أخي وأستاذي العزيز شريف خوجاني
موضوع قمة في الروعة المونا ليزا سمعنا عنها الكتير وسأشاركك أخي هنا بمقال يتكلم عن اكتشاف مرقد الموناليزا الاخير وأتمنى نستفيد ولا أعلم هل الخبر صحيح أو عكس دالك
طالعتنا الأخبار مؤخرًا بخبر اكتشاف موقع رفات السيدة الإيطالية “ليزا جيراردينى“، والتى أصبحت الزوجة الثانية لتاجر حرير فلورنسى ثرى يُدعى “فرانسيسكو ديل جيوكوندو” وهى فى السادسة عشرة من عمرها، وقد قامت تلك السيدة مع زوجها بتكليف الفنان الإيطالى الشهير “ليوناردو دافينشى” برسم لوحة لتزيين منزلهما الجديد، وللاحتفال بمولد ابنهما الثانى “أندريا”، وكانت تلك اللوحة بورتريه شخصى لها، وتُعرف تلك اللوحة الآن باسم لوحة “الموناليزا“.
ولوحة “الموناليزا” هى أشهر أعمال “دافينشى”، بل هى أشهر اللوحات الفنية فى تاريخ الفن على الإطلاق؛ فلا يوجد عملاً فنيًا فى التاريخ أثار ما أثارته – ومازالت تُثيره – لوحة “الموناليزا” من تساؤل وتعجب وحيرة، أو كُتب عنه، وتم نقده وتحليله، بل واستغلاله كذلك كأحد رموز الفن أو الأدب، كما هو الحال مع لوحة “الموناليزا”.
ليوناردو دافينشى – الموناليزا – 1503م – زيت على خشب – متحف اللوفر بباريس.
واسم اللوحة يعنى لوحة “السيدة ليزا”، حيث أن كلمة “مونا” mona فى “موناليزا” تعنى “السيدة” وهى اللفظ الدارج من “ما دونا” ma donna والذى يعنى “سيدتى” باللغة الإيطالية، وقد تحول إلى “مادونا” بعد ذلك، ومن ثم إلى “مونا” فى الإيطالية الدارجة كأسلوب مهذب فى المخاطبة، بالضبط ككلمة “مدام” Madam الإنجليزية والتى تعنى “السيدة”، والتى تحولت فى اللغة الدارجة إلى “مام” Ma’am بحذف حرف الـ d.
وتعرف اللوحة أيضًا باسم “الجيوكندا”، ويعود ذلك إلى أن مساعد “دافينشى” “سالاى” – والذى أوصى له “دافينشى” باللوحة قبل وفاته فى 1525م – كان قد أشار إلى اللوحة فى أوراقه الشخصية باسم “لا جيوكندا” أى “السيدة المبتهجة”، فاللفظ “جيوكند” jocund يعنى بالإيطالية “البهجة” أو “المرح”، بالإضافة إلى إنه يشبه صوتيًا لقب “زوجها” “جيوكوندو” Giocondo، ولذلك فتلقب “ليزا ديل جيوكوندو” باسم “الجيوكندا” كنوع من التلاعب اللفظى ذو المعنى المزدوج، فمن ناحية الاسم تأنيث للقبها الذى يعود إلى زوجها، ومن ناحية أخرى يدل الاسم على مرحها.
وكان “دافينشى” قد بدأ العمل فى هذه اللوحة عام 1503م، ثم تركها دون أن ينتهى منها بعد أربعة سنوات من العمل، ثم أعاد العمل فيها مدة ثلاث سنوات أخرى، وانتهى منها بالفعل فى 1519م قبل أن توافيه المنية فى 2 مايو من نفس العام .. وربما كان طول المدة التى رُسمت فيها اللوحة – بجانب العديد من الأسباب الأخرى – هو أحد أسباب شهرتها اليوم.
ومن الناحية الجمالية فإن لوحة “الموناليزا” تحتوى على خصائص جعلتها فى نظر الكثيرين لغزًا محيرًا من ألغاز الفن، وموضعًا للتعجب أو للإعجاب، فغالبًا ما تُثير نظرة “الموناليزا” تعجب الكثيرين، فهى تنظر مباشر إلى مشاهد اللوحة وعلى وجهها ابتسامة غامضة وكأنها تدعوه للدخول معها فى حوار، ولكن طريقة جلستها ووضعها لكفيها أحدهما فوق الآخر فى احترام يجعلاها تبدو كشخصية يَلفها التبجيل والإحترام، حتى ليتعذر على الواقف أمامها النطق أو إقامة حوار .. ويرجع نقاد الفن وعلماء الجمال السبب فى نظرة “الموناليزا” وابتسامتها الغامضتين إلى طريقة “دافينشى” فى التلوين والتى اعتمد فيها على تظليل حواف العينين والفم وجعلهم غير واضحين تمامًا.
