منتديات دواوين الثقافية و الأدبية

نقلا عن جريد بيان اليوم ليومه الثلاثاء 22 ماي 2012
قراءة تقييمية من طرف الزجال لحسن باديس حول ديوان الشعر* أيام من خريف العمر* للشاعر حسن خيرة.
صياغة دقيقة للحلم والتعبير عن تجربة ذاتية وجماعية في آن واحد
يُعد ديوانُ الشاعر حسن خيرة من الحجم الصغير، مؤلف من تسع وثمانينَ صفحة، وثمانية وعشرين قصيدة، وقد تم طبعه بالمطبعة السريعة بالقنيطرة. ولوحة غلافه التي تجسد الطبيعة في خريفها دالة على العنوان
الذي يتضمن شقين اثنين: سيرة ذاتية وشعر، رغم أن السيرةَ الذاتيةَ تعتبر جِنْسا أدبيا سرديا معروفا يُقدم عادة بشكل نثري.
تجربةُ الشاعر خيرة في "أيام من خريف العمر"متميزة. ففيها نجد الشعرَ بما هو حديث الروح من أجل التعبير عن دواخل الذات.
لقد وفر لقصائده حلقات تترابط ليُشكلَ كل منها حلقة لها بِناؤها وبِنْيتُها، لكنها تتضافر مع غيرها لتشكيل عالم متكامل: هو عالم "السيرة الذاتي"يسجل مواقفَ من الواقع في مختلف تحولاته، وآثارَ كلِ ذلك على الذات، كما يبدو بجلاء في عنوان الديوان وفقراته.
ولقد وُفق الشاعر في ترجمة" أيام من خريف العمر" على أجزاء قصائد ديوانه. كلُ حلقة لها اسم دال (عنوان) يوهم بأنها بنية مستقلة بذاتها ، ولكنها تفتقر إلى غيرها، إذ ترابطها معها العناوين والبنيات وتجعل منها عالما معماريا متكامل العناصر.
فخريف العمر يظل متصلا بالحالة النفسية المضطربة، والعاجزة عن تنظيمها والنظر فيها من منظورالعقل. وبالتالي، لا نفاجأ في اختيار الشاعر لهذا العنوان ومكوناته التي جاءت لإيصال الصورة التي يراها مناسِبة.
حينما نبحث عن الجسر أو الخيط الذي يربط "أيام خريف العمر" مع سن الشاعر الشاب، نجد أنفسنا أمام بنية عالمها شعر ينبع من واقع الحزن والأسى والألم الذي يجعلنا في النهاية غيرمستبعدين ما يرمز للدفء والحرمان والفقدان. هذه التراكمات المنزوية بداخله جاءت مبررا للتناقض الواضح بينه وبين العنوان من جهة، وبينه وصورةِ الغلاف من جهة أخرى.
ولكن هذا التناقضَ له مبرراته ودلالته الكبرى، تناقض ينقل على عاتقه الصورة الحقيقية لما يريد الشاعر طرحه وعرضه، وهو نابع من القلب (وكل ما هو نابع من القلب يصل بعفوية إلى القلب).
إن ظروف الشاعر الحياتية والسوسيولوجية التي يتقاسمها مع النصف الثاني، لم تسعفه لمسايرة مسار إبداعه تمشيا مع العمر وتجارِبهِ، غير أن الصورةَ واضحة، حيث يكمن اكتمالُها استنادا إلى خواطرَ مبكرة ومعاناة مريرة عاشها مُكرها على أرض الواقع. وهذا في حد ذاته يعتبر رافدا من روافد ما من شأنه أن يوفر مادة دسمة ومرتعا خصبا ينْتُج عنه التلذذ، والتشبع وإفشاء الغليل في الإبداع.
وهذا منطبق على باقي الإبداعات الأدبية وغير الأدبية من فن وقصة ورواية ومسرح وسينما إلى آخره. لأن حقيقة سرد الوقائع تجعل من المتلقي إنسانا يعيش لحظات واقعية تنال استحسانه ورضاه، يتكيف مع أحداث مراحلها ويتقبل بصدر رحب تناقضاتها، وتصوراتها بموضوعية وعفوية .
