بعدما هاتفتها ، طلبت رؤيتها ، وافقت بسرعة ، خرجنا في نزهة ، قصدنا الحديقة ثم شاطئ البحر ، بعدها اشترينا بعض الفشار ولم تنطق بكلمة ، لم أشأ أنا أيضا أن أزعجها ، فبعد وفاة أخيها تحن فقط للأحزان والصمت والبكاء ، كامرأة تستقبل آخر من يعلم بوفاة والدها ، تقبل عليه وتحضنه لأنها تعلم أنها ستفرغ على صدره من الدموع ما يمكنها من إخماد نار الفراق ، ... جلسنا فوق كرسي في شارع عريض ، لمست بعضا من خصال شعرها ، رفعت بصرها نحوي ، وجدتني أحملق في وجهها ، حنت رأسها ثم بدأت بالبكاء ... مسحت دموعها وقالت : لا أدري لم لا زلت تتحملني ، لكنه أخي ، أخي الذي عشت معه منذ نعومة أظافري ، كان دائما إلى جانبي ، في إحدى المرات ولمجرد الضحك ، اختبئ في ركن من حديقة المنزل ، ثم طلب مني أن أخبر والدتي أنه سقط من أعلى الشجرة ، وأن ذراعه كسرت ، كان ذلك ما فعلت ، كنا صغري السن ، وأنت تعلم أنه حينها لا ندري مالذي قد يترتب عن ذلك ، أسرعت أمي وهي تبكي ، قفز من مكانه وهو يضحك بهستيريا ، حضنته أمي ، طبعا كنا ننتظر منها توبيخنا ، لكنها لم تتوقف عن البكاء ، لم أفهم مالذي حصل لأمي ، لكن الأن أشعر بتلك الأحاسيس المؤلمة ، الإفتقاد ... ، الفراق ... ، لذلك يصعب علي الخروج من دوامة الحزن هاته التي تتملكني ، سامحني أرجوك ، ... وضعت رأسها على صدري وحضنتني بقوة ، حضنتها بدوري وسكبت على ثيابي دموعا لا أول لها ولا آخر ..