تفصيلة توضح طريقة تلوين “دافينشى” لعين “الموناليزا”
و”الموناليزا” هى أيضًا من أوائل اللوحات فى التاريخ التى تضع الشخص المرسوم أمام منظر خيالى غير واقعى، فاللوحة تصور “الموناليزا” وكأنها جالسة فى شرفة تطل على منظر غريب لجبال جليدية وأخرى صخرية، وطُرق وعرة منعزلة .. وبناء على تلك الخصائص – وغيرها الكثير – تجادل نقاد الفن حول اعتبار هذه اللوحة مجرد بورتريه يُصور شخصية ما، أم عمل أيقونى يحمل من المعانى أكثر من ذلك بكثير، ولكن ما قدمه “دافينشى” فى العمل من هارمونية أو تناسق وتناغم بين عناصر اللوحة المختلفة، وطريقته فى رسم وتلوين “الموناليزا” الجالسة فى وقار وعلى وجهها ابتسامة هادئة، جعلت اللوحة أكثر من مجرد تصوير لشخصية ما، وعلى أية حال، فإن تجادل النقاد واختلافهم حولها فى حد ذاته قد زاد من قيمتها كعمل فنى.
وتوجد “الموناليزا” اليوم فى متحف اللوفر بباريس فى فرنسا، وقد تعرضت اللوحة لعدد من حوادث التخريب، وكذلك حادثة سرقة شهيرة حدثت فى 21 أغسطس عام 1911م، ومن الطريف أن أحد المتهمين بسرقتها كان الفنان الأسبانى الشهير “بابلو بيكاسو” الذى تمت تبرئته من السرقة بعد ذلك .. وقد ساد الظن فى ذلك الوقت أن “الموناليزا” قد اختفت للأبد، ولكن تم العثور عليها بعد ذلك بعامين بعد أن اكتشفت السلطات أن سارق اللوحة هو أحد العاملين بمتحف اللوفر نفسه واسمه “فينسينزو بيروجيا”، وكان “بيروجيا” إيطاليًا وطنيًا رغب فى إعادة اللوحة إلى موطنها الأصلى لعرضها فى أحد متاحف إيطاليا .. وبعد أن احتفظ “بيروجيا” باللوحة فى منزله مدة عامين ذهب أخيرًا ليبيعها لمتحف “يوفيزى” بفلورنسا ولكن تم القبض عليه وأُعيدت اللوحة إلى متحف اللوفر بباريس ولكن بعد جوله عُرضت فيها اللوحة فى العديد من المدن الإيطالية، وقد أعتبر الإيطاليون بيروجيا بطلاً وطنيًا وأطلق سراحه بعد قضاءه مدة شهرين فقط فى السجن.
وقد تعرضت اللوحة لعدد من حوادث التخريب كذلك، حيث رُشت بمادة حمضية أثرت على الجزء الأسفل منها فى عام 1956م، وفى 30 سبتمبر من نفس العام قام شاب من بوليفيا بإلقاء حجر على اللوحة مما أدى إلى فقدان جزء من الألوان بجانب الحاجب الأيسر “للموناليزا”، وقد تم ترميم اللوحة وهى الآن معروضة خلف حاجز زجاجى مضاد للرصاص.
فأين هو المكان الذى تستقر فيه رفات صاحبة ذلك العمل التاريخى؟ أين ترقد “ليزا جيراردينى” أو “ليزا ديل جيوكوندو” الآن؟ أين هى “الموناليزا“؟ تلك السيدة الإيطالية الجميلة التى ألهمت “دافينشى” ليقدم لعالم الفن أحد أشهر رموزه .. تلك السيدة التى أثرت لوحتها فى عدد لا يحصى من الفنانين الذين استلهموا منها أعمالهم، وتركت علامة لا تمحى فى تاريخ الفن .. أين هو مستقر “الموناليزا” ومرقدها الأخير يا ترى؟! .. فى مكب للنفايات!!!
نعم .. فى مكب للنفايات!!