إن ديوان الشاب حسن خيرة نموذج في الصراحة والبوح الجريء، مرجعيته وأسباب نزوله امرأة بامتياز وشرارتها امرأة، دفعت بالشاعر بل أرغمته بقوة وفرضت عليه اختيار حصة الأسد من العناوين التي تُعنى بالأنثى كجانب ومحرك أساسي في هذا العمل المتكامل.
يبدو وهو يكتب وكأن عنوان القصيدة الموالية يطرق الباب بعنف مطالبا بالتربع على الكرسي الموالي الذي يُعنى بدوره بسيناريو آخرَ سببُ كتابتِهِ امرأة. كما يظهر جليا في العناوين الثمانية عشر التالية من ديوانه:
- الصفحة 27 : غدر ثالث
- الصفحة 28 : شيماء العذاب
- الصفحة 31 : لم أتغير
- الصفحة 36: حب بلا أمل
الصفحة 38: حب كاذب
- الصفحة 40: امرأة من خريف
- الصفحة 43: الأحد الأسود
- الصفحة 47: اعتذار دئب
- الصفحة 55: خُلقت مرتين
- الصفحة 58: أحبك ياسمر
- الصفحة 61: مهلا سيدتي
- الصفحة 70: طلب اللجوء
- الصفحة 77: لم أكن.. فكنتِ..
- الصفحة 79: اللحن الأخير
- الصفحة 65: أتذكرين
- الصفحة 75: رجاء عاشق
- الصفحة 82: بعد الرحيل
وأخيرا
- الصفحة 88: حُبُكِ سيجارة
زد على ذلك كون الشاعر يقوم بالإمضاء في نهاية كل قصيدة قصيدة، حتى تلك التي لم تُعنَ بالمرأة بكتابته في نهاية كل منها وعلى الهامش السفلي "أبو شيماء". وشيماء ها ته هي ابنته التي لا يراها إلا مرة في الأسبوع. وتلك هي في الغالب النقطة التي أفاضت الكأس، وتُرجمت في ثنايا القصيدة المعنونة ب:" شيماء العذاب" حيث يقول :
هل أنجبتم شيماء مثلي
طفلة كزهر العنب
أنفاسها عطر شانيل
ملفوف في أحلى العلب
صوتها لحن زرياب
جمالها نور يضيء ما حوله
سبحان الذي خلق ووهب
هل أنجبتم شيماء مثلي
حبها عذاب
لقاءها عذاب
فراقها عذاب في عذاب
ويزيد قائلا:
هل أنجبتم شيماء مثلي
من امرأة نرجسية شريرة
ترفض الحياة الجميلة ...
آه آه
كم أشتاق لرؤيتك يا ابنتي
لكن لا تكفيني مرة في الأسبوع
لا أعلم كيف حكم القاضي بهذا
وما أظنه إلا رجل ملسوع ... إلى آخر القصيدة
وكأن المرأة لم تغادر ذهنه ولو هنيهة واحدة كما يتجلى ذلك واضحا في بداية الديوان الذي أكد في"الإهداء" انجرافه وانحرافه إلى متاهات ومرارة بطلها النصف الثاني، كما سلف الذكر حيث يقول:
إلى زوجتي الطاهرة العفيفة
التي تحملت معي
الصعاب والمشاق
في تربية الأبناء
إهداء
إلى كل من جرحني
إلى كل من سبب لي الألم
وطعنني في الظهر
لأنه صنع مني شاعرا
ولأن الفن والإبداع
لا يولدان إلا من رحم
الجراح والأحزان
وعلى ذكر صناعة الشاعر، هذا صحيح، لأنه سبق وأن أشار إلى هذا الجانب الفيلسوف والكاتب جان جاك روسو المزداد سنة 1712م بجنيف، من عائلة فرنسية والمتوفى سنة، 1778 الذي لم تستحضرني مقولته في هذا الشأن لكن مفادُها هو كالتالي : من تزوج بامرأة صالحة ذاك ما يتمناه كل زوج، وإن كان العكس وكُتب له العيش مع مشاكسة، عنيدة وشريرة، تجعل منه شاعرا في المقابل. وهذا بالضبط ما انطبق على شاعرنا الطموح حسن خيرة.
