منتديات دواوين الثقافية و الفنية منتديات تعنى بالأدب والثقافة والفن.
 

 

 معاني شيوخ الكلام (الحلقة العاشرة)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سعيد محمودي
المدير العام
المدير العام
سعيد محمودي


المدينة : الدار البيضاء
عدد المساهمات : 7236
معدل النشاط : 12091
تاريخ التسجيل : 08/12/2009
الموقع : www.da-wawin.com

معاني شيوخ الكلام (الحلقة العاشرة) Empty
مُساهمةموضوع: معاني شيوخ الكلام (الحلقة العاشرة)   معاني شيوخ الكلام (الحلقة العاشرة) I_icon_minitimeالإثنين 8 أغسطس - 2:07


شيوخ الكلام مثل خوابي الخليع كلما تدلي يديك تلقى قديدة

أبدع “شيوخ الكلام”، قصائد ملحونية رائعة بمعان مختلفة زخرفوها بشكل ميزها عن كل ألوان الشعر في عاميته وفصاحته، وتلاوين الغناء في إيقاعاته. وتستحق قصص تجاربهم، إبحارا وبحثا قد لا تكفي محدودية حلقاته، في محاولة نفتح أعين القارئ فيها، على حقائق مذهلة نترك إليه، اكتشافها.

بحلول فصل الربيع، كان أهل الملحون، يفضلون زيارة "الحجام" لإزالة الدم من الرقبة والرجلين، عند هذا الشخص الذي طالما اختص في ذلك والختان وإزالة الأضرس و"الحلق" عند الأطفال، و"تجبير كل كسر"، والوشم، إضافة إلى مهام أخرى متعددة، بينها جبر خاطر العاشق بوشم خيالي لعشيقته.
الملحونيون ابتلوا بذلك أيضا وعادة ما كان بعضهم يطالب "الحجام" بوشم صديقته ولو في الخيال، ورسم الأسود والمدافع والجن، على إيقاع تغنيهم بجمال المرأة في قصائد أسموها "الحجام"، كما في حجام بن علي المسفيوي، إذ يقول المعشوق للحجام كلام لبيب.
"دوق اللي داقو الناس، وتنزه في حسن الأعناس"، تلك قصيدة لهذا الشاعر، يقول في حربتها "يا الحجام يلا كنت لبيب في صدر الضام زيد نيل الأوشام بعد تعمل ف خد الريم خال وشامة"، إلى درجة القول بإغشاء على الحجام بمجرد شروعه في وشم العشيقة، لهول جمالها الفتان.
وتعتبر "الحجام" واحدة من قصائد بن علي العمراني للشيخة "حجوبة"، إضافة إلى "الحراز" كشخص مسن وثري عادة ما يتزوج ويستولي على قلب ابنة الفقراء غصبا لجمالها وعوزها، عن طريق الإغراء لتعيش حياة غير مألوفة في القصر محاطة بالجواري والخدم، وقد توفرت لها الحاجيات والكماليات.
ورغم ذلك فهي تبقى مسلوبة الحرية بعد أن يعمد "الحراز"، إلى إقفال الأبواب في وجهها بمفتاح يحتفظ به، دون أن يمنعها ذلك من تذكر عشيق طفولتها، الذي يأتيها في صور مختلفة ومتنوعة، في شخص المتسول أو الفقيه أو التاجر الأكثر ثروة من سيدها، مع أن لكل قصة تفاصيل ونهاية.
وتعتبر الشيخة حجوبة، واحدة من شيخات الملحون، اللائي انقرضن ولم يعد لهن وجود بالمعنى الأسمى ل"شيخة" كامرأة جالسة أرضا وماسكة بتعريجة أو تعريجتين، وهي تنشد السرابة وهي تضبط تعريجات على الركبة وتضرب "الحاشية" و"اليم" بضربتين في الصنعة"، حسب محمد السوسي.ويقول هذا الفنان، إنه حاليا لم تبق سوى امرأة واحدة تدعى "زهرة بنت الخياطة"، لكنها اعتزلت الحرفة رغم أنها ما زالت على قيد الحياة بمراكش، مشيرا إلى أنه سمعها وجالسها وافتتن بكيفية إنجازها "السرابة" و"التمويلة" التي ترتجل فيها كلاما على قد الحربة، بشكل انقرض مع الرجال.
وليس "التمويلة" لوحدها المنقرضة، بل كذلك "التركاب" لما يواصل أكثر من أربعة منشدين في أي حفل، الغناء بشكل متواصل ومسترسل على الكباحي أو الانصراف، إذ "يركب الكبايحي الثاني، على كلام الأول، وهكذا دواليك"، بإيقاع وقياس وقصيدة وموضوع آخر مرتبط.
وقال إن هذا الغناء التسلسلي والدقة فيه وعدم الخروج عن المقام الموسيقي للعازفين، كان يمتاز به الحاج التهامي الهاروشي وامحمد بوزوبع الأب وعبد الكريم كنون والحاج بنعيسى الشكيوي وإدريس بنجلون، متحدثا عن قصائد "الشركة" التي كان ينظمها الأشياخ في كل المدن، لسهولتها.
وأوضح أن عدة منشدين يشتركون في طابع وريثم وإنشاد واحد يمكن أن يتواصل طيلة الليلة، في الموضوع نفسه الخاص بالمناسبة لأن "المناسبة شرط"، برأي السوسي، المتحدث عن أن هذا الشكل، قل حاليا إلا في بعض النزهات في مراكش ومكناس وفاس، لما يتنزه الملحونيون الباقون.
وضمن العادات السائرة للانقراض، استقبال مدرسة الحاج محمد براشد بمولاي إدريس زرهون، لجموع أسبوعية سنوية لعدة شعراء ومنشدي الملحون بالمغرب، وارتيادهم مقهى الشريف سليمان الملقب ب"الحداشي"، إلى درجة أن "اللي ما غناش فدار براشد، بحال يلا ما عمرو غنى".
وضمن الشيوخ الذين كانوا يرتادون تلك الدار والمقهى، التهامي العلوي من الرباط ومحمد بنغانم والشيخ الكربوز من سلا والمعطي لحسوك من مراكش وعبد القادر الزكيري من فاس، والشيخ بنعيسى الدراز من مكناس وعدة شيوخ آخرين من مناطق متفرقة خاصة من تارودانت.
في تلك اللقاءات، كان الجميع يتنافس ويتناقش في أمور هذا الفن ويحيون حفلات، في عادة تقلصت بشكل كبير، يتطلب الالتفاتة على غرار الاهتمام بالبحث الجامعي في هذا الفن والاهتمام ب"شيوخ الكلام" من غير أصحاب الدبلومات، الذين هم "خوابي الخيلع . كلما دليت يديك تلقى قديدة".

الصباح حميد الأبيض (فاس)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
معاني شيوخ الكلام (الحلقة العاشرة)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات دواوين الثقافية و الأدبية :: نسمات زجلية :: قصائد الملحون-
انتقل الى:  
أركان منتديات دواوين الثقافية و الأدبية