كـــــفى مـــــن «الـــحــــكرة» بــــشــرى إيـــجـــورك
هناك مصطلحات لها قوة لا توصف، كلمات بالدارجة المغربية لها مفهوم مرتبط بتكوين المواطن المغربي وثقافته وأسلوبه في التفكير وفي العيش وفي التذمر أيضا.. و»الحكرة» من بين هذه المفردات التي يرددها المغاربة منذ عهد بعيد، ولها وقع قوي في الروح والنفس ومعنى عميق مثقل، وقد تلخص بشكل كبير عقلية المغاربة في التعامل مع بعضهم البعض، وإذ أعود لأحلل قليلا هذا المصطلح المتوارث، أجدنا الآن الأحوج إلى فهم هذا السلوك المتجذر في ثقافة المغاربة كي نفتح حوارا ونقاشا جريئا حول علاقة المغربي بأخيه، لأن «الحكرة» هي أهم معالم هذه العلاقة والتي ترتبط أساسا بمستوى العباد الاجتماعي والسلطوي وبما يملكون من منازل وجواهر وسيارات وخدم.. لقد تحول الناس إلى أرقام، وبالتالي فكل امرئ يساوي ما يملك.. وهنا تبدأ «الحكرة».. المغربي يهين أخاه لأسباب عدة، يتهكم عليه ويكلمه بجفاء وقد يشتمه أو يضربه إن استدعى الأمر ذلك، إن أحس أنه أقل منه حظا وحيلة في هذه الدنيا اللامتكافئة.. لدينا عقدة المال والجاه والسلطة، لذلك بمجرد أن تؤول لأحدهم الأمور ينتقم من الآخرين وأولهم أصدقاؤه وربما أهله، ويتعاون مع الدنيا ضدهم، وتبدأ «الحكرة» بالنظرات المتفحصة التي يلسعك بها الآخرون، إن نجحت في الامتحان وكنت في المستوى المطلوب حافظت على كرامتك، وإن رسبت فتوقع كل أساليب الإهانة والتجريح والاستخفاف.. ولو صمتا.. أصبح الناس يساومون على كل شيء، يعيشون في خوف وقلق وتوجس وحذر وترقب بأحاسيس سلبية وأعصاب متوترة ورغبة دائمة في استعراض المعارف –وأية معارف- والسلط دون السعي نحو المحبة. «الحكرة» عملة المغربي في التعامل مع أخيه، كل واحد يقسو على من يعتقده أدنى منه وأضعف وأقل جاها ونفوذا ودراهم، كل واحد ينهش في لحم أخيه كحيوانات الغابة المفترسة دون رأفة أو رحمة أو مودة.. بلا إنسانية. وهناك من لا يستثني نفسه من هذا الإحساس، وهم كثر نصادفهم في كل مكان، أولئك الذين لم يفهموا بعد أن الاستعمار قد رحل منذ زمن بعيد، بمجرد أن يلمحوا شخصا أشقر بعيون ملونة ينحنون ضعفا ومذلة، يبيعونك برخص طلبا في إرضاء عقدة الإحساس بالنقص والدونية التي تسكن أعماقهم.. «الحكرة» سلاح الضعفاء في المحاربة، وعنوان لفقدان الثقة بالنفس وبالقدرات الشخصية وروح تدميرية تجهز على كل شيء، فهناك من يهدم ما بداخلك وهناك من يبنيه، ونحن أحوج إلى من يشجع روح البناء والخلق والمبادرة، تعبنا من التحقير والتصغير والتحطيم والحسد القاتل، مللنا من الانكسار، هوت روحنا من النكسات.. نريد أن نفرح، أن ننجح، أن نصعد منصات التتويج باستحقاق، أن نحمل الورود، أن يعلو علم الوطن مرفرفا منتشيا سعيدا شامخا، أن نرى البسمة على الشفاه، أن نكرم بعضنا البعض ونصفق للنجاح، أن نسمو بمغربيتنا ونعتز بالانتماء إلى هذا الوطن.. كفى من «الحكرة» ولو بين بعضنا البعض، تكفينا «حكرة» الأقوياء فنحن صغار جدا.
تعليق لأحد الاشخاص :
(اقتبست هدا المقال الشيق لأختنا بشرى إيجورك لأنه يعبر تماما عما يخامرني من افكار وما اعانيه من حكرة من طرف اصدقاء كنت الى الأمس اعتبرهم الحائط الدي يمكن الإتكاء عليه ضد العدو لكن للأسف بمجرد علوهم بدرجه واحدة ،تحالفوا مع عدوهم ضدي صديق الأمس ،وما يحز في نفسي ويجعلني افقد صوابي أنني تعاملت مع الجميع بصدق وفي الأخير اصبحت وحيدا في ساحة المعركة أواجه مصيري وحدي ،وأتلقى الضريات من كل جهة ،من العدو والصديق،ودنبي الوحيد أنني (ظريف)بالدرجة المغربية اي (متخلق)بالعربية الفصحى (فحكرني)الجميع لانني انسان مسالم ودرويش وبلغة المسابقات (الحلقة الأضعف)،لكن أحاول ان استيقظ من كبوتي لأنني لم يعد لدي ماأخسره .