لأن الكتابة مَخاض وإلهام، وخصوصا منها النص الشعري الذي يعتبر فيه الإكراه مادة دسمة يوظفها جل الشعراء ويستغلون إطلالتها على قريحتهم وإلهامهم، بل تعتبر فرصة سانحة مستغلة للإبداع بطريقة أكثر تألقا، لأنها نابعة من الواقع المعيش.
وحتى لا أغرق في التفاصيل تاركا للقارئ نشوة الاستمتاع بقصائد الديوان، أشير إلى أن الشاعر كان همه الوحيد إيصالَ رسالته بصرخة شعر سلس. حتى تُفهم دون ما تأويل. الشيء الذي جعله في بعض القصائد ينسى دون أن نقول يتناسى توظيف بعضَ أدوات البلاغة في نظم قصائده باعتبارها أدوات فنية. ترقى بالشعر. وملاحظتي لا تَنقُصُ مما أراد تبليغَه في شيء. وذلك راجع على الأرجح إلى كونه ظل منكبا ومنهمكا في جعل المتلقي يفهمه جيدا، آملا أن يقاسمه همه، وهذا طبعا دون إغفال الشروط المتبقية، ومراعاة التقيد باللازمة منها والضرورية في كتابة النص الشعري المتكامل، مما أضفى الجودة التعبيرية التي تكمن في نظم قصائده الشعرية.
رغم أن للمرأة حضورا قويا كما سبق ذكره. لكن وفي المقابل، لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نتخذ ديوان "أيام من خريف العمر" كمعيار لأعماله المقبلة، لأنه سحابة عابرة لها طابعها الخاص يتعلق بظرفية خاصة طغت عليها علاقته بامرأة. ولعل المستقبل سيحمل لنا جديدا لامحالة.
ختاما وحتى لا أطيل ومعذرة إن كنت قد فعلت، أشير إلى أن ديوان" أيام من خريف العمر" تجربة شعرية بدل الشاعر حسن خيرة فيها جهدا كبيرا فجاء صياغة دقيقة للحلم والبوح والتعبير عن تجربة ذاتية فردية وجماعية في آن واحد، وتلك بعض من مقومات الشعر الحقيقي. حملت في طياتها ازدواجية المكاسب ، تجربة حياة، وتجربة كتابة شعر في بداية مشوار شاعرشاب.
الزجـال لحـسـن بـاديـس

ألف شكر للأستاذ محمودي على نشر هذه القراءة التي قام بها الزجال لحسن باديس مشكورا لديوان الشاعر حسن خيرة.
شكرا جزيلا للزجال لحسن باديس المحترم علىإطلاعنا على هذا الديوان من خلال قراءته المتفحصة له.
فلا يسعني هنا إلا أن أصفق لك سيدي لحسن على جرأتك لتتبع كل كلمة باح بها الشاعر معبرا عن واقع معيش وخاص وبفضل هذه الدراسة تمكنت من معرفة على الأقل ظروف كتابة هذا الديوان ,أما إصدار كلمة في حقه فهذا يتطلب مني قراءة الديوان وأكون سعيدة جدا لو حصلت عليه لأن دراسة النصوص هي مبتغاي وبفضلها أغوص في ثنايا النص المكتوب .
ومرة أخرى شكرا لما قدمته هنا

أولا أتقدم بالشكر لأخي الطيب والودود سيدي سعيد محمودي على نشر هده القراءة التقييمية التي لم أكن أتوقع نشراها في منتدى دواوين..
