
بالزغاريد و حسن الثياب
فهناك ملائكة نعيم و ملائكة عذاب
في يد من اليدين تضع الكتاب
ليعرف صاحبه إلى أي اتجاه الذهاب
.
.
العرائش خريف 2002