فكما جاء فى الخبر الذى نشرته العديد من الصحف مؤخرًا، توفيت “ليزا جيراردينى” فى فلورنسا عام 1542م ودفنت فى أرض دير “سانتا أورسولا“، والذى استمر كدير حتى عام 1810م، وفيما بعد – وعلى مدى قرون – استخدمت أرض الدير كمصنع للتبغ، ومنشأة بحث جامعية .. وفى ثمانينيات القرن العشرين أعيد بناءه كثكنات لشرطة الضرائب الإيطالية، وأثناء العمل فى إنشاء جراج تحت الأرض، كشفت أعمال الحفر عن أساس الدير والعديد من القبور المتداعية، وقد ألقى الردم الناتج عن الحفر فى مكب للنفايات تابع للبلدية على مشارف مدينة فلورنسا.
ويؤكد “جيسيبى بالانتى” – وهو خبير فى كل ما يختص “بدافينشى” قضى 30 عامًا من عمره فى البحث عن مرقد “الموناليزا” الأخير – أن رفاتها توجد الآن فى مكب للنفايات يبدو اليوم كهضبة يكسوها العشب الأخضر يصل ارتفاعها إلى 100 قدم – حوالى 30.5 متر – يقول “بالانتى”: “للأسف عند بدء أعمال البناء فى الثمانينيات، لم ينل المبنى وما يحويه من آثار أى أهتمام، فقد رغبت السلطات فى بناء ثكنات شرطة الضرائب، فتخلصوا من بقايا الحفر، ومن المؤسف تدمير قبر “الموناليزا” دون أن يُدرك أحدا الأمر فى ذلك الوقت”.
مكب النفايات والذى يبدو اليوم كهضبة يغطيها العشب الأخضر على مشارف فلورنسا. الصورة من على موقع جريدة الدايلى تيليجراف البريطانية Photo By: MERCURY:
http://www.telegraph.co.uk وبناء على وثيقة نقب عنها “بالانتى” منذ ثلاث سنوات أثناء بحثه عن مرقدها الأخير، فقد انتقلت السيدة “جيراردينى” – الموناليزا – للدير بعد وفاة زوجها، وعاشت هناك مدة أربعة أعوام قبل أن توافيها المنية عن عمر يناهز 63 عامًا فى 1542م. وقد وجد الباحث فى سجل وفيات يُعرف “بكتاب الموتى” فى أرشيف كنيسة ما يلى: “ليزا دى فرانسيسكو ديل جيوكوندو، توفيت فى 15 يوليو 1542، ودفنت فى دير سانتا أورسولا”.
وحاليًا يرغب مجلس فلورنسا المحلى فى تحويل ثكنات الشرطة المهملة منذ سنوات، إلى مركز للفنون بتكلفة تصل إلى 23 مليون ليرا، ومن المتوقع أن تنتهى أعمال إنشاء المركز فى 2015م، وقد عبّر “بالانتى” عن رغبته فى أن تقوم السلطات بإحياء ذكرى “الموناليزا” قائلاً: “أود أن أرى المبنى يحمل اسم مركز الموناليزا للفنون، فما الذى قد يلائمه أكثر من ذلك؟”
فها هى لوحة “الموناليزا” تحتل اليوم مكانة لم تصل إليها لوحة أخرى فى تاريخ الفن، بينما تستقر رفات “الموناليزا” نفسها فى مكب للنفايات .. ويالا العجب!
***
جزء من هذا المقال نقلاً عن مقال صحفى نُشر فى صحيفة الدايلى تيليجراف البريطانية بتاريخ: 11 أكتوبر 2010 بعنوان: Mona Lisa’s remains ‘lie in Florence rubbish tip’ – بقلم: نيك سكويرز
http://www.telegraph.co.uk/news/worldnews/europe/ italy/8056589/Mona-Lisas-remains-lie-in-Florence-rubbish-tip.html
ومقال صحفى نشر فى موقع مجلة التايم TIME الأمريكية بتاريخ بعنوان: Mona Lisa Frown: Woman’s Remains Found in Italian Garbage Dump – بقلم: كلير ماكورماك
http://newsfeed.time.com/2010/10/12/mona-lisa-frown-womans-remains-found-in-italian-garbage-dump/مرجع: Mona Lisa:
http://en.wikipedia.org/wiki/Monalisaكل الشكر لك أخي علي المجهود
المميز والرائع
بانتظار روائعك القادمة بكل الشوق
لك كل التقدير