في الحقيقة كل ماقمت به من أعمال في المجال الثقافي بمافيه هذه القراءة التقييمية لديوان الشعر- أيام من خريف- لمؤلفه حسن خيرة والمكتوب باللغة الفصحى، ماهو إلا ثمرة تشجيعات أمثالك لي ياأختي الكريمة الأستاذة النمودج، والشاعرة الفدة حفيضة نسيم. أشكرك كثيرا وأحييك من هذا المنبر، راجيا من الله جل جلاله أن يحفظك ويرعاك و يسدد خطاك .

سعيد محمودي كتب:: نقلا عن جريد بيان اليوم ليومه الثلاثاء 22 ماي 2012
قراءة تقييمية من طرف الزجال لحسن باديس حول ديوان الشعر* أيام من خريف العمر* للشاعر حسن خيرة.
صياغة دقيقة للحلم والتعبير عن تجربة ذاتية وجماعية في آن واحد
يُعد ديوانُ الشاعر حسن خيرة من الحجم الصغير، مؤلف من تسع وثمانينَ صفحة، وثمانية وعشرين قصيدة، وقد تم طبعه بالمطبعة السريعة بالقنيطرة. ولوحة غلافه التي تجسد الطبيعة في خريفها دالة على العنوان
الذي يتضمن شقين اثنين: سيرة ذاتية وشعر، رغم أن السيرةَ الذاتيةَ تعتبر جِنْسا أدبيا سرديا معروفا يُقدم عادة بشكل نثري.
تجربةُ الشاعر خيرة في "أيام من خريف العمر"متميزة. ففيها نجد الشعرَ بما هو حديث الروح من أجل التعبير عن دواخل الذات.
لقد وفر لقصائده حلقات تترابط ليُشكلَ كل منها حلقة لها بِناؤها وبِنْيتُها، لكنها تتضافر مع غيرها لتشكيل عالم متكامل: هو عالم "السيرة الذاتي"يسجل مواقفَ من الواقع في مختلف تحولاته، وآثارَ كلِ ذلك على الذات، كما يبدو بجلاء في عنوان الديوان وفقراته.
ولقد وُفق الشاعر في ترجمة" أيام من خريف العمر" على أجزاء قصائد ديوانه. كلُ حلقة لها اسم دال (عنوان) يوهم بأنها بنية مستقلة بذاتها ، ولكنها تفتقر إلى غيرها، إذ ترابطها معها العناوين والبنيات وتجعل منها عالما معماريا متكامل العناصر.
فخريف العمر يظل متصلا بالحالة النفسية المضطربة، والعاجزة عن تنظيمها والنظر فيها من منظورالعقل. وبالتالي، لا نفاجأ في اختيار الشاعر لهذا العنوان ومكوناته التي جاءت لإيصال الصورة التي يراها مناسِبة.
حينما نبحث عن الجسر أو الخيط الذي يربط "أيام خريف العمر" مع سن الشاعر الشاب، نجد أنفسنا أمام بنية عالمها شعر ينبع من واقع الحزن والأسى والألم الذي يجعلنا في النهاية غيرمستبعدين ما يرمز للدفء والحرمان والفقدان. هذه التراكمات المنزوية بداخله جاءت مبررا للتناقض الواضح بينه وبين العنوان من جهة، وبينه وصورةِ الغلاف من جهة أخرى.
ولكن هذا التناقضَ له مبرراته ودلالته الكبرى، تناقض ينقل على عاتقه الصورة الحقيقية لما يريد الشاعر طرحه وعرضه، وهو نابع من القلب (وكل ما هو نابع من القلب يصل بعفوية إلى القلب).
إن ظروف الشاعر الحياتية والسوسيولوجية التي يتقاسمها مع النصف الثاني، لم تسعفه لمسايرة مسار إبداعه تمشيا مع العمر وتجارِبهِ، غير أن الصورةَ واضحة، حيث يكمن اكتمالُها استنادا إلى خواطرَ مبكرة ومعاناة مريرة عاشها مُكرها على أرض الواقع. وهذا في حد ذاته يعتبر رافدا من روافد ما من شأنه أن يوفر مادة دسمة ومرتعا خصبا ينْتُج عنه التلذذ، والتشبع وإفشاء الغليل في الإبداع.
وهذا منطبق على باقي الإبداعات الأدبية وغير الأدبية من فن وقصة ورواية ومسرح وسينما إلى آخره. لأن حقيقة سرد الوقائع تجعل من المتلقي إنسانا يعيش لحظات واقعية تنال استحسانه ورضاه، يتكيف مع أحداث مراحلها ويتقبل بصدر رحب تناقضاتها، وتصوراتها بموضوعية وعفوية .
إن ديوان الشاب حسن خيرة نموذج في الصراحة والبوح الجريء، مرجعيته وأسباب نزوله امرأة بامتياز وشرارتها امرأة، دفعت بالشاعر بل أرغمته بقوة وفرضت عليه اختيار حصة الأسد من العناوين التي تُعنى بالأنثى كجانب ومحرك أساسي في هذا العمل المتكامل.
يبدو وهو يكتب وكأن عنوان القصيدة الموالية يطرق الباب بعنف مطالبا بالتربع على الكرسي الموالي الذي يُعنى بدوره بسيناريو آخرَ سببُ كتابتِهِ امرأة. كما يظهر جليا في العناوين الثمانية عشر التالية من ديوانه:
- الصفحة 27 : غدر ثالث
- الصفحة 28 : شيماء العذاب
- الصفحة 31 : لم أتغير
- الصفحة 36: حب بلا أمل
الصفحة 38: حب كاذب
- الصفحة 40: امرأة من خريف
- الصفحة 43: الأحد الأسود
- الصفحة 47: اعتذار دئب
- الصفحة 55: خُلقت مرتين
- الصفحة 58: أحبك ياسمر
- الصفحة 61: مهلا سيدتي
- الصفحة 70: طلب اللجوء
- الصفحة 77: لم أكن.. فكنتِ..
- الصفحة 79: اللحن الأخير
- الصفحة 65: أتذكرين
- الصفحة 75: رجاء عاشق
- الصفحة 82: بعد الرحيل
وأخيرا
- الصفحة 88: حُبُكِ سيجارة
زد على ذلك كون الشاعر يقوم بالإمضاء في نهاية كل قصيدة قصيدة، حتى تلك التي لم تُعنَ بالمرأة بكتابته في نهاية كل منها وعلى الهامش السفلي "أبو شيماء". وشيماء ها ته هي ابنته التي لا يراها إلا مرة في الأسبوع. وتلك هي في الغالب النقطة التي أفاضت الكأس، وتُرجمت في ثنايا القصيدة المعنونة ب:" شيماء العذاب" حيث يقول :
هل أنجبتم شيماء مثلي
طفلة كزهر العنب
أنفاسها عطر شانيل
ملفوف في أحلى العلب
صوتها لحن زرياب
جمالها نور يضيء ما حوله
سبحان الذي خلق ووهب
هل أنجبتم شيماء مثلي
حبها عذاب
لقاءها عذاب
فراقها عذاب في عذاب
ويزيد قائلا:
هل أنجبتم شيماء مثلي
من امرأة نرجسية شريرة
ترفض الحياة الجميلة ...
آه آه
كم أشتاق لرؤيتك يا ابنتي
لكن لا تكفيني مرة في الأسبوع
لا أعلم كيف حكم القاضي بهذا
وما أظنه إلا رجل ملسوع ... إلى آخر القصيدة
وكأن المرأة لم تغادر ذهنه ولو هنيهة واحدة كما يتجلى ذلك واضحا في بداية الديوان الذي أكد في"الإهداء" انجرافه وانحرافه إلى متاهات ومرارة بطلها النصف الثاني، كما سلف الذكر حيث يقول:
إلى زوجتي الطاهرة العفيفة
التي تحملت معي
الصعاب والمشاق
في تربية الأبناء
إهداء
إلى كل من جرحني
إلى كل من سبب لي الألم
وطعنني في الظهر
لأنه صنع مني شاعرا
ولأن الفن والإبداع
لا يولدان إلا من رحم
الجراح والأحزان
وعلى ذكر صناعة الشاعر، هذا صحيح، لأنه سبق وأن أشار إلى هذا الجانب الفيلسوف والكاتب جان جاك روسو المزداد سنة 1712م بجنيف، من عائلة فرنسية والمتوفى سنة، 1778 الذي لم تستحضرني مقولته في هذا الشأن لكن مفادُها هو كالتالي : من تزوج بامرأة صالحة ذاك ما يتمناه كل زوج، وإن كان العكس وكُتب له العيش مع مشاكسة، عنيدة وشريرة، تجعل منه شاعرا في المقابل. وهذا بالضبط ما انطبق على شاعرنا الطموح حسن خيرة.
لأن الكتابة مَخاض وإلهام، وخصوصا منها النص الشعري الذي يعتبر فيه الإكراه مادة دسمة يوظفها جل الشعراء ويستغلون إطلالتها على قريحتهم وإلهامهم، بل تعتبر فرصة سانحة مستغلة للإبداع بطريقة أكثر تألقا، لأنها نابعة من الواقع المعيش.
وحتى لا أغرق في التفاصيل تاركا للقارئ نشوة الاستمتاع بقصائد الديوان، أشير إلى أن الشاعر كان همه الوحيد إيصالَ رسالته بصرخة شعر سلس. حتى تُفهم دون ما تأويل. الشيء الذي جعله في بعض القصائد ينسى دون أن نقول يتناسى توظيف بعضَ أدوات البلاغة في نظم قصائده باعتبارها أدوات فنية. ترقى بالشعر. وملاحظتي لا تَنقُصُ مما أراد تبليغَه في شيء. وذلك راجع على الأرجح إلى كونه ظل منكبا ومنهمكا في جعل المتلقي يفهمه جيدا، آملا أن يقاسمه همه، وهذا طبعا دون إغفال الشروط المتبقية، ومراعاة التقيد باللازمة منها والضرورية في كتابة النص الشعري المتكامل، مما أضفى الجودة التعبيرية التي تكمن في نظم قصائده الشعرية.
رغم أن للمرأة حضورا قويا كما سبق ذكره. لكن وفي المقابل، لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نتخذ ديوان "أيام من خريف العمر" كمعيار لأعماله المقبلة، لأنه سحابة عابرة لها طابعها الخاص يتعلق بظرفية خاصة طغت عليها علاقته بامرأة. ولعل المستقبل سيحمل لنا جديدا لامحالة.
ختاما وحتى لا أطيل ومعذرة إن كنت قد فعلت، أشير إلى أن ديوان" أيام من خريف العمر" تجربة شعرية بدل الشاعر حسن خيرة فيها جهدا كبيرا فجاء صياغة دقيقة للحلم والبوح والتعبير عن تجربة ذاتية فردية وجماعية في آن واحد، وتلك بعض من مقومات الشعر الحقيقي. حملت في طياتها ازدواجية المكاسب ، تجربة حياة، وتجربة كتابة شعر في بداية مشوار شاعرشاب.
الزجـال لحـسـن بـاديـس

أتقدم بالشكر لأخي الطيب والودود سيدي سعيد محمودي على نشر هده القراءة التقييمية التي لم أكن أتوقع نشراها في منتدى دواوين..

» دعوة عامة لحفل توقيع *ديوان مشموم الهم *للشاعر والزجال حسن خيرة بسلا
» قراءة في الديوان الشعر الشعبي "خلي لكلام عزري"
» قراءة في الديوان :" خلي لكلام عزري" للشاعر المراكشي عبد السلام البوعليوي
» قراءة في ديوان :هل سيعود ؟ للشاعرة مليكة كباب
» قراءة في ديوان" الرحيل ف شون الخاطر" للزجال احميدة بلبالي